عندما أعشق أزداد رقيا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة عندما أعشق أزداد رقيا لـ نزار قباني

1
أنتِ في لندن .. سنجابة حب
تأكل السكر .. والفستق ..
من بين يديا .
عربشت فوق قميصي .
عربشت فوق ضلوعي .
عربشت فوق عروقي .
واختفت في كنزة الصوف التي ألبسها
تجمع المشمش .. والزعتر .. والنعناع .
والعشب الطريا .
2
أنت في منفاي
سنجابة عمري .
وأنا في لندن ، تبهرني حريتي .
جسدي يبهرني .
لغتي تبهرني .
دهشتي تدهشني .
فكأني لم أكن في الذات يوم عربيا
كلما شاهدني الناس صباحاً
خارجاً من تحت أهدابك
ظنوني نبيا !! .
3
إنها تمطر فرواً
منذ أيام ، فما أحلى المطر …
إنها تمطر عشقاً
عن يميني .. وشمالي .
وورائي .. وأمامي .
وأنا أطفو على
بحر رمادي الوبر …
4
من تكونين أيا سيدتي ؟
يا التي تحمل في قفطانها
عندما تجلس قرب المدفأة
كل تاريخ الشجر …
يا التي حبي لها
أمر من الله ..
وعيناها قضاء وقدر ..
5
أنت سنجاب جبان
خائف من نفسه
خائف من خوفه
خائف من أي شئ في يدي ..
أو في فمي ..
خائف من كل ما لا يُنتظر …
6
أنت سنجابي الحضاري الذي حررني ،
من صداع الجنس في عصر الحجر .
تاركاً في جسدي
شعراً ..
ونثراً ..
وعصافير ..
وقمحاً ..
وثمر ..
تاركاً في داخلي
نصف قمر …
7
أنت في لندن
سنجاب رمادي الفراء
جاء كي يبني بصدري وطناً
بعدما حاصره ثلج الشتاء .
نط من أفق إلى أفق ..
ومن غصن إلى غصن ..
ومن نهر إلى رابية
ثم ألقى عند بابي
صرة من كستناء …
8
أنتِ سنجابي الذي دوخني
ورماني خاتماً
في جوارير النساء …
9
قطتي .
عصفورتي .
سنجابتي .
يا التي أرسلها الله من الغيب إليا
أنا ما عندي اعتراض أبداً
فاقضمي وجه المخدات ، إذا شئت ..
اقضميني حبة من بندق
إن توحمت ..
اجعليني بين أشيائك
قرطاً ذهبيا …
10
العبي بالوقت ، والأعصاب ، يا سيدتي ،
غيري شعري .. ونثري ..
وجذوري .. وسلالاتي ..
وغوصي خنجراً في رئتيا ..
أدخلي تحت قميصي ..
أدخلي تحت شرايين يدي ..
أدخلي في لغتي
أدخلي في اللحم والأعصاب
سيفاً أمويا ..
واغسليني بينابيعك .. إني
لم أكن قبلك إلا بدويا …
11
حرريني ..
من أبي زيد الهلالي الذي يسكنني
ومن الرمل الذي يطمرني
ومن الشوك الذي كان يغطي شفتيا .
ارفعيني لفضاءاتك ، يا سيدتي
وانزعي عني قناعي الجاهليا
علميني ..
كيف بالذهن تـُشم امرأة
كيف يغدو الجنس ترتيلاً .. وإنشادا ..
ورسماً بالأحاسيس ..
وجسراً قمريا !! .
كل حب
هو – يا سيدتي – فِعل رُقي
فأحبيني ..
أحبيني ..
أحبيني ..
لأزداد رُقيا !! ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي