صرمت سعيدة ودها وخلالها
أبيات قصيدة صرمت سعيدة ودها وخلالها لـ عروة بن أذينة

صَرَمَت سُعَيدَةُ وُدَّها وَخِلالَها
مِنّا وَأَعجَبَها البِعادُ فَما لَها
سَمِعَت مِن الواشي البَعيدِ بِصُرمِنا
قَولاً فَأَفسَدَها وَغَيَّرَ حالَها
وَإِذا المَوَدَّةُ لَم تَكُن مَصدوقَةً
كَرِه اللَبيبُ بِعَقلِهِ اِستِقبالَها
وَلَقد بَلَوتُ وَما تَرى مِن لِذَّةٍ
في العَيشِ بَعدَكَ قُربَها وَوِصالَها
عَصرَ الشَبابِ وَما تُجِدُّ مَوَدَّةً
لِلغانِياتِ وَلا هَوىً إِلّا لَها
حَتّى رَأَينا لِلصَريمَةِ آيَةً
مِثلَ النَهارِ وَعَدَّدَت أَشغالَها
وَتَجَرَّمَت عِلَلُ الذُنوبِ فَأَصبَحَت
قَد زايَلَتكَ وَزَوَّدَتكَ خَبالَها
وَطَوَت حِبالاً مِن حِبالِكَ بَعدَما
وَصَلَت بِهِ أُخرى الزَمانِ حِبالَها
حَوراءُ واضِحَةٌ تَزالُ صَبابَةً
ما عِشتَ تَذكُرُ حُسنَها وَجَمالَها
وَحَديثَها الحَسَنُ الجَميلُ وَعَقلَها
ذاكَ الأَصيلُ إِذا أَرَدتَ مِحالَها
وَمَقالَها في الكاشِحينَ فَأَوشَكَت
ما نُسِّيَت في الكاشِحينَ مَقالَها
وَغَدايِرٌ سودٌ لَها وَمُقَلَّدٌ
بيضٌ تُرايِبُهُ يُنيفُ شِكالَها
وَأَغَرُّ مِثلُ البَدرِ زانَ أَسالَةً
مِنهُ مَحاسِنُ لا تُعَدُّ خِصالُها
وَمُفَلَّجٌ خَصِرُ الغُروبِ وَمُضمَرٌ
خَلّى لأَثناءِ الوِشاحِ مَجالَها
وَعَجيزَةٌ نَفجٌ وَساقٌ خَدلَةٌ
بَيضاءُ تَفصِمُ كَظَّةً خَلخالَها
عِشنا بِه زَمناً كَظِلِّ سَحابَةٍ
مَرَّت وَلَم يَنفَعكَ شَيمُكَ خالَها
وَبِلا وَلا وَلَقَد وَحَتّى مَرَّةً
تَقريبَها وَبِعادها وَمِطالَها
تَدنو فَتُطمِع ثُمَّ تَصرِفُ قَولَها
يَأساً فَيَقطَعُ صُرمُها إِجلالَها
تَلقى بِها عِندَ الدُنُوِّ زَمانَةً
وَتُريكَ ما شَحَطَ المَزارُ خَيالَها
طَيفٌ إِذا لَم يَدنُ مِنكَ رَأَيتَه
في زَيِّها مُتَمَثِّلاً تِمثالَها
وَيَزيدُها أَيضاً عَلَيَّ كَرامَةً
أَنّي وَرَبِّكَ لا أَرى أَمثالَها
إِن تُمسِ ساليَةً وَلَيسَ بِذِكرِها
كَلَفاً أَخافُ بِهَجرِيَ اِستِقتالَها
فَلَقَد بَكَتها العَينُ حيناً كُلَّما
ذَكَرَت سُعَيدَةَ راجَعَت تَهمالَها
مَعنِيَّةً تَذري الدُموعَ صَبابَةً
بَعدَ العَزاءِ تَرى البُكا أَشفى لَها
وَاليَأسُ أَحسَنُ مِن رَجاءِ كاذِبٍ
إِذ لَم يَكُن وَصلُ الصَديقِ بَدا لَها
وَيلُ أُمِّها لَولا التَنَقُّصُ خُلَّةً
لَو كانَ اِقطَعَها البِعادُ وَهالَها
كانَت عَلى رَأيٍ فَأَصبَحَ كاشِحٌ
عَن رَأيِها في الكاشِحَينِ أَزالَها
مِنهُم لَها دونَ الصَديقِ بِطانَةٌ
نَرجوهُمُ لِيَعولَهُم ما عالَها
أَنّي وَكَيفَ لَها بِذلِكَ بَعدَما
غالَ المَوَدَّةَ عِندَما ما غالَها
وَأَتَت رِضى أَعدائِها بِصَديقِها
عَمداً لِتَقطَعَ وُدّها وَدَلالَها
بَل هَل عَرَفتَ لَها الدِيارَ بِناعِقٍ
مَعفُوَّةً لَبِسَ البِلى أَطلالَها
وَتَناءَجَت فيها البَوارِحُ كُلَّما
راحَت تَحِنُّ تَعَسَّفَت أَذيالَها
تَعفو الصَبا ذَيلَ الدَبورِ وَتارَةً
يَدعو لَها نَفسُ الجَنوبِ شَمالَها
يَسهُكنَ أَمثالَ الرَوائِمِ وُلَّها
فَقَدَت فَرَجَّعَتِ الحَنينَ فِصالَها
في كُلِّ مَنزِلَةٍ لَعِبنَ بِدِمنِها
وَخَلَصنَ إِذ خَفَّ الدُقاقُ جُلالَها
وَنخَلنَها نَخلَ الطَحينِ مُقيمَةً
كُلُّ الرِياحِ تُعيرُها غِربالَها
ثُمَّ اِستَعَنَّ عَلى الدِيارِ مُخيلَة
حَلَّت عَلى عَرَصاتِها أَثقالَها
دَهماءُ واهِيَةُ الكُلى بَحرِيَّةٌ
نَحَرَت بِها المُستَمطِراتُ هِلالَها
فَإِذا يَمُرُّ لَها حَبِيُّ زاخِرٌ
بِالدارِ جادَ بِوَبلِهِ فَأَسالَها
فَتَرَكنَها صَلدى العِراصِ وَطَلَّقَت
أَدبارَها وَرَواجِعاً أَقبالَها
فَتَظَلُّ تَعرِفُ ما عَرِفتَ تَوَهُّماً
مِنها وَتُنكِرُ واقِفاً أَبدالَها
مُتَبَلِّداً بَعدَ الأَنيسِ وَلا تَرى
إِلّا الوُحوشَ يَمينَها وَشِمالَها
عيناً مُخَدَّمَةَ الشَوا وَكَأَنَّها
بُلقُ السَوابِقِ كَشَّفَت أَجلالَها
وَعَواطِفَ الأَرآمِ تُزجى خُذَلاً
فيهَ سَواكِنُ بِالرُبا أَطفالَها
مِن كُلِّ واضِحَةِ السَراةِ فَريدَةٍ
في رَوضَةٍ أُنُفٍ تَمُجُّ ظِلالَها
وَجدايَةٍ مِثلِ السَبيكَةِ نَوَّمَت
في عازِبٍ مَرِحِ النَباتِ غَزالَها
وَسَنانَ خَرَّ مِن النُعاسِ كَأَنَّما
أُسقي المُدامَةَ لا يَرُدُّ فِضالَها
صَهباءَ مِن زَبَدِ الكُرومِ تَبالَغَت
في عَقلِهِ مُتَصَرِّفاً جِريالَها
يَرعَينَ كُلَّ خَميلَةٍ وَسَرارَةٍ
وَضَعَت بِها خَلفَ الرَبيعِ سِخالَها
وَتَرى بِها رُبدَ النَعامِ كَأَنَّها
جوفُ الخِيامِ هَوى الثُمامُ خِلالَها
مِن كُلِّ أَزعَرَ نِقنِقٍ وَنَعامَةٍ
تَقرو بِرَعلَتِها الصِغارِ رِمالَها
مِثلِ الجَهامَةِ كُلَّما خَلَفَت لَها
أَرَجُ العَشِيَّةِ راجَعَت إِجفالَها
زُعرٌ مُخَرَّجَةُ الزُفوفِ وَرَبُّها
في الرَأيِ خِفَّةَ حِلمِها وَضَلالَها
وَالعونُ تَنتَجِعُ الفَلاةَ فَأَضمَرَت
مِنها البُطونَ وَأَعرَضَت أَكفالَها
قُبٌّ مُحَملَجَةٌ طَوى أَقرابَها
جَريُ الفُحولِ بِها وَهَذَّبَ آلَها
يَنفي الجِحاشَ وَلا يُقارِبُ عوذَها
إِلّا الشَماعُ وَيَستَحِثُّ حِيالَها
فَإِذا أَرَنَّ بِها شَنونٌ قارِحٌ
تَرَكَت لِشِرَّتِها الخِفافُ ثِقالَها
وَإِذا أَرادَ الوِردَ هاجَ بِلَفِّهِ
عُنفَ الأَجيرِ عَلى القِلاصِ دَنا لَها
يَضرِبنَ صَفحَةَ وَجهِهِ وَجَبينَهُ
في ا لرَوعِ قَد وَسَقَت لَهُ أَحمالَها
إِلّا أَوارِنَ كُلِّ بَكرٍ عايِطٍ
تَهدي لِمُستَنِّ الرِياحِ نِسالَها
أَلقَت عَقيقَةً شَتوَةٍ عَن لَونِها
قَبلَ المَصيفِ فَخَرَّقَت سِربالَها
هذا وُمُهلِكَةٍ تُرَقِّصُ شَمسُها
كَالرَجعِ في رَهجِ الوَديقَةِ آلَها
غَبراءُ دَيمومٌ يَحارُ بِها القَطا
عُصباً يُفَرِّقُ بُعدُها أَرسالَها
جاوزتُها بِهِبابِ ذاتِ بُرايَةٍ
ضَمَّت عُرى عُقَدِ النُسوعِ مَحالَها
سُرُحٍ إِذا رُمِيَت بِها مَجهولَةٌ
مَرتُ المَنازِلِ فارَقَت أَميالَها
في كُلِّ خاشِعَةِ الحُزونِ مُضِلَّةٍ
كَالتُرسِ تَعسِفُ سَهلَها وَجِيالَها
تَهدي مَواعِجَ قَد أَضَرَّ بِها الوَجى
بَعدَ المَراحِ وَأَعمَلَت أَعمالَها
يَخبِطنَ في الخَرقِ البَعيدِ إِذا وَهَت
أَخفافُهُنَّ مِن السَريحِ نِعالَها
فَإِذا بَدَت أَعلامُ أَرضٍ جاوَزَت
أَعلامَها فَرَمَت بِها أَهوالَها
حَتّى رَجِعتُ بِها وَقَد أَكلَلتُها
لاقى إِرانَ مُطَرَّدٍ أَكلالَها
مِثلُ الشِجارِ حُشاشَةً مَنهوكَةً
قَد كانَ ذلِكَ قَيدَها وَعِقالَها
إِنّي اِمرؤٌ أَقري الهُمومَ صَرامَةً
وَأَقوتُ شَحمَ ذُرى المطِيِّ رِحالَها
وَلَرُبَّ حيلَةِ حازِمٍ ذي هُوَّةٍ
يَسَّرتُها وَلِحازِمٌ ما اِحتالَها
وَمَقالَةٍ في مَوطِنٍ ذي مَأقِطٍ
طَبَّقتُ مَفصِلَها وَمِرتُ عِيالَها
وَلَرُبَّ حُجَّةِ خَصمِ سَوءِ ظالِمٍ
حَنيقٍ عَلَيَّ مَنَحتُهُ إِبطالَها
وَمُكارِمٍ سَمحٍ بَذَلتُ كَرامَةً
يَوماً لَه وَقفِيَّةً ما سالَها
وًمُعالِجِ الشَحناءِ قَد أَلجَمتُهُ
نِكلاً وَأُسرَتَهُ فَكانَ نِكالَها
وَلَرَبِّ قافِيَةٍ تَكادُ حَذَوتُها
تَلقى بِخَيرٍ سائِلاً مَن قالَها
أَرسَلتُها مِثلَ الشَهابِ غَريبَةً
لا تَستَطيعُ رُواتُها إِرسالَها
وَلَئِن سَأَلتَ بِيَ العَشيرَةَ مَرَّةً
أَحبارَها العُلَماءَ أَو أَقيالَها
لِتُنبِئَنَّكَ أَنَّني ذو مَأقِطٍ
أَنّي إِذا اللَحِنُ الصَليبُ دَعا لَها
وَلِيُثنِيَنَّ عَلَيَّ مِنهُم صادِقٌ
خَيراً وَمَحمَدَةً تُعَدُّ فَعالُها
وَلِتَلقِيَنّي لا ذَكَرتُ نِساءَها
ذِكرَ اللئيمِ وَلا شَتَمتُ رِجالَها
فَلتَجرِ بَعدُ الحادِثاتُ بِما جَرَت
وَلِتَجرِيَنَّ كَحالِها أَولى لَها
شرح ومعاني كلمات قصيدة صرمت سعيدة ودها وخلالها
قصيدة صرمت سعيدة ودها وخلالها لـ عروة بن أذينة وعدد أبياتها أربعة و ثمانون.
عن عروة بن أذينة
عروة بن يحيى بن مالك بن الحارث الليثي. شاعر غزل مقدم، من أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضاً، ولكن الشعر أغلب عليه. وهو القائل: لقد علمت وما الإسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني أسعى إليه فيعييني تَطلبه ولو قعدت أتاني لا يعنيني[١]
تعريف عروة بن أذينة في ويكيبيديا
أبو عامر عروة بن أذينة الليثي الكناني تابعي جليل وشاعر غزل وفخر وشريف مقدم من شعراء المدينة المنورة وهو معدود في الفقهاء والمحدثين وأحد ثقات أصحاب حديث رسول الله سمع من ابن عمر وروى عنه مالك بن أنس في الموطأ وعبيد الله بن عمر العدوي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ عروة بن أذينة - ويكيبيديا