كرهت القصور وقطانها
أبيات قصيدة كرهت القصور وقطانها لـ أبو القاسم الشابي
كَرِهْتُ القُصورَ وقُطَّانَها
وما حولَها من صِراعٍ عنيف
وكَيْدَ الضَّعيفِ لِسَعْي القويِّ
وعَصْفَ القويَّ بجَهْدِ الضَّعيفْ
وجَاشَتْ بنفْسي دُمُوعُ الحَيَاةِ
وعَجَّتْ بقلبي رِياحُ الصُّروف
لقَلْبِ الفقيرِ الحطيم الكسيرِ
ودَمْعِ الأَيامَى السَّفيحِ الذَّريفْ
ونَوْحِ اليتامَى على أُمَّهاتٍ
تَوَارَيْنَ خلفَ ظَلامِ الحُتوفُ
فسرْتُ إلى حيثُ تأوي أَغاني الرَّبيعِ
وتذوي أَماني الخَريفْ
وحيثُ الفَضَا شاعرٌ حالمٌ
يُناجي السُّهولَ بوَحْيٍ طَريفْ
وقد دَثَّرَتْهُ غيومُ المساءِ بظلٍّ
حزينٍ ضَريحٍ شفيفْ
وبينَ الغُصونِ التي جَرَّدَتْها
ليالي الخَريفِ القويِّ العَسُوفْ
وقَفْتُ وحوْلي غديرٌ مواتٌ
تمادتْ به غَفَواتُ الكُهوفْ
قَضَتْ في حفافِيهِ تِلْكَ الزُّهُورُ
فَكَفَّنها بالصَّقيعِ الخَريفْ
سوى زهرةٍ شَقِيَتْ بالحَيَاةِ
وملْبَثها بالمُقامِ المُخيفْ
يُرَوِّعُها فيه قَصْفُ الرُّعودِ
ويُحْزِنُها فيه نَدْبُ الزَّفيفْ
ويَنْتابُها في الصَّباحِ السَّديمُ وفي
اللَّيلِ حُلمٌ مُريعٌ مُخيفْ
وتُرْهِبُها غادياتُ الغمامِ
وتُؤلِمُها كلُّ ريحٍ عَصُوفْ
فَتَرْنو لمَا حولَها مِنْ زُهورٍ
وما ثَمَّ إلاَّ السَّحيقُ الجَفِيفْ
فتبكي بكاءَ الغريب الوحيدِ
بشجْوٍ كَظيمٍ ونَوْحٍ ضَعيفْ
تُباكي بهِ لُبَّها المستطارَ
وَتَرْثي بهِ مَا طَوَتْهُ الحُتُوفْ
وتشكو أَساها بَيَاضَ النَّهارِ
وتندُبُ حَظَّ الحَيَاةِ السَّخيفْ
ولكنْ لقد فَقَدَتْ في الوُجُودِ
رفيقاً مُصيخاً وقلباً رَؤُوفْ
فما ثَمَّ إلاَّ الصُّخُورُ القَواسي
وإلاَّ الصَّدى المُسْتَطارُ الهَتُوفْ
فَجَادتْ بروحٍ شجيٍّ لقد
عذَّبتهُ اللَّيالي صُنُوفْ
ومَاتتْ وقد غادَرَتْها بقاعٍ منَ
الأَرضِ ضنْكٍ حَيَاةُ الصُّروفْ
فبانَتْ حَيالَ الغديرِ الأَصمِّ
وقدْ أَخرسَ الموتُ ذاك الحَفيفْ
وقد خَضَّبَتْها غيومُ المساءِ
كغانيةٍ ضرَّجَتْها السُّيوفْ
فسلْها تُرى كيفَ غاضَ الأَريجُ
وكيفَ ذَوَى سِحْرُ ذاك الرَّفيفْ
وكيف خَبَتْ بَسَمَاتُ الحَيَاةِ
بأَجْفانِها وعَرَاها الكُسُوفْ
وكيفَ لَوَتْ جيدَهَا الحَادِثاتُ
وأَلْوَتْ بذاك القوامِ اللَّطيفْ
ذَكَرْتُ بمضجَعِها المطمئنِّ
ومرقَدِها في السَّفيرِ الجَفيفْ
مصارعَ آماليَ الغابراتِ
وخيْبَتَها في الصِّراعِ العَنيفْ
فقلَّبتُ طَرْفي بمهْوى الزُّهُورِ
وصعَّدته في الفضاءِ الأَسيفْ
وقلتُ هوَ الكونُ مَهْدُ الجمالِ
ولكِنْ لكلِّ جمالٍ خَريفْ
وأَطرقتُ أُصغي لهَمْسِ الأَسى
وقد غَشِيَ النفسَ هَمٌّ كَثيفْ
وَغَاضَتْ ثُمالَةُ نورِ النَّهارِ
وأَرْخى ظلامُ الوُجُودِ السُّجوفْ
شرح ومعاني كلمات قصيدة كرهت القصور وقطانها
قصيدة كرهت القصور وقطانها لـ أبو القاسم الشابي وعدد أبياتها أربعة و ثلاثون.
عن أبو القاسم الشابي
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و (كتاب الخيال الشعري عند العرب) و (آثار الشلبي -ط) و (مذكرات -ط) .[١]
تعريف أبو القاسم الشابي في ويكيبيديا
أبو القاسم الشَّابِّي الملقب بشاعر الخضراء (24 فبراير 1909 - 9 أكتوبر 1934م) شاعر تونسي من العصر الحديث ولد في قرية الشَّابِّية في ولاية توزر.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ أبو القاسم الشابي - ويكيبيديا