كم غادر الشعراء من متردم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة كم غادر الشعراء من متردم لـ محمود سامي البارودي

اقتباس من قصيدة كم غادر الشعراء من متردم لـ محمود سامي البارودي

كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ

وَلَرُبَّ تَالٍ بَزَّ شَأْوَ مُقَدَّمِ

فِي كُلِّ عَصْرٍ عَبْقَرِيٌّ لا يَنِي

يَفْرِي الْفَرِيَّ بِكُلِّ قَوْلٍ مُحْكَمِ

وَكَفَاكَ بِي رَجُلاً إِذَا اعْتُقِلَ النُّهَى

بِالصَّمْتِ أَوْ رَعَفَ السِّنَانُ بِعَنْدَمِ

أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقَرِيضِ بِمنْطِقِي

وَصَرَعْتُ فُرْسَانَ الْعَجَاجِ بِلَهْذَمِي

وَفَرَعْتُ نَاصِيَةَ الْعُلا بِفَضَائِلٍ

هُنَّ الْكَوَاكِبُ فِي النَّهَارِ الْمُظْلِمِ

سَلْ مِصْرَ عَنِّي إِنْ جَهِلْتَ مَكَانَتِي

تُخْبِرْكَ عَنْ شَرَفٍ وَعِزٍّ أَقْدَمِ

بَلِهٌ نَشَأْتُ مَعَ النَّبَاتِ بِأَرْضِهَا

وَلَثَمْتُ ثَغْرَ غَدِيرِهِ الْمُتَبَسِّمِ

فَنَسِيمُهَا رُوحِي وَمَعْدِنُ تُرْبِهَا

جِسْمِي وَكَوْثَرُ نِيلِهَا مَحْيَا دَمِي

فَإِذَا نَطَقْتُ فَبِالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِي

أَوْلَتْهُ مِنْ فَضْلٍ عَلَيَّ وَأَنْعُمِ

أَهْلِي بِهَا وَأَحِبَّتِي وَكَفَى بِهِمْ

فَخْراً مَلَكْتُ بِهِ عِنَانَ الأَنْجُمِ

وَأَحَقُّ دَارٍ بِالْكَرَامَةِ مَنْزِلٌ

لِلْقَلْبِ فِيهِ عَلاقَةٌ لَمْ تَصْرَمِ

هِيَ جَنَّةُ الْحُسْنِ الَّتِي زَهَرَاتُهَا

حُورُ الْمَهَا وَهَزارُ أَيْكَتِهَا فَمِي

مَا إِنْ خَلَعْتُ بِهَا سُيُورَ تَمَائِمِي

حَتَّى لَبِسْتُ بِهَا حَمَائِلَ مِخْذَمِي

وَغَنِيتُ عَنْ قُلَتِي بِعَامِلِ أَسْمَرٍ

وَسَلَوْتُ عَنْ مَهْدِي بِصَهْوَةِ أَدْهَمِ

وَفَجَرْتُ يَنْبُوعَ الْبَيَانِ بِمَنْطِقٍ

عَذْبٍ رَوَيْتُ بِهِ غَلِيلَ الْحُوَّمِ

وَلَكَمْ أَثَرْتُ غَيَابَةً مِنْ قَسْطَلٍ

بِمُهَنَّدِي وَحَلَلْتُ عُقْدَةَ مُبْرَمِ

أَخْتَالُ طَوْرَاً فَوْقَ ذِرْوةِ مِنْبَرٍ

وَأَكُرُّ طَوْرَاً فَوْقَ نَهْدٍ شَيْظَمِ

حَتَّى رَبَأْتُ مِنَ الْمَعَالِي هَضْبَةً

شَمَّاءَ تُزْلِقُ أَخْمَصَ الْمُتَسَنِّمِ

نَشَأَتْ بِطَبْعِي لِلْقَرِيضِ بَدَائِعٌ

لَيْسَتْ بِنِحْلَةِ شَاعِرٍ مُتَقَدِّمِ

يَصْبُو بِهَا الحَكَمِيُّ صَبْوَةَ عَاشِقٍ

وَتَخِفُّ مِنْ طَرَبٍ عَرِيكَةُ مُسْلِمِ

قَوَّمْتُهُ بَعْدَ اعْوِجَاجِ قَنَاتِهِ

وَالرُّمْحُ لَيْسَ يَرُوقُ غَيْرَ مُقَوَّمِ

فِقَرٌ يَكَادُ السِّحْرُ يَبْلُغُ بَعْضَ مَا

فِي طَيِّهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ

مُتَشَابِهُ الطَّرَفَيْنِ يُنْبِئُ صَدْرُهُ

عَمَّا تَلاحَقَ فَهْوَ بَادِي الْمَعْلَمِ

أَحْكَمْتُ مَنْطِقَهُ بِلَهْجَةِ مُفْلِقٍ

يَقِظِ الْبَدِيهَةِ فِي الْقَرِيضِ مُحَكَّمِ

يَبْتَزُّ أُهْبَةَ كُلِّ فَارِسِ بُهْمَةٍ

وَيَزُمُّ شِقْشِقَةَ الْفَتِيقِ الْمُقْرَمِ

ذَلَّلْتُ مِنْهُ غَوَارِبَاً لا تُمْتَطَى

وَخَطَمْتُ مِنْهُ مَوَارِنَاً لَمْ تُخْطَمِ

شِعْرٌ جَمَعْتُ بِهِ ضُرُوبَ مَحَاسِنٍ

لَمْ تَجْتَمِعْ قَبْلِي لِحَيٍّ مُلْهَمِ

فَإِذَا نَسَبْتُ فَتَنْتُ كُلَّ مُقَنَّعٍ

وَإِذَا نَأَمْتُ ذَعَرْتُ كُلَّ مُلَثَّمِ

كَالرَّوْضِ تَسْمَعُ مِنْهُ نَغْمَةَ بُلْبُلٍ

وَالْغِيْلُ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَةَ ضَيْغَمِ

أَدْرَكْتُ قَاصِيَةَ الْمَحَامِدِ وَالْعُلا

وَشَأَوْتُ فِيهَا كُلَّ أَصْيَدَ مُسْنِمِ

فَأَنَا ابْنُ نَفْسِي إِنْ فَخَرْتُ وَإِنْ أَكُنْ

لأَغَرَّ مِنْ سَلَفِ الأَكَارِمِ أَنْتَمِي

وَالْفَخْرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ بِنَافِعٍ

إِنْ كَانَتْ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ

هَذَا وَرُبَّتَ لَذَّةٍ بِاشَرْتُهَا

فِي ظِلِّ أَخْضَرَ بِالْعَرَارِ مُنَمْنَمِ

طَفِقَ النَّسِيمُ يَحُوكُ وَشْيَ بُرُودِهِ

بِأَنَامِلٍ تَمْرِي خُيُوطَ الْمِرْزَمِ

فَبِكُلِّ أُفْقٍ مُزْنَةٌ فَيَّاضَةٌ

وَبِكُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ كَالأَرْقَمِ

هَاتِيكَ تَجْرِي فِي السَّمَاءِ كَأَنَّهَا

سُفُنٌ وَهَذَا فِي الْخَمَائِلِ يَرْتَمِي

فَالرَّوْضُ بَيْنَ مُوَشَّحٍ وَمُؤَزَّرٍ

وَالزَّهْرُ بَيْنَ مُدَنَّرٍ وَمُدَرْهَمِ

طَلْقُ الْجَبِينِ تَبَسَّمَتْ أَزْهَارُهُ

عَنْ دُرِّ قَطْرٍ كَالْعُقُودِ مُنَظَّمِ

عَبِقُ الإِزَارِ كَأَنَّمَا جَرَتِ الصَّبَا

فِيهِ بِجُؤْنَةِ عَنْبَرٍ لَمْ تُخْتَمِ

صَبَحَ الْغَمَامُ غُصُونَهُ فَتَرَنَّحَتْ

طَرَباً لِرَجْعِ الطَّائِرِ الْمُتَرَنِّمِ

فَنَسِيمُهُ أَرِجٌ وَطَائِرُ أَيْكِهِ

هَزِجٌ وَجَدْوَلُهُ بَرُودُ الْمَبْسِمِ

يَسْتَوْقِفُ الأَلْبَابَ حُسْنُ رُوَائِهِ

وَيَصِيدُ عَيْنَ النَّاظِرِ الْمُتَوَسِّمِ

وَالْمَرْءُ طَوْعُ يَدِ الزَّمَانِ يَقُودُهُ

قَوْدَ الْجَنِيبِ لِغَايَةٍ لَمْ تُعْلَمِ

فَلَكٌ يَدُورُ وَأَنْجُمٌ لا تَأْتَلِي

تَبْدُو وَتَغْرُبُ فِي فَضَاءٍ أَقْتَمِ

صُوَرٌ إِذَا نَادَيْتَهَا لَمْ تَسْتَجِبْ

أَوْ رُمْتَ مِنْهَا النُّطْقَ لَمْ تَتَكَلَّمِ

فَدَعِ الْخَفِيَّ وَخُذْ لِنَفْسِكَ حَظَّهَا

مِمَّا بَدَا لَكَ فَهْوَ أَهْنَأُ مَغْنَمِ

لا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ يَبْلُغ مَا نَأَى

عَنْهُ وَلَوْ صَعِدَ السَّمَاءَ بِسُلَّمِ

بَيْنَا يَشقُّ بِهِ الْجِوَاءَ تَرَفُّعَاً

أَهْوَى بِهِ فِي كِسْرِ بَيْتٍ مُظْلِمِ

إِنَّ الْحَيَاةَ شَهِيَّةٌ مَا لَمْ تَكُنْ

غَرَضاً لإِمْرَةِ ظَالِمٍ لَمْ يَرْحَمِ

لا أَرْتَضِي عَيْشَ الْجَبَانِ وَلا أَرَى

فَضْلاً لِذِي حَسَبٍ إِذَا لَمْ يُقْدِمِ

وَلَرُبَّ مَلْحَمَةٍ سَرَيْتُ قِنَاعَهَا

عَن وَجْهِ نَصْرٍ بِالْغُبَارِ مُلَثَّمِ

لَوْ كَانَ لِلإِنْسَانِ عِلْمٌ بِالَّذِي

فِي الْغَيْبِ لَمْ يَفْرَحْ وَلَمْ يَتَنَدَّمِ

فَدَعِ الأُمُورَ إِلَى مُدَبِّر شَأْنِهَا

وَارْغَبْ عَنِ الدُّنْيَا بِنَفْسِكَ تَسْلَمِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة كم غادر الشعراء من متردم

قصيدة كم غادر الشعراء من متردم لـ محمود سامي البارودي وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.

عن محمود سامي البارودي

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي) . نسبته إلى (إيتاي البارود) ، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية. ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا. الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال. ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان. حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317هـ‍ فعاد إلى مصر. أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر. له (ديوان شعر -ط) ، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.[١]

تعريف محمود سامي البارودي في ويكيبيديا

محمود سامي بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري (1255 هـ / 6 أكتوبر 1839 - 1322 هـ / 12 ديسمبر 1904)، هو شاعر مصري ولد عام 1838م من أسرة مؤثرة لها صلة بأمور الحكم. نشأ طموحا تبوأ مناصب مهمة بعد أن التحق بالسلك العسكري، وقد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربي ولا سيما الأدبي؛ فقرأ دواوين الشعراء وحفظ شعرهم وهو في مقتبل عمره. أُعجب بالشعراء المُجددين مثل أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وغيرهم، وهو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية. ولقد تولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار لهُ، ولقب برب السيف والقلم.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي