كدأبك ابن نبي الله لم يزل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة كدأبك ابن نبي الله لم يزل لـ ابن هانئ الأندلسي

اقتباس من قصيدة كدأبك ابن نبي الله لم يزل لـ ابن هانئ الأندلسي

كدَأبِكَ ابنَ نَبيِّ اللّهِ لم يَزَلِ

قتلُ الملوكِ ونقلُ المُلكِ والدُّوَلِ

أينَ الفِرَارُ لِباغٍ أنتَ مُدركُه

لأمِّهِ مِلءُ كَفّيْها منَ الهَبَل

هَيهاتَ يُضْحي منيعٌ منك مُمتنِعاً

ولو تَسَنّمَ رَوقَ الأعصم الوَعلِ

ولو غدا بخُلوبِ اللّيثِ مُدَّرِعاً

أو باتَ بينَ نُيوبِ الحيّةِ العُصُل

أمّا العَدُوُّ فلا تَحْفَلْ بمَهلكِهِ

فإنّما هو كالمحصُورِ في الطُّوَل

وأي مستكبرٍ يعيا عليك إذا

قدت الصعاب فلا تسأل عن الذُلل

خافوكَ حتى تفادَوْا من جَوانِحِهم

فما يُناجُونَها من كثرَةِ الوَهَل

ما يَستقِرُّ لهُمْ رأسٌ على جَسَدٍ

كأنّ أجسامهم يَلعَبنَ بالقُلَل

هذا المُعِزُّ وسيْفُ اللّهِ في يَدِهِ

فهل لأعْدائِهِ باللّهِ من قِبَل

وهذهِ خيْلُهُ غُرّاً مُسَوَّمَةً

يخرُجن من هبَواتِ النقع كالشُّعَل

إذا سَطا بادَرَتْ هامٌ مصارِعَها

كأنّما تتلقّى الأرضَ للقُبَل

مُؤيَّداً باختيارِ اللّهِ يَصْحَبُه

وليسَ فيما أراهُ اللّهُ من خَلَل

تَخْفى الجَلِيّةُ إلاّ عن بَصيرَتهِ

حتى يكونَ صوابُ القولِ كالخَطَل

فقد شهِدتُ له بالمُعجِزاتِ كما

شَهِدْتُ للّهِ بالتّوحيدِ والأزَل

فأبْلِغِ الإنسَ أنّ الجِنَّ ما وألَتْ

منه ولو حارَبَتْهُ الشمسُ لم تَئِل

عَتَوْا فغادرتَ في صَحرائهم رَهَجاً

يمتَدُّ منهُم على الأفلاكِ كالظُّلَل

سرَى مع الشهبِ في عَلْيا مَطالعِها

فكان أولى بأعلى الأفْق من زُحَل

كأنّ منه الذي في الليلِ من غَسَقٍ

داجٍ وما بحواشي الغَيم من طَحَل

أرْدَتْ سُيوفُك جيلا من فراعنة

لم يفتأوا لقديم الدهر كالجبل

هُمُ استبدوا بأسلابِ الليوثِ وهُم

جَزّوا نواصيَ أهْلِ الخَيم والحُلَل

من عهد طالوتَ أو من قبله اضطرمتْ

تَغْلي مَراجلُهمْ غَيظاً على المِلَل

لقد قصَمتَ من ابنِ الخَزْرِ طاغيةً

صَعْبَ المقادةِ أبّاءً على الجَدَل

إذ لا يزالُ مُطاعاً في عَشيرتِهِ

تُلقَى إليه أُمورُ الزَّيْغ والنِّحَل

يكادُ يَعصي مَقاديرَ السّماءِ إذا

رَمَى بعينيه بين الخيل والإبل

حَسَمْتَ منه قديمَ الداءِ مُتّصِلاً

بالجاهِلِيّةِ لاهٍ بالعِدَى هَزِل

من جاحِدي الدِّينِ والحقِّ المُنير ومن

عادي الأئِمّةِ والكُفّار بالرُّسُل

ومِن جبَابرَةِ الدّنْيا الذينَ خَلَوْا

وأنْزَلَ اللّهُ فيهم وَحْيَهُ فتُلى

أتاكَ يَعْلُوهُ من عِصْيانِهِ خَفَرٌ

حتى كأنّ بهِ ضَرْباً من الخَجَل

يُديُرهُ الرُّمْحُ مهتزّاً بلا طَرَبٍ

إلى الكتائبِ مُفتَرّاً بلا جَذَل

مُرَنَّحاً من خُمار الحَتْفِ صَبَّحَهُ

وليسَ يخْفى مكانُ الشارِبِ الثمِل

كأنّما غَضَّ جَفْنيه الأزُومُ على

صَدرِ القَناةِ أوِ استَحْيا من العَذَل

وما نَظَرْتَ إليه كلّما جَعَلَتْ

تمْتَدُّ منه برأسِ الفارسِ الخَطِل

إلاّ تَبَيَّنْتَ سِيما الغَدْرِ بَيّنَةً

عليه والكفرِ للنَّعْماء والغِيَل

تُصْغي إليه قُطوفُ الهامِ دانِيَةً

وإنّ أسْماعَها عنْهُ لَفي شُغُل

بَرْزٌ بصفحَتِهِ لولا تَقَدُّمُهُ

لم يُعرَفِ الليْثُ بينَ الضّبِّ والوَرَل

إذا التَقَى رأسُهُ عُلْواً وأرؤسُهُمْ

سُفْلاً رأيتَ أميراً قائمَ الخَوَل

لو كان يُبصر مَن لُفّتْ عَجاجتُهُ

رَأى حَوالَيْهِ آجاماً من الأسَل

ولوْ تأمّلَ مَن ضُمّتْ حَريبتُهُ

لقسَّم الطرفَ بينَ الفَجْع والثَّكَل

لم يلْقَ جالوتُ من داودَ ما لِقيَتْ

شُراتُهُ منك في حَلٍّ وفي رِحَل

فمِنْ ظُباكَ إلى عَليا قَناكَ إلى

نارِ الجحيم فما يخلو من النُّقَل

قل للبرِيّةِ غُضّى من عِنانِكِ أو

سِيري لشأنِك ليس الجِدّ كالهزَل

لم ألقَ في الناسِ مُجهولَ البصيرَةِ أو

مُسَوِّفاً نفسَه قولاً بلا عمَل

لم أثْقَفِ المرءَ يَعْصي مَن هداه ومَن

نجّاه من عثراتِ الدَّحْض والزَّلَل

قد قَرّ كُرسيُّ عَدنانٍ ومنبرُها

بفاتِحِ المُدْن قَسراً مؤمن السبُل

مَن لا يرى العَزْمَ عَزماً يُستقاد له

إذا جِبالُ شَرَورَى منه لم تزُل

مَن صَغَّرَ المَشرِقَينِ الأعظمين إلى

مَن فيهما من مَليكِ الأمر أو بطل

وطبَّقَ الأرضَ من مِصرٍ إلى حلَبٍ

خيلاً ورَجْلاً ولفَّ السهْلَ بالجبل

وأُوردتْ خيْلُه ماءَ الفُراتِ فما

صَدَرْنَ حتى وَصَلْنَ العَلَّ بالنهَل

حتى إذا ضاقَ ذَرْعُ القوْمِ وافترقوا

في الذلِّ فِرْقَينِ من بادٍ ومُمتثِل

وعادَ طُولُ القَنا في أرضِهم قِصَراً

وأنفدوا كلَّ مذخورٍ من الحِيَل

ألقَوْا بأيديهِمُ منه إلى سبَبٍ

بينَ الإله وبينَ الناس متّصِل

فإن يكُنْ أوْسَعَ الأملاكِ مَغفِرَةً

فالسيْفُ يسقُطُ أحياناً على الأجَل

وإن يكُنْ عَقلُ مَن ناواه مخْتَبَلاً

فإنّ للنّصْلِ عَقلاً غيرَ مُختَبَل

وليسَ يُنكَرُ من هادٍ لأمّتِهِ

غَولُ المواحيدِ للبُقيا على الجُمل

فلا يَسُغْ للوَرى إمهالُهُ كرَماً

فإنّما تُدَركُ الغاياتُ بالمُهَل

ولا يُسيئَنَّ ذو الذنبِ الظُّنونَ بهِ

إذا استقادَ له في ثوبِ مُنتَصل

فلا عجيبُ بمن أبقَتْ ظُباهُ على

ملوك مصر أن استبقى ولم يغل

فلست من سخطة المردي على خطر

ما دُمتَ من عَفوِهِ المُحيي على أمَل

لَعَلّ حِلْمَكَ أمْلى للذّينَ هَوَوْا

في غَيّهِمْ بين مَعفورٍ ومُنجَدِل

فلا شفى داءَهم إلاّ دواؤهُمُ

والسيْفُ نِعْمَ دَواءُ الداء والعِلل

لم يُترَكِ اليومَ منهم غيرُ شِرذِمَةٍ

لو أنّهم إثِمدٌ ما حُسَّ في المُقَل

لو بعضُ ما باتَ يُطَوى في جوانحهم

يَسمو لِغَيلانَ لم يَربَعْ على طَلَل

فرَغتَ للحج من شُغل الهِياجِ فلوْ

سألتَ مكّة قالتْ هيْتَ فارتحِل

وكان في الغرْبِ داءٌ فاتّقَاكَ لَهُ

برأسِ كلِّ فلانٍ في العِدى وفُل

فقد توَطَّدَ أمرُ المُلْكِ فيهِ وقدْ

نَدَبْتَ نَدْباً إليه غيرَ مُتَّكِل

لمّا شَدَدتَ بعبدِ اللّهِ عُروَتَهُ

أعزَزتَ منه مصونَ العِرض لم يَذِل

عَرفتَ في كلِّ صُنع اللّه عارفَةً

فما تَهُمُّ بفعلٍ غيرِ مُنفعِل

ولاختيارِكَ فضْلُ الوَحي إنّك لا

تأتي المآتيَ إلاّ من عَلٍ فَعَل

مُستهدِياً بدَليلِ اللّهِ تتبعُهُ

وقادحاً لزِنادِ الحِكمَةِ الأوَل

وإنّ مُلْكاً أقَرَّ اللّهُ قُبّتَهُ

بابنِ الإمامِ لَمُلْكٌ غيرُ منتقِل

لو نازَعَ النَّجْمَ ما أعياه مَنزِلُهُ

أو نازَلَ القَدرَ المقدورَ لم يُهَل

قد فِئتَ من بَرَكاتِ الأبطحيِ إلى

ما لا يفيءُ إليه الظِّلُّ في الأُصُل

تَوالَتِ الباقِياتُ الصّالحاتُ لَهُ

تَواليَ الدِّيَمِ الوكّافةِ الهَطِل

ألَيسَ أوّلَ ما ساس الأمور أتَتْ

عَفواً بما كان لم يَحسَبْ ولم يَخَل

فالفَتْحُ من أوَّل النعمى به ولَهُ

عَواقبٌ في بَني مَروانَ عن عَجَل

بِرِيحِهِ أرْدَتِ الهيجا بني خَزَرٍ

وباسمهِ استظهرَتْ في الغزْو والقَفَل

فإن تَكِلْهُ إلى ماضي عزائِمِهِ

تَكِلْهُ منها إلى الخطِّيَّةِ الذُّبُل

مهما أقامَ فذو التَّاج المقيمُ وإن

تَلاكَ رَيثاً فبعدَ المشهدِ الجَلل

وبعد توطيدِ مُلكِ المَشرقينِ لِمَنْ

ثوى وأمْن العذارى البيض في الكِلَل

إذا نَظَرتَ إليْه نَظْرَةً دَفَعَتْ

إليك شِبهَكَ في الأشْباهِ لم يفِل

تَرَى شَمائِلَ فيه منكَ بيّنةً

لم تنْتَقِلْ لكَ عن عَهدٍ ولم تَحُل

كما رأى المَلِكُ المنصُورُ شيمَتَهُ

تَبُدو عليك من المنصور قبل تَلي

الآنَ لّذَّتْ لنا مِصرٌ وساكِنُها

وللسَّوابِحِ والمَهْرِيّةِ الذُّمُل

ما مَكثُنا معشرَ العافين إنّ لنَا

في البَينِ شغلاً عن اللذّاتِ والغَزَل

فليتَنَا قد أرَحْنا هَمَّ أنفُسِنَا

أوِ استراحَتْ مطايانا من العُقُل

ليَعْقِدِ التاجَ هذا اليومُ مفتخراً

إن كان تُوِّجَ يْومٌ سائرُ المَثَل

ألا تَخِرُّ لهُ الأيّامُ ساجِدَةً

إذْ نالَ مَكرُمَةً أعيَتْ فلم تُنَل

تكَنَّفَتْهُ المساعي فهو يَرفُلُ من

وَشْيِ الرّبيعِ وَوَشْي المجد في حُلَل

فيه الربيعان من فصل الربيع ومن

وقائع النصر تشفي من جَوى الغُلَل

فقُلْ إذا شئْتَ في الدنيا وبهجتِها

وقُل إذا شئْتَ في السَّرّاء والجَذل

ما أخَّرَ اللّهُ هذا الفَتحَ منذُ نَما

إلاّ ليَصْحَبَهُ بالعِدَّةِ الكَمَل

فيَقرنَ الفصْلَ بالحَفل الجميع ضُحًى

وتُحْفَةَ الحربِ بالأسلابِ والنَّفَل

تَجَمَّعَ السَّعْدُ والإبّانُ فاتّفَقَا

وزَهرةُ العيش تَتلو زهرةَ الأمَل

ومَشهَدُ الملكِ طلقاً والسجودُ إلى

شمس الهُدى واتّصال الشمس بالحمل

فما تَكامَلَ مِن قبلي لمُرْتَقِبٍ

إذناً ولا لخطيبٍ ما تكامل لي

شرح ومعاني كلمات قصيدة كدأبك ابن نبي الله لم يزل

قصيدة كدأبك ابن نبي الله لم يزل لـ ابن هانئ الأندلسي وعدد أبياتها خمسة و تسعون.

عن ابن هانئ الأندلسي

محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة. أشعر المغاربة على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق، وكانا متعاصرين. ولد بإشبيلية وحظي عند صاحبها، واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة وفي شعره نزعة إسماعيلية بارزة، فأساؤا القول في ملكهم بسببه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى أفريقيا والجزائر. ثم اتصل بالمعز العبيدي (معدّ) ابن إسماعيل وأقام عنده في المنصورية بقرب القيروان، ولما رحل المعز إلى مصر عاد ابن هانئ إلى إشبيلية فقتل غيله لما وصل إلى (برقة) .[١]

تعريف ابن هانئ الأندلسي في ويكيبيديا

ابن هانئ الأندلسي (المتوفي عام 362هـ) شاعر أندلسي لُقب بمتنبي الغرب.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي