قراءة في نهدين إفريقيين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قراءة في نهدين إفريقيين لـ نزار قباني

أعطيني وقتاً ..
كي أستقبلَ هذا الحب الآتي من غير استئذانْ
أعطيني وقتاً ..
كي أتذكرَ هذا الوجهَ الطالعَ من شجر النسيانْ
أعطيني وقتاً ..
كي أتجنبَ هذا الحبَّ الواقفَ في نصفِ الشريانْ
أعطيني وقتاً ..
حتى أعرفَ ما اسمكِ ..
حتى أعرفَ ما اسمي ..
حتى أعرفَ أين ولدتُ ,
وأينَ أموتُ ,
وكيفَ سأبعثُ عصفوراً بين الأجفانْ
أعطيني وقتاً ..
حتى أدرسَ حالَ الريح ِ ,
وحالَ الموج ِ ,
وأدرسَ خارطة َ الخلجانْ ..
* * *
يا امرأة ً تسكنُ في الآتي ..
يا حبَّ الفلفل ِ والرمانْ ..
أعطيني وطناً يـُنسيني كلَّ الأوطانْ
أعطيني وقتاً ..
كي أتفادى هذا الوجهَ الأندلسيَّ , وهذ الصوتَ الأندلسيَّ ,
وهذا الموتَ الأندلسيَّ ..
وهذا الحزنَ القادمَ من كلّ مكانْ ..
أعطيني وقتاً يا سيدتي
كي أتنبأ بالطوفانْ ..
* * *
يا امرأةً ..
كانوا كتبوها في كتب السحرْ
من قبلكِ كان العالمُ نثراً ..
ثم أتيتِ فكان الشعرْ
أعطيني وقتاً ..
كي أستوعبَ هذا النهدَ الراكضَ نحوي مثلَ المهرْ ..
كرويٌّ نهدكِ مثل النقطة فوق السطرْ ..
بدويٌّ .. مثل جبوبِ الهال ِ ,
ومثلَ القهوة فوق الجمرْ ..
وقديمٌ مثل نحاس الشام ِ ..
قديمٌ مثل معابد مصرْ ..
وأنا مهتمٌّ بالتاريخ ِ ,
وعصر ٍ يـُخرجني من هذا العصرْ
وأنا بدويٌّ .. أخزنُ في رئتي الريحَ ,
وأخزنُ في شفتي الشمسَ ,
وأخزن في أعصابي الثأرْ ..
فانكسري فوق سرير الحبِ , انكسري
مثل دواة الحبرْ ..
وانتشري .. كالعطر الهنديّ
فإني اللحمُ .. وأنتِ الظفرْ ..
* * *
أعطيني الفرصة َ ..
كي ألتقطَ السمكَ السابحَ تحت مياه الخصرْ
قدماكِ على وبر ِ السجادةِ .. حالة ُ شِعْرْ
ويداكِ .. على البطن المتحمس ِ للأطفال ِ ,
قصيدة ُ شِعرْ ..
أعطيني الفرصة َ ..
كي أكتشف الحدَّ الفاصلَ بين يقين الحبّ ..
وبين الكفرْ ..
أعطيني الفرصة َ ..
حتى أقنع أني قد شاهدتُ النجمَ
وكلمني سيدنا الخُضْرْ ..
* * *
يا امرأة ً .. يسقطُ من فخذيها البلحُ الأشقرُ ..
مثلَ النخلة في الصحراءِ ..
يتكلمُ نهدكِ سبعَ لغاتٍ ..
وأنا أحترفُ الإصغاءْ ..
أعطيني الفرصة َ ..
كي أتجنبَ هذا الحبّ العاصفَ ,
هذا الحبَّ الجارفَ ..
هذا الحبَّ الشتويَّ الأجواءْ
أعطيني الفرصة َ حتى أقنعَ , حتى أؤمنَ , حتى أكفرَ .
حتى أدخلَ في لحم الأشياءْ ...
أعطيني الفرصة َ .. حتى أمشيَ فوقَ الماءْ ..
* * *
أعطيني الفرصة َ ..
كي أتهيأ قبل نزول البحرْ ..
فكثيفٌ ملحُ البحر العالقُ بين السُرة ِ .. والنهدين
وكثيفٌ سمكُ القرش القادمُ .. لا أدري من أينْ ؟
أعطيني الفرصة َ كي أتنفسَ ..
إن حشيشَ البحر خرافيٌّ تحت الإبطينْ
أعطيني الفرصة َ ..
حتى أقرأ حظـّي في عينيكِ المغلقتينْ ..
فأنا سيدتي لم أتعودْ ..
أن أتقمصَ في رجلينْ ..
* * *
يا ذات الوجه الإفريقيِّ , المأساوي , السنجابي ..
يا امرأة ً تدخل في تركيب النار , وفي تركيب الأعشابِ ..
أعطيني الفرصة َ كي أتهيأ ..
كي اتأقلمَ ..
كي أتعودَ ..
كي أتأكد من ماهية إعجابي ..
أعطيني عشرَ دقائقَ .. خمسَ دقائقَ ..
حتى يهدأ زبدُ الجنس ِ , وتهدأ حربُ الأعصابِ ..
* * *
أعطيني الفرصة َ كي أرتاحَ ..
وعند الفجر , سأعطيك ِ جوابي ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي