عزف منفرد على الطبلة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة عزف منفرد على الطبلة لـ نزار قباني

1
الحاكمُ يَضْرِبُ بالطَبْلَهْ
وجميعُ وزارت الإعلام تَدُقُّ على ذاتِ الطبلَهْ
وجميعُ وكالاتِ الأنباء تُضَخِّمُ إيقاعَ الطَبْلَهْ
والصحفُ الكُبْرى.. والصُغْرَى
تعمل أيضاً راقصةً
في ملهى تملكهُ الدولَهْ!.
لا يُوجَدُ صَوْتٌ في المُوسيقى
أردأُ من صَوْت الدولَهْ!!.

2
الطرب الرسمي سياع على العربات
مثلَ السَرْدينِ..
ومثلَ الشاي..
ومثل حُبُوب الحَمْلِ..
ومثلَ حُبُوب الضَغْطِ..
ومثلَ غيار السيّاراتْ
الكّذِبُ الرسميُّ يُبثُّ على كُلِّ الموجاتْ..
وكلامُ السلطة برَّاقٌ جداً..
كثيابِ الرقَّاصاتْ...
لا أحدٌ ينجُو من وصْفَات الحُكْمِ ،
وأدويةِ السُلْطَهْ..
فثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ الأكلْ
وثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ صلاة الظُهْرْ
وثلاثُ ملاعقَ بَعْدَ صلاةِ العصرْ
وثلاثُ ملاعقَ.. قَبْلَ مراسيم التشييع ،
وقبل دُخُول القبرْ..
هل ثمّةَ قَهْرٌ في التاريخ كهذا القهرْ ؟
الطَبْلةُ تخترقُ الأعصابَ،
فيا ربّي : ألْهِمْنَا الصبرْ..

3
الدولة تحسن أليف الكلمات
وتُجيدُ النَصْبَ.. تجيد الكَسْرَ..
تجيدُ الجرَّ..
تجيد استعراض العضلات
لا يوجدُ شعرٌ أردأُ من شِعْرِ الدولَهْ
لا يوجدُ كَذِبٌ أذكى من كَذِبِ الدولَهْ..
صُحُفٌ. أخبارٌ. تعليقاتْ
خُوَذٌ لامعةٌ تحت الشمسِ،
نجومٌ تبرق في الأكتافِ،
بنادقُ كاذبةُ الطَلَقَاتْ..
وطنٌ مشنوقٌ فوق حبال الأنتيناتْ
وطنٌ لا يعرفُ من تقنية الحرب سوى الكلماتْ
وطنٌ ما زالَ يذيعُ نشيدَ النَصْر على الأمواتْ..

4
الدولةُ منذ بداية هذا القرن تعيدُ تقاسيمَ الطبلَهْ
"العدل أساس الملك"
"الشُورى – بين الناس – أساسُ الملكْ"
"الشعبُ – كما نصَّ الدستورُ – أساسُ الملكْ"
يا رب الكون شبعنا من ضرب الطبلة
لا أَحَدٌ يرقُصُ بالكلمات سوى الدولَهْ..
لا أحدٌ يَزْني بالكلماتِ،
سوى الدولَهْ!!
"القَمْعُ أساسُ الملكْ"
"شَنْقُ الإنسان أساسُ الملكْ"
"حكمُ البوليس أساسُ الملكْ"
"تأليه الشخص أساس الملك"
"تجديدُ البَيْعَة للحكَّام أساسُ الملكْ"
"وضْعُ الكلمات على الخَازُوقِ
أساسُ الملكْ..."
طبلة .. طبله..
والسلطةُ تعرض فِتْنَتَها
وحُلاها في سوق الجملَهْ..
لا يوجد عُرْيٌ أقبحُ من عري الدولَهْ...

5
طَبْلَه.. طَبْلَه..
وطنٌ عربي تجمعُهُ من يوم ولادته طبلَهْ..
وتفرَقُ بين قبائله طبلَهْ..
وأفراد الجوقة, والعلماء, وأهل الفكر,
وأهلُ الذِكْر، وقاضي البلدة..
يرتعشونَ على وَقْع الطَبْلَهْ..
الطَرَبُ الرسميُّ يجيء كساعاتِ الغفلَهْ
من كلِّ مكانْ..
والطرب النفطي يحاول تسويق الإنسان
سعرُ البرميلِ الواحدِ أغلى من سعر الإنسانْ
الطربُ الرسميُّ يعادُ كأغنية الشيطانْ
وعلينَا أن نهتزّ إذا غنَّى السلطانْ
ونصيحَ – أمامَ رجال الشرطة – آهْ..
آهٍ .. يا آهْ..
آهٍ .. يا آهْ ..
فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ
موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ
آهٍ .. يا آهْ..
هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً
كغناء اللهْ ؟؟.

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي