قصيدة حب 1980

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قصيدة حب 1980 لـ نزار قباني

1
في نهايات شهر ديسمبر من كل عامْ
يصبحُ دمي بنفسجياً ..
تهجمْ كرياتُ العشق على بقية الكرياتْ
وتأكلها ...
تهجمُ الكلمة ُ الأنثى على بقية الكلماتْ
وتطردها ...
ويكتشفون من تخطيط قلبي ..
أنه قلبُ عصفورْ ..
أو قلبُ سمكهْ ..
وأن مياهَ عينيكِ الدافئهْ ..
هب بيئتي الطبيعيهْ
والشرطُ الضروريّ لاستمرار حياتي ..
2
في نهاياتِ شهر ديسمبر من كلّ عامْ
عندما تصبحُ المكتباتْ
غابة ً من البطاقات الملونهْ
ويصبحُ مكتبُ البريدْ
حقلاً من النجوم ... والأزهار ... والحروف المقصّبهْ
أقعُ في إشكال ٍ لغويّ كبيرْ ..
أسقطُ من فوق حصان الكلماتْ
كرجل ٍ لم يرَ الخيلَ في حياتهْ ..
ولم يرَ النساءْ ..
آخذُ صفراً في الأدبْ
آخذُ صفراً في الإلقاءْ
أرسبُ في مادة الغزلْ
لأنني لم أستطع أن أقولَ بجملةٍ مفيدهْ
كم أنتِ رائعهْ
وكم أنا مقصّرٌ في مذاكرة وجهك الجميلْ
وفي قراءة الجزءِ العاشر ِ بعد الألفْ ..
من شعركِ الطويلْ ...
3
إشتغلتُ عاماً كاملاً
على قصيدة تلبسينها عام 1980
كلّ الهدايا متوفرةٌ في الأسواقْ
إلا هدايا القلبْ
كلّ الأساور صغيرةٌ على يديكِ
إلا أساورَ حناني ...
إثني عشرَ شهراً .. وأنا أشتغلْ
كدودة الحرير أشتغلْ ..
مرة ً بخيطٍ ورديّ ..
ومرة ً بخيطٍ برتقاليّ ..
حيناً بأسلاك الذهبْ
وحيناً بأسلاكِ الفضهْ
لأفاجئكِ بأغنيهْ ..
تضعيها على كتفيكِ كشال ِ الكشميرْ ..
ليلة رأس السنهْ ..
وتثيرينَ بها مخيلة َ الرجال .. وغيرة َ النساءْ ..
4
إثني عشر شهراً ..
وأنا أعملُ كصائغ ٍ من آسيا ..
في تركيب قصيدةٍ ..
تليقُ بمجد عينيكِ ..
أشكّ اللؤلؤة َ باللؤلؤهْ ..
والياقوتة َ بالياقوتهْ ..
والدمعة َ بالدمعهْ ..
وأصنعُ منها حبلاً طويلاً .. طويلاً من الكلماتْ
أضعهُ حول عنقكِ .. وأنا أبكي ...
إثني عشرَ شهراً
وأنا أعملُ كنسّاجي الشامْ
وفلورنسا .. والصين .. وبلاد فارس
في حياكة عباءةٍ من العشقْ ..
لا يعرفُ مثلها تاريخُ العباءاتْ .
ولا تاريخ ُ الرجالْ ..
5
إثني عشرَ شهراً ..
وأنا في أكاديمية الفنون الجميلهْ
أرسمُ خيولاً بالحبر الصينيّ
تشبهُ انفلاتَ شعركْ
وأعجنُ بالسيراميك أشكالاً لولبيهْ
تشبهُ استدارةَ نهديكِ ..
على القماش رسمتْ ..
وعلى الزجاج رسمتْ ..
وعلى المطر .. والبحر .. ودفاتر الليل رسمتْ ..
صنعتُ الأصواتَ التي لها رائحهْ ..
والرائحة َ التي لها صوتْ ..
ورسمتُ حول خصرك زيحاً بالقلم الأخضرْ ..
حتى لا يخطر بباله أن يصبح فراشة ً .. ويطيرْ
إثني عشرَ شهراً ..
وأنا أكسر اللغة َ إلى نصفينْ ..
والقمرَ إلى قمرينْ ..
قمر ٍ تستلمينهُ الآنْ ..
وقمر ٍ تستلمينهُ في بريد عام 1980

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي