قراءة أخيرة على أضرحة المجاذيب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قراءة أخيرة على أضرحة المجاذيب لـ نزار قباني

(1)
أرفضكم جميعكم
وأختمُ الحوارْ
لم تبقَ عندي لغة ٌ
أضرمتُ في معاجمي
وفي ثيابي النارْ ..
هربتُ من عمرو بن كلثوم
ومن رائية الفرزدق الطويلهْ
هاجرتْ من صوتي , ومن كتابتي
هاجرتُ من ولادتي
هاجرتُ من مدائن الملح ِ ,
ومن قصائد الفخارْ

(2)
حملتُ أشجاري إلى صحرائكم
فانتحرتْ ..
من يأسها الأشجارْ
حملتُ أمطاري إلى جفافكمْ
فشحت الأمطارْ
زرعتْ في أرحامكم قصائدي
فاختنقتْ ..
يا رحماً .. يحبلُ بالشوك وبالغبارْ ..

(3)
حاولتُ أن أقلعكم
من دبق التاريخ ..
من رزنامة الأقدارْ
ومن ( قفا نبكِ ) .. ومن عبادة الأحجار
حاولتُ ..
أن أفكّ عن طروادة حصارها
حاصرني الحصارْ

(4)
أرفضكم ..
أرفضكم ..
يا منْ صنعتم ربكم من عجوة
لكل مجذوب بنيتم قبّة ً
وكلّ دجال أقمتم حوله مزارْ
حاولتُ أن أنقذكم
من ساعة الرمل التي تبلعكم
في الليل والنهارْ
من الحجابات على صدوركمْ ..
من القراءات التي تتلى على قبوركم
من حلقات الذكرْ ,
من قراءة الكف ,
ورقص الزارْ
حاولتُ أن أدق في جلودكم مسمارْ
يئستُ من جلودكمْ
يئست من أظفاري
يئستُ من سماكة الجدارْ ..

(5)
من مللي ..
شنقتُ نفسي أمس .. في ضفائر الحبيبهْ
لم أستطع أن أفعل الحبّ .. كما عودتها
كانت خطوط جسمها غريبهْ
كان السرير بارداً ..
والبردُ كان بارداً ..
ونهدُ من أحبها ليمونة ً كئيبهْ ..
بعد حزيران أضعتُ شهوتي
سقطتُ فوق ساعديْ حبيبتي
كالراية المثقوبهْ ..


(6)
أنظر كالمشدوه .. في خريطة العروبهْ
في كل شبر أعلنتُ خلافة ً ..
وحاكم بأمره ..
وخيمة ً منصوبه ..
تضحكني الأعلام , والأختامُ , والممالك التركيبيهْ
وسلطات القش , والكرتون , والشرائع العجيبه
ومشيخات النفط ..
والزواج بالمتعة ..
والغرائز المشبوههْ ..
أمشي ..
غريبَ الوجه في غرناطة ..
أحتضن الأطفال , والأشجار ,
والمآذن المقلوبه ..
فهاهنا المرابطون رابطوا ..
وهاهنا الموحدون استوزروا ..
وهاهنا ..
مجالسُ الشراب , والنساء , والغيبوبه ..
وهاهنا عبادة ٌ دامية ..
وهاهنا .. مشنقة ٌ منصوبهْ ..
تناثري ..
كالورق َ اليابس , يا قبائل العروبهْ
واقتتلي ..
واختصمي ..
يا طبعة ثانية من سيرة الأندلس المغلوبهْ

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي