قد استوى بك في شجو وبلبال

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قد استوى بك في شجو وبلبال لـ محبوب الخوري الشرتوني

اقتباس من قصيدة قد استوى بك في شجو وبلبال لـ محبوب الخوري الشرتوني

قد استوى بك في شجوٍ وبلبالِ

قلب المقيم وقلب النازح الجالي

أغار نعيك في أسماعنا فرمى

هزاهزاً بين أكبادٍ وأوصالِ

كطائر مس غصن الرند جانحه

فغادر الغصن في رجفٍ وأجفال

رثاك شبل القوافي والعرين له

في قاصيات الفيافي غير أشالِ

غابت عن الغاب في صيد تحاوله

وتأنف الأسد سكنى الموضع الخالي

كم حسرةٍ تتلظى في جوانحنا

على بلادٍ عرفناها بلا دال

علَّمتنا الجدّ حتى ما نقرَ بها

وما نرِب على ضيم وإقلال

أدركت بالجدّ أوطاراً ممنعة

أطارها من يديه كل مكسالِ

كم غافل هان والدنيا تدين له

وجاهد فاز لم يخطر على بال

الناشط النفس مرفوع بعاملها

والخامل النفس منصوب على الحال

على ضريحك من حرّان مغتربٍ

نثر الرياحين من حمد وإجلالِ

أرثيك والنفس في هم وفي قلقٍ

أنال منها المعاني نيل محتالِ

وانظم الشعر مطوياً على ألمٍ

وينظم الشعر غيري ناعم البالَ

إذا تجلت سماء الليل قلت لها

ردي على نفثاتي عهدها الخالي

نجومك الغرّ من لبنان أعرفها

فأنتِ أنتِ على حلٍ وترحال

أرثيك والقلب لو ساح الفرات به

لم يخب ما فيه من وقدٍ واشعالِ

مازلت في الهجر لا أنسٌ ولا وسن

أجتاز فيه على أنياب أغوالِ

قد خانني معشر الأحباب فيه وهل

يُخان من معشر الأحباب أمثالي

وزادني الآل لما جئتهم ظمأ

فما ندى الآل إلا لامع الآل

أرثي بك الصدق موصولاً شابه

وقد علقت بغدارين أنذالَ

قلّ النبيل وأهل الأرض قاطبةً

عشاق كل نبيل غير ختّال

والنبل بين صفات النفس عندهم

كالماس بين اللآلي عند الآل

جواهر الأرض أنواع لطالبها

وكل ذات غلاء ذات إقلالِ

يا شامل النفع يرثيك الوضيع كما

يرثيك صاحب أمجاهٍ وأموالِ

إن أمسك الغيث عن أرض يجف بها

نبت العقيق ونبت المغرس العالي

وإن يكن عمّ أبناء الشآم أسىً

فرزءهم في عميم النفع مفضالِ

كم زرتهم أينما حلت ركائبهم

بطائف من لسان الحال جوالِ

بشارقٍ من بدور الهدي منبلجٍ

ودافق من سحاب العلم هطالِ

قد كان يروي لسان الحال عنك كما

يروي الثرى عن وجود المعدن الغالي

نزهته عن لصوص الترّهات به

وصنه عن بذيء القيل والقال

مبادئٌ لك لم يعلق بها دنس

وهي المبادئ فوضى ذات أشكال

من حزب ربك في سرٍ وفي علنٍ

والعصر عصرُ ضلالٍ عصر أضلالِ

ما إن رقشت كلاما غير متشحٍ

بحليةٍ من حلى الإنجيل مختالِ

كم عابدٍ كلفٍ من غير صومعةً

وزاهد قشف من غير اسمالِ

إنجيل عيسى لمصباح يفيض هدىً

كاليمّ يقذف سيالاً بسيالِ

الناس لو لم يزيغوا عن أشعته

واستنهجوه بأقوالٍ وأفعالِ

عاشوا كسرب القطافي ألفة وهوىً

وكالملائك في رفق وإجمالِ

ولم يقم بينهم غش ولا كذب

ولا خصام على رزق ولا مالِ

ولا اعتدى رجل منهم على رجل

ولا استوى فوقهم قاض ولا والِ

ولا تداعوا إلى ملكٍ ولا ملكٍ

ولا قتالٍ بحد السيف قتالِ

هو المسيح براء من ملاحم لا

تقاس من فتن الدنيا بأمثالِ

أرحت نفسك والحرب التي لحقت

بالشرق جاءت بأتعاب وأثقالِ

فما تنغصت والأوطان بائسة

بأن مررت بوجه كاسف بال

بجائعٍ من يفاع الأرز منطرح

ولائع من عروس الشرق سآل

فتك بزين شباب الأرض حليتها

بأمهات وزوجات وأطفالِ

بحران بحر دمٍ في الغرب مندفق

وبحر دمعٍ على الأحباب سيالِ

ما حال كل فقير لا غياث له

ومسعد الحال فيهم سيء الحالِ

وأعينٍ لك يوم البين شاخصة

أغمضتها بين أحبابٍ وأنجال

وتربةٍ لك بالأوطان قائمةٍ

في ظل كل رطيب العود ميالِ

السرو دون لصوص الجو يحرصها

فما الرياح تعفّيها بأذيالَ

لك الغزاء بموت أشتهيه غدا

ورب مرٍ كريه كان أحلى لي

هل أغمض الجفن في شرخ الشباب وما

ظفرت من بهجة الدنيا بآمالي

وها أشاهد أمي أم تشاهدني

والابن والأم في رغدٍ وإقبالِ

وهل أطل على لبنان يبسم أم

أطل منه على إدراس أطلالِ

لبنان هل لي في أفياء أرزك من

هالٍ على أطوع الأبناء منهال

أم يخطُف النون لحماني وينثرها

أم ينهش الوحش منها بين أدغال

خليل ما الموت إلا رحمة ورضى

جاد الإله به عن كف نوالِ

المرء في الأرض يؤذيه الأقل بها

والأرض سيل ملمات وأهوال

الجسم في وجع والنفس في وجل

والموت بلسم أوجاع وأوحالِ

والنفس عمياء في جثمانها فإذا

نبت فكل خفيٍ عندها جالي

صهريه في البلد القاصي عزاء كما

فليس موت خليل غير إبلالِ

ومن يمت وذوو قرباه مثلكما

فذكره مثل وردٍ فرب سلسالِ

مثلته رُبّ تمثيل بقافيةٍ

يغني فقيد العلى عن نصب تمثال

وإن شعري غالٍ ما أخص به

في الخلق غير نفيس مثله عالِ

وربّ شعر طريد العدم جاد به

باقٍ على هامة الأعصار تقالِ

ورب ذي شهرة بالشعر طائرةٍ

بقوة الجاه والسلطان والمالَ

حتى إذا زال أو زالت حرائره

أبصرته وهو في سرباله البالي

تمر من ذكره في منزلٍ خربٍ

ومن قصائده في سبسبٍ خالِ

جزى الإله فقيد الصحف في خلد

على صلاحٍ وإحسانٍ وأفضالِ

وهي الحياة كظل لا بقاء لها

فأحزم الناس حسانٌ لاعمالِ

الصالحات غنىً في العالمين له

في العالم المنقضي والعالم التالي

شرح ومعاني كلمات قصيدة قد استوى بك في شجو وبلبال

قصيدة قد استوى بك في شجو وبلبال لـ محبوب الخوري الشرتوني وعدد أبياتها واحد و سبعون.

عن محبوب الخوري الشرتوني

محبوب الخوري الشرتوني

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي