فَتْحْ

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة فَتْحْ لـ نزار قباني

1
... وبعدما قُتلنا ..
وبعدما صلَّوا علينا ,
وبعدما دفنا ..
وبعد أن تكلَّست عظامنا
وبعد أن تخشَّبت أقدامنا
وبعدما اهترأنا

وبعدَ, أن جُعنا وان عطِشنا
وبعدَ, أن تُبنا وأن كفرنا ..
وبعدما .. وبعدما ..
من يأسنا يئسنا ..
جاءت إلينا ( فَتْحْ )
كوردةٍ جميلةٍ طالعةٍ من جُرحْ ..
كنبع ماء باردٍ يروي صحارى ملح
وفجأة .. ثرنا على أكفاننا , وقمنا ..
وفجأة ,
كالسيد المسيحِ .. بعد موتنا نهضنا ..

2
مهما هم تأخروا , فإنهم يأتون
في حبة الحنطة ..
أو في حبة الزيتون ..
يأتون في الأشجار , والرياح , والغصون
يأتون في كلامنا ..
يأتون في أصواتنا ..
يأتون في دموع أمهاتنا
في أعين الغالين من أمواتنا ..

مهما هم تأخروا .. فإنهم يأتون
من درب رام الله , أو من جبل الزيتون
يأتون مثل المن والسلوى .. من السماء
ومن دمى الأطفال .. من أساور النساء
ويسكنون الليلَ .. والحجارَ .. والأشياء
من حزننا الجميل ينبتون
أشجار كبرياء
ومن شقوق الصخر يولدون
باقة أنبياء
ليس لهم هويةٌ .. ليس لهم أسماء
لكنهم يأتون ..
لكنهم يأتون ..

3
يا ( فتح ) يا شاطئنا من بعد ما فقدنا ..
يا شمسَ نصف الليل لاحتْ ..
بعدما ضجرنا ..
يا رعشة الربيع فينا ..
بعدما يبسنا ..
حين قرأنا عنكم كل الذي قرأنا ..
خمسينَ قرناً بكم كبرنا ..
وارتفعت قاماتنا
وازدهرت حياتنا
من بعدما نشفنا ..

يا ( فتح ) يا حصاننا الجميلا
يحمل في غرته بيسان والجليلا
وغزةً , والقدسَ , والطيورَ , والحقولا
ويحمل البحارَ في نظرتهِ ,
ويحمل السهولا
يا ماءنا .. يا ثلجنا .. يا ظلنا الظليلا ..
يا ( فتح ) نحن مكَّةٌ
تنتظرُ الرَسُولا ..

4
يا ( فتح ) شاب الدمع في عيوننا
ولم يزل خنجر إسرائيل في ظهورنا
ولم نزل نبحث في الظلام عن قبورنا
ولم نزل كالأمس أغبياء
نردد الخرافة البلهاء
( الصبر مفتاح الفرج )
ولم نزل نظن أن الله في السماء
يعيدنا لدورنا ..
ولم نزل نظن أن النصر ..
وليمة تأتي لنا .. ونحن في سريرنا ..

ولم نزل نقعد من سنين
على رصيف الأمم المتحدة
نشحذ من لجانها الحليب .. والطحين ..
والذلَّ .. والسردينَ .. والملابس المستعملة ..
ولم نزلْ نمضغ ساذجين
حكمتنا المفضلة :
( الصبر مفتاح الفرج )
إن الرصاص وحده
لا الصبر مفتاح الفرج

5
يا ربنا:
نرفض أن نكون بعد اليوم طيبين
فالطيبون كلهم أنصاف ميتين
هم سرقوا بلادنا ..
ا هم قتلوا أولادنا
فاسمح لنا , يا ربنا ,
نكون قاتلينْ ..

يا ثأرنا
نرفض أن نكون كالخراف وادعين
يا طبلنا ..
يا زارنا ..
يا قاتلنا ..
نرفض أن نظل مسطولين .. دائخين
يا شعرنا كن غاضباً ..
يا نثرنا كن غاضباً ..
يا عقلنا كن غاضباً ..
فعصرنا الذي نعيش عصر غاضبين
يا حقدنا .. كن حارقاً
كي لا نصيرَ كلنا قطيع لاجئين ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي