فاطمة تشتري عصفور الحزن

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة فاطمة تشتري عصفور الحزن لـ نزار قباني

1
ناديتُ فاطمة ً … و ما وصلَ النـّداء
لم يبق َ حبّ ٌ في مدينتنا
و لا بقيَت نساء.
إنـّي لأبحثُ عن سماء ِ طفولتي
و أعودُ مهزوما ً،
فأين َ هي السّـماء ؟

2
هل أول الوطن البكاء ؟
هل آخر الوطن البكاء ؟

3
وطن بدون نوافذ
هربت شوارعه
مآذنه
جوامعه
كنائسه ,
وفر الله مذعوراً
وفر الأنبياء …

4
يتكسر المنفى على المنفى
بداخلنا ..
وتبكي الكبرياء ..

5
ماذا سنكتب كي نقول جراحنا
إن المسدس صار يكتب ما يشاء ..

6
إن السياسة وحدها مستنقع
ماذا .. إذا التقت السياسة والبغاء ؟؟

7
تستنشق الكلمات كبريتاً
فأين هو الهواء ؟ ..

8
وطن بلا وطن ..
وشعب دون ذاكرة
وأحرار يسيرهم إماء ..

9
إنا لنذبح كالنعاج ..
كأنما
دمُنا , لدى الحكام , ماء …

10
منفى .. على منفى .. على منفى
ولا ثقب صغير في الجدار .
مُدي يديك , صديقتي
فلربما تتدفق الأنهار من تحت السوار .
مُدي يديك .. فربما
من خاتم الفيروز , يأتي المشمش الحموي ,
والصفصاف , والدفلى , وعطر الجلنار ..
مُدي يديك .. فإنني
من ألف عام
كنت أنتظر القطار

11
مقهى فرنسي
على مقهى سويدي ..
على مقهى سويسري ..
كأن القهوة السوداء ..
يصنعها التوحد والشقاء ..

12
مقهى بشكل ِ الجرح ِ أدخله ُ
و فاطمة ٌ أمامي
مثلما الأسماك ُ تضجر في الإناء
و أنا أحاولُ أن أقولَ قصيدة ً
في مجد عينيها …
فأسقط ُ في الرِّثـاء.
و أنا أحاول ُ أن أذكّرُها
ببيروت ٍ
فتـُدخلني ، و تدخل ُ
في أقاليم ِ البكاء

13
ما زلت أخترع الشوارع ..
والمقاهي ..
والحدائق ..
والظلال ..
ما زلت أخترع الإجابة والسؤال ..

14
أين اللواتي , مرة , أحببنني
لم يبق في كتب الهوى
ألف وباء …

15
العشق يكتبني .. ويمحوني
وقلبي , ريشة حمراء
يعلكها الهواء ..

16
لو أنني مشطت شعر حبيبتي
بأصابعي ..
لمحوت خط الإستواء …
أو أننى قبلتها ..
فى ثغرها الوردى
لاحترقت عصافير المساء

17
سفر
على سفر..
على سفر..
ووجهتنا المحال .
الشمس تأكل من نهود نسائنا
والطير تأكل من عيون صغارنا
هل نحن فرع من بطون بني هلال ؟

18
عرب … بلا عرب ..
وسيقان النخيل , مكسرات في الرمال
والكحل في العينين , يرحل خائفاً نحو الشمال .
والشاعر العربي ..
قد فقد الحقيقة
مثلما فقد الخيال …

19
وطن يجيء على ضفائر زينب
ليلاً .. فما أحلى المنام .
وطن من النعناع يوقظني
لألعب فوق أدراج الرخام ..
وطن من النارنج ..
والخبيزة الخضراء ..
والقطط النظيفة .. واليمام
وطن حبلت بقمحه .. وبخبزه ..
من ألف عام ..

20
من يقرأون قصائدي
يوماً ..
سيقطر من أصابعهم ..
وفوق ثيابهم
توت الشام …

21
بحر شمالي
على بحر جنوبي
على بحر بلا بحر ..
وأجهزة المباحث من وراء السندباد ..
ما زلت أخترع البلاد .. ولا بلاد ..
ما زلت أبحث عن عصافيري ..
وأشيائي ..
وركوة قهوتي ..
ما زلت أبحث عن عباءة والدي
تحت الرماد …

22
لا تقلقي يوماً علي
إذا حزنت
فإنني رجل الشتاء
إن كنت مكسوراً ..
ومكتئباً
ومطوياً على نفسي ..
فإن الحزن يخترع النساء …

23
ناديت زينب في قبيلتها
فردتني الخناجر والسهام
لا الشعر مقبول هناك ..
ولا الشعور ..
ولا الزهور ..
ولا مكاتيب الغرام …

24
عيناكِ من عسل ٍ حجازيّ ٍ
و خصركِ بعضُ ما غزل َ الغمام .
و يداكِ من ذهب ٍ ، و من عنب ٍ ، و من حبق ٍ
و من قمر ٍ حليبيّ ٍ … و من ريش النـّعـام .
و أنا … أمام تحوّلات ِ الكحل ِ في العـينين ِ
طفل ٌ ضائع وسط الزّحام .
و أنا أحبّـك ِ … غـير أنـّي
قد نسيت ُ الآن َ ترتيب َ الكلام .

25
قلق ثقافي ..
حضاري ..
وجودي …
( كأن الريح تحتي .. )
في الرحيل وفي المقام .
لا شعر فاطمة ينام ..
وليس يتركني أنام ..

26
منفاي ..
أصبح وردة في عروتي
هل أصبح العربي مخلوقاً
يهاجر كاللقالق والحمام ؟؟

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي