كل يقول إلى العلا أنا صاب
أبيات قصيدة كل يقول إلى العلا أنا صاب لـ ابن نباتة السعدي
كلٌّ يقولُ إلى العُلا أنا صابِ
والمَجْدُ مَجدي والنِّصابُ نِصابي
يَهْوى تناولَها بغيرِ مَشقّةٍ
ويُريدُ غايتَها بغيرِ طِلابِ
ويجودُ للبيضِ الحِسانِ بقلبِهِ
والسّيفُ لا يَسخو له بإهابِ
لا يطمعُ الجبناءُ في إدراكِها
فالدّهْرُ ليس يحوزُها فيُحابي
لو كانَ يملِكُها لخُصَّ بصفوِها
أهلَ السّفاهةِ منهِمُ والعابِ
أرثي لمُفني سَيفِهِ بفنائِها
أضعافَ ما أرثيهِ للقرضابِ
وأذودُ وفدَ الدّمعِ يَركَبُ شأنَهُ
ووفودُ بابي يأمنونَ حِجابي
سُكّانَ هذا الجسمِ قبلَ فؤادِهِ
والقلبُ قبلَ نُهاهُ والآرابِ
هلْ تذكرونَ إذِ الترحلُ دأْبكمْ
والصَّدُّ عمّا في الهَوادِجِ دابِي
وسُؤالكم بالبينِ طَرْفاً سِرْتُمُ
لم تَظفَروا من دَمعِهِ بجَوابِ
أيامَ تحكي الريحُ سرعةَ إبلِكُم
فكأنّها قُطِرَتْ إلى الأذْنابِ
أخْفَيْتُ آيَةَ حُبِّكم فتوَهّمَتْ
رُوحي بأنّ جَوارِحي أحْبابي
وكذا توهمت الجوارح أنّكم
روحي وكل ليس يعلم ما بِي
فالوجدُ لا تجِدُ الجوانحُ حَرَّهُ
والسُقْمُ لا تَدري بهِ أثوابي
ما بالُ قَلبي يَستجيرُ ركائِبي
ويلومُني في فُرقةِ الأصحابِ
وهُمومُهُ أوحدنني من صُحْبَتي
وضياؤُهُ أغشى عليّ رِكابي
ألقى الظلامَ بحَلَّةٍ من مِثْلِهِ
وكأنّ لونَ الشّمسِ لونُ ثِيابي
فلَو اطّلعتُ وغبتُ ما شَكّ امرؤٌ
أنّ الغَزالَةَ فيهِم جِلبابي
سيروا بَني الأملِ البَعيدِ وبيّضوا
وجهَ المَطالِبِ بالعَجاجِ الكابِي
قد باتَ يُطوى الدّهرُ من أعمارِكم
ما ليس تُطوى البيدُ بالأنيابِ
لا نومَ حتّى يكتَحِلنَ بماجِدٍ
يَضَعُ اللحاظَ مواضعَ الإسهابِ
شيموا يمينَ أبي العَلاءِ وكذِّبوا
بحَياهُ بَرقَ العارضِ الكَذّابِ
بمُبَخّلِ الأنواءِ لولا جُودُهُ
عزَّ الترابُ لكثرةِ الطُّلابِ
رَحبُ المداخِلِ غيرَ أنّ عَطاءَهُ
أفضَى من الأبوابِ في الأبوابِ
وتظنُّهُ لمؤمِليهِ مُؤَمِّلاً
من شدةِ التّأهيلِ والترْحابِ
ويكادُ يبخَلُ باللها من ظنهِ
أنّ القبولَ لها أجَلُّ ثَوابِ
قَلِقُ الظَنونِ بجودِهِ لو سُمتَهُ
رَدّ الشّبابِ لياليَ الأطْرابِ
لتوَهّمَ الشّيْبُ الذي تَمضى بهِ
عوض النّوالِ فلم يَجدْ بشَبابِ
لا عيبَ يُعرَفُ فيهِ إلاّ أنّهُ
يُقلي خَلاقَ الآخِذِ الوهّابِ
يَستأنسُ المجدَ الغريبَ ولا يَرى
شَرَفَ الأبُوّةِ أشْرَفَ الأحْسابِ
أهدى الفتى من سَعيِهِ نَوْبَ العِدى
ومَناقِبَ الآباءِ والأعْقابِ
في حُلّةٍ صُبِغَتْ لهُ من نَحْرِهِ
تَهمي على عَقبَيْهِ كالهُدّابِ
لم يَدّخِرْ غيرَ الثّناءِ لعَقْبِهِ
إنّ الثّناءَ موارثُ الأنْجابِ
شَمِّرْ ثِيابَكَ للخطوبِ فإنّهُ
ما تحفَلُ الأحداثُ بالأنسابِ
ومُعاقِرٍ بدَم الفَوارِسِ هَمَّهُ
تعضيدُ كلِّ مُثقفٍ هَبْهابِ
فكأنّهُ يَبْرى أنابيبَ القَنا
بَدَلاً من الأقْداحِ والأكْوابِ
تِيهُ البلاغَةِ لا تزالُ يمينُهُ
تَخدى بخَواضٍ لها جَوّابِ
أعْمى من الظّلماءِ إلا أنّهُ
أهْدى البريةِ كلِّها لِصوابِ
يَفْتَرُّ من بَطْنِ الدّواةِ بكفّهِ
عن مثلِ نابِ الحيّةِ المُنْسابِ
يَرنو إلى الأفكارِ غيرَ مُلاحظٍ
ويُخاطِبُ القِرطاسَ غيرَ مُجابِ
ويُعَلِّمُ الآدابَ أفْهامَ الوَرى
وفؤادُهُ صَفِرٌ من الآدابِ
الفرقُ بينَ السّمهريِّ وبينَهُ
في الفَضلِ لا يَخفى على الألْبابِ
هذا يُوصِّلُ كلَّ ما قَطَعَ الرّدى
عفواً وذاكَ مُقَطِّعُ الأسْبابِ
ولسانُ هذا لا يُغاوِلُ مُهْجَةً
ولسانُ ذلكَ أخربُ الخُرّابِ
يَتبايَنانِ لَدى السّماحةِ والنّدى
كَرماً ويشتركانِ في الأعْطابِ
إنْ كانَ بانَ لنا بفضلِكَ فضلُهُ
يا فارِسَ الأُدباءِ والكتّابِ
فَعَجاجَةٌ مثلُ السّماءِ سَمَتْ بِها
تُسْدى رِداءَ القَسْطَلِ المُنْجابِ
خيلٌ إذا وطِئَتْ أعالي بلدةٍ
تركتْ أسافِلَها بغيرِ تُرابِ
تَرِدُ السِّهامُ بها العَوامِلَ شُرَّعاً
فيصيدها شركٌ من الأنْدابِ
شَجَرٌ بَراهُنّ الحِمامُ لكَفِّهِ
حُلّينَ أغصاناً من النُشّابِ
يتَلَفّفُ الخَطّي وهو مُسَدّدٌ
فيها عليكَ تلفُّفَ اللّبلابِ
علماً بأنّكَ لو سلكتَ صُدورَهُ
لنَثَلتَهُ قَصَباً بغيرِ كَعابِ
فمَتى تُساجلُكَ الملوكُ وإنّما
يوماكَ يومُ نَدىً ويومُ ضِرابِ
وهُمُ إذا وزَنوا الكلامَ بمجمعٍ
وصمَتَّ كانَ الصّمْتُ فصلَ خِطابِ
وإذا هُمُ جعَلوا الصّوارِمَ غايةً
فضَلَتْ يمينُكَ بالكَهامِ النّابي
وهُمُ إذا ركبوا إلى أعدائِهم
قُبَّ البُطونِ لَواحِقَ الأقْرابِ
أمتَعتَ أطرافَ الأسنّةِ بالقَنا
ووثبتَ وثبةَ ماجدٍ ركّابِ
شِيَمٌ ورِثْتَ حُظوظَها وجُدودَها
في المجدِ عن آبائِكَ الأرْبابِ
قومٌ إذا اقتسموا مغانمَ دهرِهم
وجدوا المَعالي فضلةَ الأسْلابِ
فإذا أردتَ بها نَهايةَ مَدحِهِمْ
لقّبتَهم بقَبائِحِ الألْقابِ
لمّا أتيتُكَ والُطوبُ تنوشني
فرددتَها تدمى على الأعْقابِ
ونهيتَ صرفَ الدّهرِ عنّي فانتهى
وكرَعْتُ ودَّكَ في ألذِّ خِطابِ
خجِلَ الزّمانُ فعُرْفُهُ يَعْتادُني
ولهُ إليَّ تَلَفُّتُ المُرْتابِ
وعصابةٍ يفحيي الجاءُ خُمولَها
خَطَبَتْ إليّ المدحَ في الخُطّابِ
قالوا أقَمتَ بأرضِنا فأجبتُهم
إنّ المكارمَ ينتظرنَ إيابي
إنْ تطلح الإبلُ العِتاقُ فبَعْدَما
أفنَى الكَلالُ جِذابَها وجِذابي
ووهبن لي أخفافَهُنّ مع الذُرى
فوهبتُ صِحَّتَهُنّ للأوصابِ
تشكو تنقليَ البلدُ وأشتكي
عدَمَ الشُّكول وقلّةَ الأضرابِ
طَيّانَ أبذُلُ للصّديقِ مَدائِحي
وأصونُ عن عِرضِ العدوِّ سِبابي
شرح ومعاني كلمات قصيدة كل يقول إلى العلا أنا صاب
قصيدة كل يقول إلى العلا أنا صاب لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها تسعة و ستون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا