عفا وخلا ممن عهدت به خم
أبيات قصيدة عفا وخلا ممن عهدت به خم لـ معن بن أوس المزني

عَفا وَخَلا مِمَن عَهِدتُ بهِ خُمُّ
وشاقَكَ بِالمَسحاءِ مِن سَرفٍ رَسمُ
عَفا وَخَلا مِن بَعدِ ما خَفَّ أَهلُهُ
وَحَنَّت بِهَ الأَرواحُ وَالهُطَّلُ السُحمُ
يَلوحُ وَقَد عَفّى مَنازِلَهُ البِلى
كَما لاحَ فَوقَ المعصَمِ الحَسَنِ الوَشمُ
مَدامِنُ حَيٍّ صالِحينَ رَمَت بِهِم
نَوى الشَحطِ إِذ رَدّوا الجِمالَ وِإِذ زَمّوا
بَعَينَينكَ راحوا وَالحُدوجُ كَأنَّها
سَفائِنُ أَو نَخلٌ مُذَلَّلَةٌ عُمُّ
وَفي الحَيِّ نُعمٌ قُرَّةُ العَينِ وَالهَوى
وَأَحسَنُ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ نُعمُ
وَكانَت لِهَذا القَلبِ نُعمٌ زَمانَةً
خَبالاً وَسُقماً لا يُعادِلُهُ سُقمُ
مُنَعَّمَةٌ لَم تَعد في رِسلِ ثَلَّةٍ
وَلَم تَتَجاوَب حَولَ كِلَّتِها البهمُ
سَبَتني بَعَينَي جُؤذُرٍ بَخَميلَةٍ
وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ زَيَّنَهُ النظمُ
وَوَحفٍ يُثَنّي في العِقاصِ كَأَنَّهُ
عَلَيها إِذا دَنَّت غَدائِرَها كَرمُ
وَأَقنَى كَحَدِّ السَيفِ يَشرَبُ قَبلَها
وَأَشنَبَ رِفّاقِ الثَنايا لَهُ ظَلمُ
لَها كَفَلٌ رابٍ وَساقٌ عَميمَةٌ
وَكَعبٌ عَلاهُ اللَحمُ لَيسَ لَهُ حَجمُ
تَصَيَّدُ أَلبابَ الرِجالِ بِأُنسِها
وَيَقتُلُهُم مِنها التَدَلُّلُ وَالنَغمُ
لُباخِيَّةٌ عَجزاء جُم عِظامُها
نَمَت في نَعيمٍ وَانمَهَلَّ بِها الجِسمُ
توالَدَها بِيضٌ حَرائِر كَالدُمى
نَواعِم لا بيضٌ قِصارٌ وَلا خُثمُ
وَأِجدادُ صدقٍ لا يُعابُ فَعالُهُم
هُمُ النَضَدُ السِرُّ الغَطارِفَةَ الشمُّ
مَطاعِمُ في البُؤسي لِمَن يَعتَريهِمُ
إِذا يُشتَكى في العامِ ذي السَنَةِ الأَزمُ
مَصاليتُ أَبطالٌ إِذا الحَربُ شَمَّرَت
هُمُ النَضدُ السِرُّ الغَطارِفَةُ الشُمُّ
إِذا اِنتَسَبَت مَدَّت يِدَيها إِلى العُلى
وَصَدَّقَها الاِسلامُ وَالحَسَبُ الضَخمُ
كَأَنّي إِذا لَم أَلقَ نُعماً مُجاوِرٌ
قَبائِلَ مِن ياجوجَ مِن دونِها الرَدمُ
وَذي رَحِمٍ قَلمتُ أَظفارَ ضَغنِهِ
بِحِلمِيَ عَنهُ وَهُوَ لَيسَ لَهُ حِلمُ
يُحاوِلُ رَغمي لا يُحاوِلُ غَيرَهُ
وَكَالمَوتِ عِندي أَن يَعُرَّبِهِ الرَغمُ
فَاِن أَعفُ عَنهُ أَغضِ عَيناً عَلى قَذىً
وَلَيسَ لَهُ بِالصَفحِ عَن ذَنبِهِ عِلمُ
وَإِن أَنتَصِر مِنهُ أَكُن مثلَ رائِشٍ
سِهامَ عَدُوٍّ يُستَهاضُ بِها العَظمُ
وَبادَرتُ مِنهُ النايَ وَالمَرءُ قادِرٌ
عَلى سَهمِهِ ما دامَ في كَفِّهِ الشَهمُ
صَبَرتُ عَلى ما كانَ بَيني وَبَينَهَ
وَما يَستَوي حَربُ الأَقارِبِ وَالسلمُ
وَيَشتِمُ عِرضي في المَغيَّبِ جاهِداً
وَلَيسَ لَهُ عِندي هَوانٌ وَلا شَتمُ
إِذا سُمتُهُ وَصلَ القَرابَةِ سامَني
قَطيعَتَها تِلكَ السَفاهَةُ وَالاثمُ
وَإِن أَدَعُهُ لِلنِّصفِ يابَ وَيَعصِني
وَيَدعو لِحُكمٍ جائِرٍ عَصرُهُ الحُكمُ
وَقَد كُنتُ أَكوي الكاشِحينَ وَأَشتَفي
وَأَقطَعُ قَطعاً لَيسَ يَنفَعُهُ الحَسمُ
وَقَد كُنتُ أَجزي النُكرَ بِالنُكرِ مِثلَهُ
وَاحلُمُ أَحياناً وَلَو عَظمَ الجُرمُ
فَلَولا اِتقاءُ اللَهِ وَالرَحِمُ الَّتي
رعايَتَها حَقَّ وَتَعطيلُها ظُلمُ
إِذا لَعلاه بارِقي وَخَطَمتُهُ
بِوَسمِ شَنارٍ لا تُشاكِلُهُ وَسمُ
وَيَسعى إِذا أَبني لِيَهدِمَ صالِحي
وَلَيسَ الَّذي يَبني كَمَن شَأنُهُ الهَدمُ
يَوَدُّ لَو أَنّي مُعدِمٌ ذو خَصاصَةٍ
وَأَكرَهُ جَهدي أَن يُخالِطَهُ العُدمُ
وَيَعتَدُّ غُنماً في الحَوارِثِ نَكبَتي
وَما إِن لَهُ فيها سَناءٌ وَلا غُنمُ
أَكونُ لَهُ أَن يُنكَبَ الدَهرَ مِدرَهاً
أَكالِبُ عَنهُ الخَصمَ إِن عَضَّهُ الخَصمُ
وَأَلحِمُ عَنهُ كُلَّ أَبلَخَ طامِحٍ
أَلَدَّ شَديدِ الشَغبِ عايَنَهُ الغَشمُ
وَيَشركُهُ في مالِهِ بَعدَ وُدِّهِ
عَلى الوَجدِ وَالاعدامِ قِسمٌ هُوَ القِسمُ
لِكَفِّ مُفيدٍ يَكسَبُ الحَمدَ وَالندي
وَيَعلَمُ أَنَّ البُخلَ يَعقِبُهُ الذَمُّ
نَجيبٌ يُجيبُ المُستَضافَ إِذا دَعا
وَيَسمو إِلى كَسبِ العَلاءِ إِذا يَسمو
فَتىً لا يَبيتُ الهَمُّ يَصدَعُ هَمَّهُ
لَدى الهَولِ وَالهَيّابِ يَقدَعهُ الهَمُّ
إِذا هُمَّ أَمضى هَمَّهُ غَيرَ مُتعَبٍ
وَيَفرَجُ عَنهُ الشَرُّ في أَمرِهِ العَزمُ
أَخو ثِقَةٍ جَلدُ القُوى ذو مَخارِجٍ
مُخالِطُ حَزمٍ حينَ يُلتَمَسُ الحَزمُ
يَكونُ لَهُ عِندَ النَوائِبِ جُنَّةً
وَمَعقِلَ عِزٍّ حَيثُ تَمتَنِعُ العُصمُ
فَما زِلتُ في لِيني لَهُ وَتَعَطُّفي
عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الوَلَدِ الأُمُّ
وَخَفضٍ لَهُ مِني الجَناحَ تَأَلُّقاً
لِتَدنِيَهُ مِني القَرابَةُ وَالرِحمُ
وَقَولي إِذا أَخشى عَلَيهِ مُصيبَةً
أَلا اَسلَم فَذاكَ الخالُ وَالعَقدُ وَالعَمُّ
وَصَبري عَلى أَشياءَ مِنهُ تُرِيبُني
وَكَظمي عَلى غَيظي وَقَد يَنفعُ الكَظمُ
لِأَستَلَّ مِنهُ الضِغنَ حَتّى اِستَلَلتُهُ
وَقَد كانَ ذا حِقدٍ يَضيقُ بِهِ الجِرمُ
وَأَبَرأتُ غِلَّ الصَدرِ مِنهُ تَوسُّعاً
بِحِلمي كَما يُشفى بِالادوِيَةِ الكَلمُ
فَداوَيتُهُ حَتّى اَرفأَنَّ نِفارُهُ
فَعُدنا كَأَنّا لَم يَكُن بَينَنا صَرمُ
فأَطفَأتُ نارَ الحَربِ بَيني وَبينَهُ
فَأَصبَحَ بَعدَ الحَربِ وَهوَ لَنا سِلمُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة عفا وخلا ممن عهدت به خم
قصيدة عفا وخلا ممن عهدت به خم لـ معن بن أوس المزني وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.
عن معن بن أوس المزني
معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني. شاعر فحل، من مخضرمي الجاهلية والإسلام، له مدائح في جماعة من الصحابة، رحل إلى الشام والبصرة، وكف بصره في أواخر أيامه، وكان يتردد إلى عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب فيبالغان في إكرامه. له أخبار مع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، وكان معاوية يفضله ويقول: أشعر أهل الجاهلية زهير بن أبي سلمى، وأشعر أهل الإسلام ابنه كعب ومعن بن أوس. وهو صاحب لامية العجم التي أولها: لعمرك ما أدري وإني لأوجل على أينا تعدو المنية أول مات في المدينة.[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب