فالنتاين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة فالنتاين لـ نزار قباني

ـ 1 ـ
في عيد ( فالنتاين )
بحثت يا حبيبتي عن وردة حمراء
أرسلها سفيرة عني
بعيد عشق العشاق
فلم أجد في السوق أي وردة
حمراء .. أو بيضاء .. أو صفراء ..
لأن كل الورد في الأسواق
ـ كما يقول بائع الأزهار ـ
قد اشترته شعبة المباحث ،
لزوجة الخليفة الرشيد ! ! ...

ـ 2 ـ
في عيد ( فالنتاين )
أردت أن أرسل يا أميرتي
بطاقة وردية
أكتب فيها كل ما أريد ..
عن ذالك الحب الذي يذبحني
ذبحا .. من الوريد للوريد ...
نخلت ، يا حبيبتي ، شوارع المدينة
مكتبة .. مكتبة ..
واجهة .. واجهة ..
زاوية .. زاوية..
لكنني فشلت في مهمتي
لأنهم في شعبة المباحث ..
ـ كما روى موظف في المكتبة ـ
قد صادروا كل البطاقات التي تباع في المدينة
و أرسلوها كلها لزوجة الرشيد ! ! ..

ـ 3 ـ
في عيد ( فالنتاين )
حاولت أن أكتب عن عينيك ، يا حبيبتي
قصيدة جديدة
ما كتبت يوما بتاريخ الأدب
حروفها من ذهب
زُنَّرُهَا من ذهب
سروالها من ذهب
و عندما فرغت من كتابتي
جاء رجال من لدى ( أبي لهب ) ! !
فاعتقلوا القصيدة ..
و أغلقوا بالشمع و الرصاص ..
علبة البريد ...

-4-
في عيد ( فالنتاين )
لا هاتف يرن في بلادنا
لا طائر يطير في سمائنا
لا قمر ..
يُرَشْرِشُ الحليب و الثلج على ثيابنا ..
لا كلمة جميلة ..
تغير العادي من كلامنا ..
لا امرأة ..
تُذَوِّبُ الصقيع في أيامنا
لا رُزْمَةً تُحَرِّكُ الفضول في أعماقنا
يحملها موزع البريد ...

ـ 5 ـ
في عيد ( فالنتاين )
فكرت أن أستعمل الفرشاة و الألوان
في وصف ما أحسه ...
فكرت في رِنْوَارَ ، في مَاتِيسَ ، في سِيزَانَ ..
فكرت أن أفعل ما يفعله نيْسان ..
و ألحس القشطة عن رافعة النهدين ...
كما شفاه الموج تلحس الشطآن ! !

ـ 6 ـ
في عيد ( فالنتاين )
فكرت في إسبانيا
و حُزْنِنَا المخزون حتى الآن
في أعين الإسبان ! !

ـ 7 ـ
في عيد ( فالنتاين )
فكرت في مدائن الحب التي أعرفها
فكرت في ( فنيسيا )
الجسد المغسول بالماء ، و الحب ، و الأحلام
فكرت في ( فلورنسا )
تلك التي قرأت في ساحاتها
قصائد الرخام ..
فكرت في باريس ..
في تاريخها المكتوب ب( الباغيت ) ..
و الجبنة .. و النبيذ .. و الأمطار
فكرت في ( إلزا ) .. و في عيونها ..
فكرت في ( رامبو ) .. و في ( إلوار )
كم يستطيع الحب في باريس
أن يغير الأقدار ! !

ـ 8 ـ
في عيد ( فالنتاين )
حين تنامين على سجادة الكاشان
مليسة كقطعة الكشمير
معجونة بالمسك .. و القرفة .. و الحرير
طازجة كحزمة الريحان
أعيد أقوال أبي :
( أن ليس بالإمكان ..أبدع مما كان )

ـ 9 ـ
في عيد ( فالنتاين )
يمكنني بقبلة واحدة
أن ألبس التاريخ في أصابعي ..
و أمحو الزمان .. و المكان ..

ـ 10 ـ
في عيد ( فالنتاين )
أواصل التنقيب في يديك
عن حضارة الإغريق ..و الرومان
أواصل التنقيب في نهديك
عن قصيدة مجهولة
وَحَبَّتَيْ رمان ..
أواصل العزف على خصرك
حتى تتعب الكمان ..

ـ 11 ـ
في عيد ( فالنتاين )
يبدو خيارُ العطر غير مقنع
من ينقل الماء إلى بحيرة ؟
من يحمل الورد إلى بستان ؟

ـ 12 ـ
يا قمري .. يا قمر الزمان :
سوف أضل مبحرا كعقبة بن نافع
حتى أرى إفريقيا ، و أعرف الإحساس بالأمان
سوف أظل عاشقا .. حتى أر سفينتي
راسية في مدخل الشِرْيَان .

ـ 13 ـ
في عيد ( فالنتاين )
سوف أضل مخلصا لمهنة الحب التي أجيدها
ومهنة الرقص على ألسنة النيران
فليس عندي مهنة أخرى سوى
خرمشة النصوص ..
أو خرمشة السماء ..
أو خرمشة الحيطان ...

ـ 14 ـ
في عيد ( فالنتاين )
أشعر بالإحباط ، يا سيدتي
أشعر أنني رجل مستلب .. منسحق .. وحيد ..
ففي بلادِ أصبح الحب بها محاصرا بالنار و الحديد
و في بلادِ أصبح القلب بها لوحا من الزجاج
و الجليد ...
و في بلادِ أصبح الشعر بها ..
يحترف التزوير .. و التبخير .. و التمجيد ..
يعاقب الإعلام كل شاعر يبقى على عَفَافَةٍ ..
إذا تعرت زوجة العزيز !

ـ 15 ـ
في عيد ( فالنتاين )
يدور في رأسي سؤال ساخر
هل صارت السيدة الأولى التي تحكمنا
خاتمة النشيد ؟ ؟
ما أسخف الشعر الذي نضطر أن نكتبه
تغزلا بامرأة الرشيد ! !

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي