عقدت بنصرك راية الإيمان

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة عقدت بنصرك راية الإيمان لـ عماد الدين الأصبهاني

اقتباس من قصيدة عقدت بنصرك راية الإيمان لـ عماد الدين الأصبهاني

عُقدَتْ بنصرِكَ رايةُ الإيمانِ

وبَدَتْ لعصرِكَ آيةُ الإحسانِ

يا غالبَ الغُلْبِ الملوكِ وصائدَ ال

صِّيدِ اللُّيوثِ وفارسَ الفُرسانِ

يا سالبَ التِّيجانِ مِنْ أَربابها

حُزْتَ الفَخارَ على ذوِي التِّيجانِ

محمودٌ المحمودٌ ما بينَ الورى

في كُلِّ إقْليمٍ بكلِّ لسانِ

يا واحِداً في الفضلِ غيرَ مُشاركٍ

أَقسمتُ مالكَ في البسيطةِ ثانِ

أَحلى أمانيكَ الجهادُ وإنَّهُ

لكَ مُؤذِنٌ أَبداً بكلِّ أَمانِ

كم بكرِ فتحٍ ولَّدتْهُ ظُباكَ منْ

حَرْبٍ لقمعِ المشركينَ عَوانِ

كم وقعةٍ لكَ في الفرنج حديثُها

قد سارَ في الآفاقِ والبلدانِ

كم مُصْعَبٍ عَسرِ المقادَةِ قُدتهُ

نحوَ الرَّدى بخزائمِ الخُلانِ

قَمَّصْتَ قومصَهُمْ رِداءً من رَدىً

وقَرَنْتَ رأْسَ بِرِنْسهمْ بسنانِ

وملكتَ رِقَّ ملوكِهمْ وتركتَهُم

بالذُّلِّ في الأقْيادِ والأسْجانِ

وجعلتَ في أَعناقِهمْ أغلالَهُمْ

وسَحبتَهُمْ هُوْناً على الأذقانِ

إذْ في السَّوابغِ تُحْطَمُ السُّمرُ القنا

والبيضُ تُخْضَبُ بالنّجيعِ القاني

وعلى غناءِ المَشْرِفيّةِ في الطُّلَى

والهامِ رَقْصُ عواملِ المُرَّانِ

وكأنَّ بينَ النَّقْعِ لَمْعُ حديدها

نارٌ تألّقُ مِن خلالِ دُخانِ

في مأْزقٍ وردُ الوريد مكفَّلٌ

في بريِّ الصّارمِ الظّمآنِ

غَطّى العجاجُ بهِ نجومَ سمائهِ

لتنوبَ عنها أَنجُمُ الخُرْصانِ

يَمْتاحُ من قلبِ القلوبِ دماءَها

بالسُّمرِ مَتْحَ الماءِ بالأشطانِ

أَوَ ما كفاهم ذاكَ حتى عاوَدوا

طُرُقَ الضّلالِ ومركبَ الطغيانِ

يا خيبةَ الإفرنجِ حينَ تَجَمَّعوا

في حَيْرَةٍ وأتَوْا إلى حَوْرانِ

جاؤوا وظنهُمُ يُعجِّلُ رِبْحَهم

فأعدتَهُمْ بالخِزي والخُسرانِ

وظنونهُمْ وقلوبُهمْ قد أَيقَنَتْ

للرُّعبِ بالإخفاقِ والخَفَقانِ

وجلوتَ نورَ الدِّينِ ظلمةَ كُفرهم

لمّا صَدَعْتَ بواضحِ البُرهانِ

وهَزَمْتَهمْ بالرَّأْي قبلَ لقائهمْ

والرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ

راحوا فباتوا تحتَ كلِّ مَذلَّةٍ

وَضَرَبْتَ منهم فوقَ كلِّ بَنانِ

ما في النّصارى الغُتْمِ إلاّ مَنْ له

في الصُّلبِ بانَ الكَسْرُ والصُّلبانِ

ولُّوا وقلبُ شجاعهمْ في صدرهِ

كالسَّيف يُرعِدُ في يمينِ جبانِ

فاروا من الفَوّارِ عندَ فِرارِهم

بالفَوْرِ وامتدُّوا إلى المَدّانِ

وأزراها الشّلالَةَ الشّلُّ الذي

أَهدى لهمْ شَلَلاً إلى الأثمانِ

ولَّى وجوهَهُمُ سوادُ وجوهِهمْ

نَحو السَّوادِ وآذَنُوا بهوانِ

حَمَلتْ عليهم من جنودِكَ فتيةٌ

لم تَدْرِ غيرَ حَميَّةِ الفتيانِ

زَخَرَتْ بهم أَمواجُ آجكَ في الوغَى

غُزُراً وَطَمَّ بهم عُبابُ طُمانِ

وتذمّمُوا من حَرِّ بأسِ مُحمّدٍ

وتَهيّبُوا الحَمَلاتِ من عُثمانِ

وبسيفِ جُرديكَ المجرَّدِ غُودِروا

بدماءِ أَهلِ الغَدْرِ في غُدرانِ

وبعينِ دولتكَ الذي قدَّمتَهُ

فُقِئَتْ عيونُ الكُفرِ والكُفرانِ

واليارقيّةُ أَرَّقَتْهُمْ في الدُّجى

بسهامِ كلِّ حَنيّةٍ مِرْنانِ

أَجفانُهُمْ نَفَتِ الغِرارَ كما انتفَى

ماضي الغِرارِ بهم منَ الأَجفانِ

بَعَلُوا معسكرَ بعلبكَ وأَبصروا

من جُنْدِ بُصرى بَرْكَ كلِّ جِرانِ

وكأَنّما الأَكرادُ فوقَ جيادِها

عِقْبانُ مُلْحَمَةٍ على عِقْبانِ

ولطالما مَهَرَتْ على نَصْرِ الهُدَى

أَنصارُكَ الأَبطالُ من مهرانِ

لم يتركِ الأَتراكُ فيهمْ غايةً

بالفتكِ والإرهاقِ والإثخانِ

مِن كلِّ رامٍ سَهْمُهُ من وَهْمه

أَهدى إلى إنسانِ عينِ الرَّاني

ولكَ المماليكُ الذين بهم عَنَتْ

أَملاكُ مصْرَ لمالكي بَغْدانِ

هم كالصَّحابةِ يومَ بدرٍ حاولوا

نصرَ النبيِّ ونُبتُ عن حَسّانِ

الحائزونَ من السِّباقِ خِصالَهُ

في مُلتقَى حَرْبٍ وفي مَيْدانِ

من كلِّ مبسوطِ اليدينِ يمينُهُ

ما تمتلي إلاّ بقَبْضِ يَمانِ

لما رأَى الدَّاويُّ راوُنْداءَهُ

ولَّى بطاعونٍ بغيرِ طِعان

طلبَ الفِريرِيُّ الفرارَ بِطُلْبهِ

مُتباعداً من هُلْكهِ المُتداني

والهنفَرَي مُذْ هانَ فرَّ مُؤَمِّلاً

لِسَلامةٍ والهُونُ شَأْنُ الشَّاني

بارُوا فبارُونيُّهُمْ بِفِنائهِ

مُودٍ وسيدُهُمُ أَسيرٌ عانِ

أَخلوا بلادَهُمُ فحلَّ بأَهلِها

منكَ الغداةَ طوارِقُ الحِدْثانِ

أَنهضتَ حين خَلَتْ إليها عسكراً

أَخلَى قواعِدَها من البنيانِ

وشغلتَ جأشَهُمُ بجيشٍ هدَّهُمْ

فجنى ثمارَ النُّصرةِ الجيشانِ

وملأَتَ بالنِّيرانِ أَربُعَ أَهلِها

فتعجَّلوا الإحراقَ بالنِّيرانِ

عادوا وحينَ رأَوا خرابَ بيوتهمْ

يئِسُوا من الأَوطارِ والأَوطانِ

باؤوا بأَحزانٍ وخاضوا هَوْلَها

مما لَقوا بمخاضةِ الأَحزانِ

وقدِ استفادَ المشركونَ تعازياً

والمسلمونَ تهادياً بِتَهانِ

أَصبحتَ للإإسلام رُكناً ثابتاً

والكفرُ منكَ مضعضعُ الأَركانِ

قوّضتَ آساسَ الضَّلالِ بعزمكَ ال

ماضي وشُدْتَ مباني الإيمانِ

قُلْ أَينَ مثلُكَ في المُلوكِ مجاهدٌ

للهِ في سرٍّ وفي إعلانِ

لم تلقَهُمْ ثِقَةً بقُوَّةِ شوكةٍ

لكنْ وثِقْتَ بنُصرةِ الرَّحمانِ

ما زال عزمُكَ مستقلاً بالذي

لا يستقلُّ بثقلهِ الثَّقلان

وبلغتَ بالتأييدِ أَقصى مَبْلغٍ

ما كان في وسْعٍ ولا إمكانِ

دانتْ لكَ الدُّنيا فقاصيها إذا

حقّقْتَهُ لنفاذِ أَمرِكَ دانِ

فمنَ العراقِ إلى الشآمِ إلى ذُرَى

مصْرٍ إلى قُوصٍ إلى أسْوانِ

لم تَلْهُ عن باقي البلاد وإنّما

ألهاكَ فَرْضُ الغزوِ عَن هَمَذانِ

للرومِ والإفرنج منكَ مصائبٌ

بالتُّرك والأَكرادِ والعُربانِ

إعزاوكَ الدِّينَ الحنيفَ وحزْبَهُ

قد خصَّ أَهلَ الشِّركِ بالإهوانِ

أَذعنتَ للّهِ المُهيمنِ إذْ عَنَتْ

لكَ أَوجُهُ الأَملاكِ بالإذْعانِ

أَنتَ الذي دونَ الملوكِ وجَدْتُهُ

ملآنَ من عُرْفٍ ومن عِرْفانِ

في بأْس عمرٍو في بسالة حيدرٍ

في نطقِ قُسٍ في تُقى سلمانِ

عُمْرانُ عدِلكَ للبلادِ كأنّما

قد عاشَ في أيامكَ العُمرانِ

خلَّدْتَ في الآفاقِ ذكراً باقياً

أَبدَ الزَّمانِ ببذلِ مالٍ فانِ

سيَرٌ لو أن الوحي ينزل أُنزلتْ

في شأْنها سُوَرٌ من القرآنِ

فاسلمْ طويلَ العمرِ ممتدَّ المدى

صافي الحياةِ مخلَّد السلطانِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة عقدت بنصرك راية الإيمان

قصيدة عقدت بنصرك راية الإيمان لـ عماد الدين الأصبهاني وعدد أبياتها خمسة و سبعون.

عن عماد الدين الأصبهاني

محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن أله أبو عبد الله عماد الدين الأصبهاني. مؤرخ عالم بالأدب، من أكابر الكتاب، ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب وتفقه. واتصل بالوزير عون الدين "ابن هبيرة" فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط، ومات الوزير، فضعف أمره، فرحل إلى دمشق. فاستخدم عند السلطان "نور الدين" في ديوان الإنشاء، وبعثه نور الدين رسولاً إلى بغداد أيام المستنجد ثم لحق بصلاح الدين بعد موت نور الدين. وكان معه في مكانة "وكيل وزارة" إذا انقطع (الفاضل) بمصر لمصالح صلاح الدين قام العماد مكانه. لما ماتَ صلاح الدين استوطن العماد دمشق ولزم مدرسته المعروفة بالعمادية وتوفي بها. له كتب كثيرة منها (خريدة القصر - ط) وغيره، وله (ديوان شعر) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي