قلم البلاغة بعد موت الأزرق
أبيات قصيدة قلم البلاغة بعد موت الأزرق لـ عبد الكريم القيسي الأندلسي

قلم البلاغة بعد موت الأزرق
في مأتم من حرنه كالمهرق
هذا لما يلقى عبوسٌ واجمٌ
حزناً وهذا كالكئيب المطرق
فكلاهما يتجاريان من الأسى
للغاية القصوى التي لم تلحق
طرق النعي فأطرقا من موته
للحادث الصعب العظيم المفلق
لله درهما فقد صدقا له
في الحزن حين سواهما لم يصدق
صدقاً لفذٍّ في البلاغة مفردٍ
ما زال معلوماً لعام السبق
ما غاص في بحر البلاغة فكره
إلا أتى بالسحر مما ينتقي
شهدت قصائده التي آياتها
تتلو الرواة بمغرب وبمشرق
نظم كنظم الدر إلا أنه
أبهى وأبهر عند كل محقق
ولنثره من حسنه في الطرس
ما في أرضه للجوهر المتفرق
أغنى الملوك عن الكتائب كتبه
قد جاهد الأعداء منه بفيلق
لفظ بليغٌ في النفوس مؤثر
تأثيره بشبا السنان الأزرق
هو مطمعٌ عند السماع لأمره
وإذا يروم وصاله لم يلحق
لدواته خط قويمٌ شكله
للحسن في ترتيبه لم يسبق
روضٌ تبوح بحبه أزهاره
فغدا لصيد العين مهما ترتقي
وله محياً حسنه وحياؤه
جالا معاً في مائه المترقرق
لهفي عليه لا أزال أعيده
حتى به من بعد موتي ألتقي
في جنة الخلد التي هي منزل
للمؤمن الخاشي المطيع المتقي
لو كان يمكنني الفداء غديته
بالنفس محتسباً فداء المشفق
وصرفت عنه من الحمام مصابه
فغدت به لحالها لم تعلق
لكنه الموت الذي لا مهرباً
عنه لحي عاقل أو أحمق
أحكامه في الخلق أمضاها الذي
خلق الجميع وليته لم يخلق
أقضى على الأحياء منه بما قضا
هُ مطيعٌ أو عاصٍ سعيدٌ أو شقي
فشجاعهم من ذعره كجبانهم
وجبانهم من خوفه كالخرنق
الوهم يفعل في العدو إذا بدا
ما ليس يفعل بالسهام الرشق
وهي الحياة إلى الممات مآلها
والجمع فيها معقب بتفرق
والعيش في الدنيا كأحلام الكرى
تبدو له في النوم مهما يطرق
وحقيقةُ الأشياء مثل مجازها
فالموت فيها عند كل محقق
فعلام نكثر من تعلقنا بها
وبها السليم العاقل لم يعلق
كم عفرت في تربها من وجنة
أبهى من الزهر الذكي المونق
وسطت كآساد الشصرى في محلها
كالفظ إذ يسطو الغليظ المحنق
يا رحمة الله التي نفحاتها
في الطيب فوق المسك للمستنشق
خصيه منك بزورةٍ ترضي بها
من مات من إخوانه أو من بقي
وتعهدي من الوحيد محاسناً
أضحى بها مثل العمود الأيلق
واستمطري العطر السكوب لقبره
مع دم عين الواكف المدفق
ولقد غدا منه بجوهرة العلى
صدفاً ليوم الحشر لم يستبق
في جوفه تلك المحاسن قد عفت
كمطر قد دار من منخرق
شرح ومعاني كلمات قصيدة قلم البلاغة بعد موت الأزرق
قصيدة قلم البلاغة بعد موت الأزرق لـ عبد الكريم القيسي الأندلسي وعدد أبياتها سبعة و ثلاثون.