صورة خصوصية جداً من أرشيف السيدة م

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة صورة خصوصية جداً من أرشيف السيدة م لـ نزار قباني

1
الركبة الملساءُ .. والشفة ُ الغليظة ُ ..
والسراويلُ الطويلة ٌ والقصيرهْ
إني تعبتُ من التفاصيل الصغيرهْ ..
ومن الخطوط المستقيمةِ .. والخطوط المستديرهْ ...
وتعبتُ من هذا النفير العسكريِّ
إلى مُطارحة الغرامْ
النهدُ .. مثلُ القائد العربيّ يأمرني :
تقدمْ للأمامْ ..
والفلفلُ الهنديّ في الشفتين يهتفُ بي :
تقدمْ للأمامْ ..
والأحمرُ العنبيُّ فوق أصابع القدمين ِ .. يصرخُ بي
تقدمْ للأمامْ ..
إني رفعتُ الراية َ البيضاءَ , سيدتي , بلا قيدٍ ولا شرطٍ
ومفتاحُ المدينة تحت أمركِ ..
فادخليها في سلامْ ..
جسدي المدينة ُ ..
فادخلي من أيّ بابٍ شئتِ أيتها الأميرهْ ..
وتصرفي بجميع ما فيها .. ومن فيها ...
وخليني أنامْ ..
2
الركبة ُ البيضاءُ .. والحمراءُ .. والخضراءُ
كيف أميزُ الألوانَ ؟
إن زجاجة الفودكا تحيلُ ثقافتي صفراً ..
وترجعني إلى جهل العشيرهْ ..
وتضخم الإحساسَ بالأشياءِ ..
ترميني عليكِ كأنكِ الأنثى الأخيرهْ ..
3
مايا تغني - وهي تحت الدوش ِ - أغنية ً من اليونان رائعة ً ..
وتضحكُ دونما سببٍ ..
وتغضبُ دونما سببٍ
وترضى دونما سببٍ
ويدخلُ نهدها الذهبيُّ في لحم المرايا ..
مايا تناديني ..
لأعطيها مناشفها ..
وأعطيها مكاحلها ..
وأعطيها خواتمها الملونة َ الثيرهْ
مايا تقولُ بأنها لم تبلغ ِ العشرينَ بعدُ ..
وأنها ما قاربتْ أحداً سوايا ...
وأنا أصدّقُ كلّ ما قالَ النبيذُ ..
وكلّ ما قالتهُ مايا ..
4
مايا على ( الموكيتْ ) حافية ٌ ..
وتطلبُ أن أساعدها على ربط الضفيرهْ
وأنا أواجهُ ظهرها العاري ..
كطفل ٍ ضائع ٍ ما بين آلاف الهدايا ..
الشمسُ تشرقُ دائماً من ظهر مايا ...
5
من أين أبدأ رحلتي ؟
والبحرُ من ذهبٍ .. ومن زغبٍ ..
وحولَ عمودها الفقريِّ أكثرُ من جزيرهْ
منْ يا ترى اخترعَ القصيدة َ والنبيذَ وخصرَ مايا ...
مايا لها إبطان يخترعان ِ عطرهما ..
ويكتشفان رائحة َ الطريدهْ ..
مايا تسافرُ في انحناءات النبيذِ ..
وفي انحناءاتِ الشعور ..
وفي إضاءاتِ القصيدهْ ...
وأنا أسافرُ في أنوثتها وضحكتها ..
وأرسو كلَّ ثانيةٍ على أرض ٍ جديدهْ ..
مايا تقولُ بأنني الذكرُ الوحيدُ ..
وإنها الأنثى الوحيدهْ ..
وأنا أصدق كلّ ما قال النبيذُ ....
وكلّ ما قالتهُ مايا ...
6
مايا لها نهدان ِ شيطانان ِ همهما مخالفة ُ الوصايا .
مايا مخرّبة ٌ .. وطيبة ٌ ..
وماكرة ٌ .. وطاهرة ٌ ..
وتحلو حين ترتكبُ الخطايا ...
الحرُّ في تموزَ يجلدني على ظهري ..
فكيف يمارسُ الإنسان فنّ الحبّ في غِزّ الظهيرهْ ؟
والموتَ في عِزّ الظهيرهْ .؟
7
مايا وراء ستارة الحمام واقفة كسنبلةٍ ..
وتروي لي النوادرَ والحكايا ..
وأنا أرى الأشياءَ ثابتة ً .. ومائلة ً ..
وحاضرة ً .. وغائبة ً ..
وواضحة ً.. وغامضة ً ..
فتخذلني يدايا ..
مايا مبللة ٌ وطازجة ٌ كتفاح ِ الجبال ِ ..
وعند تقاطع الخلجان قد سالتْ دمايا ..
مايا تكررُ أنها ما لامستْ أحداً سوايا ..
وأنا أصدق كلّ ما قالَ النبيذُ ..
ونصفَ ما قالتهُ مايا ..
8
مايا مهيأة ٌ كطاووس ٍ ملوكيّ ..
وزهرة ِ جلنارْ ..
مايا تفتش عن فريستها كأسماك البحارْ ..
فمتى سأتخذ القرارْ ؟
9
هذي شواطئُ حضرموتَ ..
وبعدها .. تأتي طريقُ الهندِ ..
إنّ مراكبي داختْ ..
وبين الطحلب البحري والمرجان ِ ..
تنفتحُ احتمالاتٌ كثيرهْ ..
ماذا اعتراني ؟
إن أفريقيا على مرمي يدي ..
ومجاهلُ البنغال أخطرُ من خطيرهْ ..
مايا تناديني ..
فتنفجرُ المعادنُ ..
والفواكهُ ..
والتوابلُ ..
والبهارْ ..
هذا النبيذ ُ أساءَ لي جداً ...
وأنساني بداياتِ الحوارْ ..
فمتى سأتـّخذُ القرارْ .؟
10
مايا تـُغني من مكان ما ..
ولا أدري على التحديد أينَ مكانُ مايا ..
كانتْ وراءَ ستارة الحمام ساطعة ً كلؤلؤةٍ ..
وحوّلها النبيذ ُ إلى شظايا ...
11
مايا تقولُ بأنها امرأتي ..
ومالكتي ..
ومملكتي ..
وتحلفُ أنها ما ضاجعتْ أحداً سوايا ..
وأنا أصدقُ كلّ ما قالَ النبيذ ُ ..
ورُبعَ ما قالته مايا ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي