قراءة ثانية في مقدمة ابن خلدون

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قراءة ثانية في مقدمة ابن خلدون لـ نزار قباني

1
هذا هو التاريخُ ، يا صديقتي
من غيرِ ما تعليقْ.
وكل ما قرأتِ عن سيرتِنا المعطّرهْ
من كَرَمٍ..
ونَجْدةٍ..
و نَخْوَةٍ..
و العَفْوِ عندَ المقدِرَة..
ليس سوى تَلْفِيقْ..
وكل ما سمعتهِ من قصص الشهامهْ
وعن سجايا حاتمٍ
وعن حكايا عنترهْ..
لم يبقَ شيءٌ منه في المفكرهْ
وكل ما سمعتِ عن حروبنا المظفَّرَهْ
وكرِّنَا..
و فَرِّنا..
وأرضنا المحرَّرهْ..
ليس سوى تلفيقْ..

2
هذا هو التاريخُ ، يا صديقتي
فنحن منذ أن تُوفيَ الرسولُ ،
سائرونَ في جنازهْ ..
ونحن ، منذ مصرعِ الحسينِ ،
سائرون في جنازهْ..
ونحن، من يوم تخاصَمْنَا
على البُلدانِ..
والنسوانِ..
والغلمانِ..
في غرناطةٍ
موتى، ولكن ما لهمْ جنازهْ !..

3
فنِصْفُهُ هَلْوَسَةٌ..
ونصفه خطابهْ..
أطفالُنا، ليسَ لهمْ طفولةٌ.
سماؤنا، ليسَ بها سَحَابَهْ.
نساؤنا.. ما زلنَ في ثلاجة الخليفهْ
عُشَّاقُنا..
يستنشِقُون وردةَ الكآبهْ ..
كُتَّابُنا، يحاولون القفزَ كالفئرانِ ،
من مصيدةِ الرقابهْ ..

4
لا تثقي ، يا صديقتي ،
فعزفها مكررٌ..
وصوتها نشازْ..
المخبرونَ.. كسَّرُوا عِظامَنا
وشعبُنا..
يمشي على عُكَّازْ...

5
صديقةَ العمر التي..
أقرأ في عيونها المأساةْ
والحزنَ .. والشتاتْ..
نحنُ شعوبٌ تجهلُ الفرحْ
أطفالنا ما شاهدوا في عمرهمْ
قوس قزحْ..
هذي بلادٌ أقفلتْ أبوابَها..
وألغتِ التفكيرَ عند شعبها
وألغتِ الإحساسْ..
هذي بلادٌ تطلقُ النارَ على الحَمَامِ..
والغمامِ..
والأجراسْ..

6
ما طارَ طيرٌ عندنا..
إلا انْذَبَحْ..
ولا تغنَّى شاعرٌ بشِعْرِهِ..

7
هذي بلادٌ ..
ما بها مسيرةٌ تمشي..
ولا ذبابةٌ تطيرُ من حيٍّ.. إلى حيٍّ..
ولا أمسيةٌ شعريةٌ تُعْطَى..

8
هذي بلادٌ
نصفها زنزانةٌ
ونصفها حراسْ..
تزوجَ الموتى نساءَ بعضهمْ
فأينَ راحَ الناسْ؟؟
بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدانْ.
فالماء فيها ضاحكٌ..
والورد فيها ضاحكٌ..
والخوخُ.. والرمانْ..
والياسمين عندكمْ ،
يمشط الشعرَ على الحيطانْ...
لا يضحكُ الإنسانْ؟؟
بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدانْ.
فالماء فيها ضاحكٌ..
والورد فيها ضاحكٌ..
والخوخُ.. والرمانْ..
والياسمين عندكمْ ،
يمشط الشعرَ على الحيطانْ...
فكيف في بلادكُمْ
لا يضحكُ الإنسانْ؟؟

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي