كنت نورا وكان ثم عماء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة كنت نورا وكان ثم عماء لـ حمدون بن الحاج السلمي

اقتباس من قصيدة كنت نورا وكان ثم عماء لـ حمدون بن الحاج السلمي

كُنتَ نُوراً وكَانَ ثَمَّ عَماءُ

وَنَبِيّاً وليس طِينٌ وَماءُ

وإِذا كانَ مِن عُلاكَ العَلاءُ

كيفَ تَرقى رُقِيَّكَ الأنبياءُ

يا سماءً ما طاوَلَتها سَماءُ

ولكَ الكَونُ كانَ إِذ كُنتَ فَتحاً

ثُمَّ خَتماً لَهُ ولَم تَألُ نُصحَا

وإِذَا الأنبياءُ سَاوَوكَ مَدحَا

لَم يُساوُوكَ في عُلاكَ وقَدحَا

لَ سنىً مِنكَ دُونَهُم وَسَنَاءُ

هُم عُيونٌ وأنتَ إِنسانٌ اسنَى

هُم قَصِيدٌ وَأنتَ بَيتُهُ حُسنَا

هُم رِياضٌ وَأنتَ زَهرُهُ تُجنَى

إِنَّمَا مَثَّلوا صِفاتِكَ لِلنَّا

سِ كَمَا مثَّلَ النُّجومَ الماءُ

أنتَ أصلُ الأكوانِ أنتَ بِهَا القَصدُ

وَمِنكَ استَمَدَّ مَن كَانَ مُخلَص

أنتَ ظِلُّ الرَّحمَنِ لَم يَتَقَلَّص

أنتَ مِصبَاحُ كلِّ فَضلٍ فَمَا تَص

دُرُ إلاَّ عَن ضَوئِكَ الأضوَاءُ

لَكَ فِى وَجهِ آدَمٍ كَانَ قَد حَيَّا

المُحَيِّي لَولاَكَ يَا رُوحُ لاَ حَي

لَكَ فِيهِ يَا كَعبَةً سَجَدَ الحَي

لَكَ ذَاتُ العُلومِ مِن عالِمِ الغَي

بِ ومِنهَا لآدَمَ الأسمَاءُ

أنتَ صَفوٌ مِنَ الصَّفلاءِ انتُخِبتَا

فِى جِنانِ النَّعِيمِ مِن قَبلُ طِبتَا

مِن لَدُن آدَمٍ وَنَجلِهِ شِيثَا

لَم تَزَل فِي ضَمَائِرِ الكَونِ تُختَا

رُ لَكَ الأمَّهضاتُ والآبَاءُ

كُلُّ مَبعُوثٍ للأنَامِ تَجَلَّى

أخَذَ اللهُ مِنهُ عَهداً وَإِلاَّ

أن يُذِيعَ فِي قَومِهِ مِنكَ فَضلاً

مَا مَضَت فَترَةٌ مِنَ الرُّسلِ إلاَّ

بَشرَّت قَومَهَابِكَ الأنبِياءُ

بِك إدريسُ فِي المَعَالِي أشَمُّ

بِكَ نُوحٌ نَجَا وَقَد طَمَّ يَمُّ

بِكَ سَامٌ سَما لِقَدرِهِ نَجمُ

تَتَبَاهَى بِكَ العُصُورُ وَتَسمُو

بِكَ عَليَاءُ بَعدَهَا عَليَاءُ

بِكَ إبرَاهِيمٌ كَفاهُ العَلِيمُ

فَاستَحَالَت إِلَى الجِنَانِ الجَحِيمُ

وَفَدَى ابنَهُ مِنهُ ذِبحٌ عَظِيمُ

وَبَدا لِلوُجُودِ إِلَى الجِنَانِ الجَحيمُ

مِن كَرِيمٍ آباؤُهُ كُرَمَاءُ

نَسَبٌ طَاهِرٌ حَبَاهُ الإِلاَهُ

بِكَ يا زَينُ كُلُّ شَينٍ خَلاَهُ

نَسَبٌ مِن حُلاَكَ نِيطَ طُلاَهُ

نَسَبٌ تَحسِبُ العُلاَ بِحُلاَهُ

قَلَّدَتهَا نُجُومَهَا الجَوزَاءُ

حَبَّذَا فَرعٌ مُبرِزٌ لِثِمَارِ

بِنِجَارٍ مِن خِندِفٍ وَنِزَارِ

حَبَّذَا مِعصَمٌ زَهَا بِسوَارِ

حَبَّذَا عِقدُ سُؤدَدٍ وَفَخَارِ

أنتَ فِيهِ اليَتِيمَةُ العَصمَاءُ

حَبَّذَا نُورٌ ضَاءَ مَعك نَجِيءُ

فِي هُدَاهُ المُهدَى لَنَا وَنَفِيءُ

وَبِكَ ارجَاءُ القُلُوبِ تُبضِيءُ

وَمُحَيّاً كَالشَّمسِ مِنكَ مُضِيءُ

أسفَرَت عَنهُ لَيلَةُ غَرَّاءُ

لَيلَةً فَتَّقَت لَنَا غُصنَ مَجدِ

عَبقٍ مُعبِقٍ لِغَورٍ وَنَجدِ

حَرَّكتَ فِي الكَونَين سَاكِنَ وَجدِ

لَيلَةُ المَولِدِ الَّذِي كَانَ لِلدِّي

نِ سُرُورٌ بِيَومِهِ وَازدِهَا

لَيلَةٌ أشرَفَت بِهَا الحُورُ تَشهَد

طَلعَةً فِي مِرآتِهَا الحُسنُ يُشهَد

وَأفَاضُوا نَجمُ النَّبِيِّ تَوَقَّد

وَتَوَالَت بُشرَى الهَواتِفِ أن قَد

وُلِدِ المُصطَفَى وَحُقَّ الهَنَاءُ

صَأحِبُ الدَّولَةِ الَّذِي كُلُ دَولا

تِ رَعَايَاهُ لَيسَ غَيرُهُ مَولَى

وَتَلاَ لِلطَّاغُوتِ أولَى فَأولَى

وَتَدَاعَى إِيوَانُ كِسرَى وَلَولاَ

آيَةٌ مِنكَ مَا تَدَاعَى البِنَاءُ

عَلَمُ اليُمنِ سَعدُ مَن يَرتضِيهِ

وَيَقُومُ رُشداً بِمَا يَقتَضِيهِ

أُزلِفَت جَنَّةٌ لِمَن يَقتَفِيهِ

وَغَدَا كُلُّ بَيتِ بِمَا يَقتَضِيهِ

كُربَةٌ مِن خُمُودِهَا وَبلاَءُ

وَرَأى المُوبَذَانُ فِي النَّومِ مُلكَا

قَاطِعاً دِجلَةً ومَا احتَاجَ فُلكَا

مُنذِراً أنَّ مَن يُنَاوِيهِ هَلكَى

وَعُيُونٌ لِلفُرسِ غَارَت فَهَل كَا

نَ لِنِيرَانِهِم بِهَا إطفَاءُ

مَولِدٌ جَنَّةُ المُنَى نُزهَةُ النَّف

سِ بِهِ آذَانُ المُحِبِّ تُشَنَّف

لاَحَ فَضلٌ لَهُ وَالأورَاقُ تَخصَف

مَولِدٌ كانَ مِنهُ فِي طَالِعِ الكُف

رِ وبَالٌ عَلَيهِمُ وَوَبَاءُ

مَولِدٌ دَائمُ النَّدَى رَوضُهُ الخَض

لُ بِهِ أرحَامُ الكَمَالش تَمَخَّض

لم يَكُن مَن لَهُ أُضِيفَ لِيُخفَض

فَهنِيئاً مِنهُ لآمِنَةَ الفَض

لُ الذِي شُرِّفَت بِهِ حَوَّاءُ

رَحمَةُ اللهُ رَبُّكَ يفتَح

زَهرَةٌ شُمَّت قَبلَ أن تَتَفَتَّح

وشَذَاهَا لِصَاحِبِ الفِيلِ ألفَح

مَن لِحَوَّاءَ أنَّهَا حَمَلَت أح

مَدَ أو أنَّهَا بِهِ نُفَسَاءُ

يَومَ لاحَ الفَخَارُ مِن آلِ كَعبِ

وَعَلاَ كَعبُهُم عَلَى كُلِّ كَعبِ

وَجَلاَ سَعدُ طَيرِهِم كُلَّ لَهبِ

يَومَ نَالَت بِوَضعِهِ ابنَةُ وَهبِ

مِن فَخَارٍ مَا لَم تَنلهُ النِّسَاءُ

وَضَعَتهُ بَدراً مُنِيراً أشَمَّا

فَتَجَلَّى ضَوءُ الصَّبَاحِ وَعَمَّا

وَاختَفَى مِنهُ البَدرُ وَهوَ استَتَمَّا

وَأتَت قَومَهَا بِأفضَلَ مِمَّا

حَمَلَت قَبلُ مَريَمُ العَذرَاءُ

رَفَعَتهُ الأملاَكُ إِذ عَرَفَتهُ

فِي المُحَيَّا مِن آدَمٍ وَرَعَتهُ

ثُمَّ عَأدَت إذ أمُّهُ أضجَعَتهُ

شَمَّتَتهُ الأملاَكُ إِذ وضَعَتهُ

وَشَفَتنَا بِقَولِهَا الشَّفَّاءُ

قَابِضاً قَبضَةً مِنَ الأرضِ بِالكَف

ف وَفِي ذاَك القَبضِ زُهدٌ تَعَرَّف

واعتِلاَءٌ بِهَا تَصَرَّف

رَافِعاًُ رَاسَهُ وَفِي ذَلِكَ الرَّف

عِ إِلَى كُلِّ سُؤدَدٍ إيمَاءُ

وَلإِسرَائِهِ لِرَبٍّ وَإن مَا

لَهُ وَجهٌ لِغَيرِ وَجهِهِ يُنمَى

وَتَرَقِّيهِ فِي المَعَارِفِ أو مَا

رَامِقاً طَرفُهُ السَّمَاءَ ومَرمَى

عَينِ مَن شَأنُهُ العُلوُّ العَلاَءُ

وَلِكَونِهِ قَاسِماً بِيَدَيهِ

مِفتَحُ الكَونِ والأمَانِي لَدَيهِ

نَزَلَت أملاَكُ السَّمَاءِ عَلَيهِ

وَتَدَلَّت زُهرُ النُّجُومِ إِلَيهِ

فأضَاءَت بِضَوئِهَا الأرجَاءُ

ولِكَونِهِ نُورَ أعيُنِنَا رُو

حَ جُسُومٍ بالرَّوحِ مَنهُ استَمَرُّوا

طَوَّفُوهُ بَراً وَبَحراً وَمَرُّوا

وَتَرَاءَت قُصُورُ قَيصَرَ بِالرُّو

مِ يَرَاهَا مَن دَارُهُ البَطحَاءُ

بِجَمِيعِ الأطوَارِ لاَحَت سِمَاتُ

وَثِيابٌ مِنَ الهُدَى مُعلَمَاتُ

وبِوَضعٍ آيٌ لَهُ بَارزَاتُ

وَبَدَت فِي رَضَاعِهِ مُعجِزَاتُ

لَيسَ فِيهَا عَنِ العُيُونِ خَفَاءُ

هُوَ عَصمَاءُ العِقدِ كَانَت وَفَاةُ

لأبِيهِ بِهَا اسّتَتَمَّت صِفَاتُ

حُرِمَت خَيرَ كَنزِهِ مُعرِضَاتُ

إِذ أَبَتهُ لِيُتمِهِ مُرضِعَاتُ

قُلنً مَا فِي اليَتِيمِ عَنَّا غَنَاءُ

ما دَرَت أن مِنهُ تُنَالُ الصِّلاَتُ

وَلَهُ لاَ لِلسُّحبِ تُؤتَى الصَّلاَةُ

أخطَأتهَا مِن أجلِ شُؤمٍ هِبَاتُ

فأَتَتهُ مِن آلِ سَعدٍ فَتَاةُ

قَد أبَتهَا لِفَقرِهَا الرُّضَعَاءُ

جَبَرَ اللهُ صَدعَهَا وَوَقَتهَا

خَيبَةَ السَّعدِ نِيَّةٌ صَدَقَتهَا

أيُّمَا رُتبَةٍ بِهَا لَحِقِتهَا

أرضَعَتهُ لِبَانَهَا فَسَقَتهَا

وَبَنِيهَا ألبَانَهُنَّ الشَّاءُ

سُحبُ خَيرٍ بِنَشرِ رِيحِهِ سَحَّت

وَدقَ إسعَادٍ وَالسَّمَاواتُ شَحَّت

عِندَمَا دَرَّ ثَديُهَا الشَّاءُ دَرَّت

أصبَحَت شُوَّلاً عِجَافاً وَأمسَت

مَا بِهَا شَائِلٌ وَلاَ عَجفَاءُ

مَا رَعَت مَرعىً غَيرَ مُخضَرِّ فَضلِ

وَنَبَاتٍ مِنَ السَّعَادَةِ خَضلِ

عَبِقَ النَّشرُ مِنهُ فِي كُلِّ رَحلِ

أخصَبَ العَيشُ عِندهَا بَعدَ مَحلِ

إِذ غَذَا لِلنَّبِىِّ مِنهَا غِذَاءُ

إِذ رَأتهُ تَيَقَّنَت أنَّهُ نَج

مُ هُدىً لاَمِعُ السَّنَا يَتَوَهَّج

وَبِوَحدَةِ اللهِ وَالحَقُّ أبلَج

يَا لَهَا مِنَّةً لَقَد ضُوعِفَ الأج

رُ عَلَيهَا مِن جِنسِهَا وَالجزَاءُ

وكَسَت أرضَ آل سًَعدٍ لِبَاسَا

مِن نَبَاتٍ لَم يَبقَ فِيهِ بَاسَا

حَيثُ كَانُوا مَثوىً لَهُ وكِنَاسَا

وإِذَا سَخَّرَ الإِلاَهُ أنَاسَا

لِسَعِيدٍ فَإِنَّهُم سُعَدَاءُ

دَرَّ ثَدي ابنِهَا وَمِن قَبلُ مَا مَص

وَثُدِيُّ الإِيمَانِ وَالآنَ حَصَحَص

وكَذَاكَ الذي لِفِعلهِ أخلَص

حَبَّةٌ أنبَتَت سَنَابِلَ وَالعَص

فُ لَدَيهِ يَستشرِفُ الضُّعَفَاءُ

شَبَّ أنقَى مِن زَهرِ رَوضٍ جَلَتهُ

يَدُ سُحبٍ وَبَهجَةٌ شَمَلَتهُ

وَبِهِ كُلُّ مَا اشتَهَت وَصَلَتهُ

وَأتَت جَدَّهُ وَقَد فَصَلَتهُ

وَبِهَا مِن فِصَالِهِ البُرَحَاءُ

مَا دَرَتهُ عَن كُلِّ سُوءٍ تَخَلَّى

وَبِكُلِّ الخَيرَاتِ مِنهُ تَحَلَّى

وازدَرَى نُورُهُ بِبَدرٍ تَجَلَّى

إِذ أحَاطَت بِهِ مَلاَئكَةُ الل

هِ فَظنَّت بِأنَّهُم قُرنَاءُ

وَرَآهَا لَم تَسلُ عَن رُؤيَةٍ

وَجهاً بِهِ أسرَارُ الجَمَالِ تَمَوَّج

وبِتَاجٍ مِنَ الجَلاَلِ مُتَوِّج

وَرَأى وَجدَها بِهِ وَمِنَ الوَج

دِ لَهِيبٌ تَصلَى بِهِ الأحشَاءُ

سَعِدَت سَعدٌ مُنذُ زُفَّ إِلَيهَا

وَأضَاءَت شُمُوسُ حُسنٍ عَلَيهَأ

رَقَّصَتهُ شَيمَاؤُهُ بِيَدَيهَا

فَارَقَتهُ كُرهاً وكَانَ لَدَيهَا

ثَاوِياً لاَ يُمَلُّ مِنهُ الثَّوَاءُ

أيُّ شَيءٍ بَدرُ الدُّجَىن لَهُ يخفَض

صَانَ أسرَارَهُ الخِتَامُ فَلاَ الفَض

ضُ مُلِمٌّ بِهِ وَلاَ الإِفضَاءُ

يَا لَها مِن مُقَدِّمَاتٍ مِنَ الخُلَّةِ

وَالحُبِّ قَلبَهُ تَتَخَلَّل

وَتَدَلَّت قُطوفُهَا تَتَهَدَّل

ألِفَ النُّسكَ والعِبَادَةَ والخَل

وَةَ طِفلاً وَهَكَذَا النُّجَبَاءُ

طَهَّرَ اللهُ مِنهُ ذَاتاً وَجَيبَا

لَم يَرَ القَومُ مِنهُ مُذ كَان رَيبَا

ودَعوَهُ الأمِينَ سِراً وَغَيبَا

وَإِذَا حَلَّتِ الهِدَايَةُ قَلبَا

نَشِطَت فِي العِبَادَةِ الأعضَاءُ

سَيِّدٌ كُلُّ سُؤدَدٍ كَانَ عَنهُ

مَاجِدٌ لَم يُدرَك لِمَجدِهِ كُنهُ

يَرجَحُ الكَونَ كُلَّهُ إن يَزِنهُ

شُقَّ عَن قَلبِهِ وَأخرِجَ مَنهُ

مُضغَةٌ عِندَ غَسلِهِ سَوداءُ

قَبَّلُوه وَبَشَّرُوهُ بِأن أو

تِيَ مَا لَم يُؤتَ الذين استَضَاءُوا

لَم يَجِد مَسّا لَم يَرعِ حِينَ جَاءُوا

خَتَمَتهُ يُمنَى الأمينِ وَقَد أو

دعِ مَا لَم تُذَع لَهُ أنبَاءُ

أيُّ سِرٍّ أسرَارُهُ لَم تُقَوَّض

أيُّ مِسكٍ وَأيُّ عِطرٍ تَخَوَّض

إذ أتَى الشّامَ شَامَ أعلاَمُهُ الرُّهبَانُ

هَزَّ عَطفَي خَدِيجَةَ خُبرُه

وَضَعَ الرُكنَ وَهوَ فِى البَيتِ سِرُّه

بَعَثَ اللهُ عِندَ مَبعَثِهِ الشُّه

بَ حِرَاساً وضَاقَ عَنهَا الفَضَاءُ

وَدَهَى القَومَ مَا رَأتهُم وَقد هَمَّهُمُ

أمرُهَا الغَرِيبُ وَألَّم

لَم تَكُن بِانتِشَارِهَا قَبلُ تُعلَم

تَطرُدُ الجِنَّ عَن مَقَاعِدَ لِلسَّم

عِ كَمَا تَطردُ الذِّئَابَ الرِّعَاءُ

دَافِعَاتٌ ذُبَابَهُ عَن مَرَايَا

وَحيِ صِدقٍ إِلَى أجَلِّ البَرَايَا

أحمَدَ المَاحِي الكُفرَ سَيفاً وَآيَا

فَمَحَت آيَةَ الكَهَانَةِ آيَا

تُ مِنَ الوَحيِ مَا لَهُنَّ امِّحَاءُ

عَلَمُ الحُسنِ بِالبَهَاءِ تَطرَّز

مَا حَوَى السَّبقَ غَيرُ مَن لَهُ أحرَز

ثَالِثٌ لِلبَدرَينِ إِذ رِيءَ عَزَّز

وَرَأتهُ خضدِجَةٌ والتُّقَى والز

هدُ فِيهِ سَجِيَّةٌ وَالحَيَاءُ

وَلَهُ أملاَكٌ تُظَلِّلُ وَالحضرُّ يَصُدُّ

الحِربَاءَ والشَّمسُ مِجمَر

تَالِياً آيَةَ الخَلِيلِ وَأبهَر

وَأتَاهَا أنَّ الغَمَامَةَ وَالسَّر

حَ أظلَّتهُ مِنهُمَا أفيَاءُ

وَسُجُودٌ مِنَ الجَمَادِ وَما بال

عَينِ مِن شُكلَةٍ مُزِيلَةِ مُشكِل

وَبِخَتمٍ في الظَّهر لِلعِلمِ مُكمِل

وَأَحادِيثُ أنَّ وَعدَ رَسُولِ الل

ه بالبَعثِ حَانَ مِنهُ الوَفَاءُ

فاستخَفَّت شَوقاً لِمَا هُوَ أنجَح

وَهيَ مِن رَضوَى فِي الرَّزَانَةِ أرجح

وَلَهَا طَيرُ سَعدِهِ كَانَ يَسنَح

فَدَعَتهُ إِلَى الزَّوَاجِ وَمَا أح

سَنَ مَا يَبلُغُ المنَى الأذكيَّاءُ

كَانَ مِنهُ لَهَا عَلَيهِ دَلِيلُ

إنَّهُ جَنَّةٌ وَظِلٌ ظَلِيلُ

وَنَبِيٌّ وَمَجتَبىً ورَسُولُ

وَأتَاهُ فِي بَيتِهَا جَبرَئِيلُ

وَلِذِي اللُّبِّ في الأمُورِ ارتِيَاءُ

بَل تَمَنَّت بِالعَينِ إثلاَجَ صَدرِ

فَأمَاطَت عَنهَا الخِمَارَ لِتَدرِي

أهُوَ الوَحيُ أم هُوَ الإِغمَاءُ

بَعدَ قَولٍ لِلمُصطَفَى أئتِ بِأمرِي

فَخِدَيَّ اليُمنَى فَيُسرَى فَحِجرِي

هَل تَرَى قَالَ أي وَلا مِثلَ بَدرِ

فَاختَفَى عِندَ كَشفِهَا الرَّأسَ جِبرِي

لُ فَمَا عَادَ أو أعِيدَ الغِطَاءُ

احتِرَاماً لِلمُصطَفَى وَلَهُ أن

يَتَبَدَّى لَهُ وَسِرُّ تَبَيَّن

أو يُرَى إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أحسَن

فَاستَبَانَت خَدِيجَةُ أنَّهُ الكَن

زُ الذي حَاوَلَتهُ والكِيمِيَاءُ

فَتَرَ الرُّوحُ فَترةً كَادَ يَصلَى

مِنهُ شوقاً لِلأنسِ ثُمَّ تَجَلَّى

فَدَعَا سِراً لَم يَدُم مَن تَوَلَّى

ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ يَدعُو إلَى الل

هِ وفِي الكُفرِ نَجدَةٌ وَإِبَاءُ

إِذ أتَاهُ اصدَع جَاءَهُم نَاشِباً ظُفرَ

ازدِرآءٍ بِهِم وَلَم يَكُ يَضعُف

لَبِسُوا جِلدَ النَّمرِ مِن قَولِهِ أف

أمَماً أشرِبَت قُلُوبُهُم الكُف

رَ فَدَاءُ الضَّلاَلِ فِيهِم عَيَاءُ

وَأجَابَتهُ أمَّةٌ مَا طَ غَينَا

عَنهُمُ نُورُهُ بِهم قَرَّ عَينَا

أيُّ نُورٍ بِذَاكَ ضَاءَ لَدَينَا

وَرَأينَا آياتهِ فَاهتدَينَا

وَإِذَا الحَقُّ جَاءَ زَالَ المِرَاءُ

مَحضُ فَضلٍ سَاقَتهُ أيدِي العِنَايَا

تِ لَنَا قَبلَ كَونِ كُلِّ البَرَايَا

عَزَّ عَن أن يُنَالَ عَقلاً وَرَأيَا

رَبِّ إنَّ الهُدَى هُدَاكَ وَآيَا

تُكَ نُورٌ تَهدِي بِهِ مَن تَشَاءُ

وَلَكَ الحَمدُ دَائِماً وَلَكَ المُلك

وكُلٌّ فِي ثَوبِ فَضلِكَ يَرفُل

جَلَّ حُكمُ الآزَالِ عَن أن يُعَلَّل

كَم رَأينَا مَا لَيسَ يُعقَلُ قَد أل

هِمًَ مَا لَيسَ يُلهَمُ العُقلاَءُ

جَاءَ ذُو الفِيلِ في جُيُوشٍ بِظِلفِ

بَحَثَت عَن حَتفٍ فَصَارَت كَعَصفِ

وَنَمَى أمنُ الخَمسِ مِن كُلِّ خَوفِ

إِذ أبَى الفِيلُ مَا أتَى صَاحِبُ الفِي

لِ ولَم يَنفَعِ الحِجَا والذَّكَاءُ

طَارَ ذُو الفِيلِ هَادِماً كَعبَةً فِي

جَيشٍ هوَ لَم يَدرِ مَا مِنهُ يُلفِي

فَحَمَتهُ طَيرٌ لِنَارِهِ تُطفِي

إِذ أبَى الفِيلُ مَا أتَى صَاحِبُ الفِي

لِ ولَم يَنفَع الحِجَا والذَّكَاءُ

أسجَدَتهُ الأنوَارُ فِي شَيبَةٍ تُخجِلُ

شَمساً وَظُلمَةُ اللَّيلِ تُسلَخ

وَبِمِسكٍ مِنَ السَّلَامِ تَضَمَّخ

والجَمَادَاتُ أفصَحَت بِالذى أخ

رِسَ عَنهُ لأحمَدَ الفُصَحَاءُ

كَلَّمَتهُ الأحجَارُ جَاءَت لِعَرضِ

لِسَلاَمٍ مُؤَدِّيَاتٍ لفَرضِ

خَاطَبَتهُ عُجمٌ خِطَاباً لِمُرضِ

وَيحَ قَومٍ جَفَوا نَبِيّا بِأرضِ

ألِفَتهُ ضِبَابُهَا والظِّبَاءُ

حَرَمٌ قَامضت الجِمَالُ لَدَيهِ

شَاكِيَاتٍ تَخِرُّ بَينَ يَديهِ

وَنَفَوهُ وَحَامَ طَيرٌ عَلَيهِ

وَسَلَوهُ وَحَنَّ جِذعٌ إَلَيهِ

وَقَلَوهُ وَوَدَّهُ الغُرَبَاءُ

مَكَرُوا مَكرَهُم بِهِ واستَشَاروا

لُسِعُوا بِالذِي جَنَوهُ وشَارُوا

إذ دَهَتهُم مَذَلَّةٌ وَصَغَارُ

أخرَجُوهُ مِنهَا وآوَاهُ غَارُ

وَحَمَتهُ حَمَامَةٌ وَرَقَاءُ

سَارَ عَنهُم وَمَن لَهُ مَلكُوتُ

نَاظِرٌ لَم يَعلَق بِهِ رَهبُوتُ

إِنَّهُ أوهَنُ البُيُوتِ بُيُوتُ

وَكَفَتهُ بِنَسجِهَا عَنكُبوتُ

مَا كَفَتهُ الحَمَامَةُ الحَصداءُ

حَلَّ فِي الغَارِ آمِناً مِنهُمُ آ

مَن مِن طَيرِ البَيتِ لَم يَخشَ سُوءَا

وَقَفَوهُ والنَّفسُ بِالغَيظِ مَلآى

واختَفَى مِنهُمُ عَلَى قُربِ مَرآ

هُ ومِن شِدَّةِ الظُّهُورِ الخَفَاءُ

قَد سَعَوا فِي إِطفَاءِ نُورِهِ وَاحتَا

لُوا وَهَضمُ البُدُورِ لاَ يَتَأتَّى

ثُمَّ عَادَت جُمُوعُهُم عَنهُ شَتَّى

وَنَحَا المُصطَفَى المَدِينَةَ واشتَأ

قَت إِلَيهِ مِن مَكَّةَ الأنحَاءُ

حَلَّ بَيتاً للأمِّ مَعبَدَ فَارتَا

حَت لِوَصفِ مُحيٍ بِنَشرِهِ مَوتَى

وَمُلِينٍ مَن كَانَ قَلبُهُ أعتَى

وَتَغَنَّت بِمَدحِهِ الجِنُّ حَتَّى

أطرَبَ الإنسَ مِنهُ ذَاكَ الغِنَاءُ

كُلُّ ذِي حُسنٍ فِي مَطَارِفِ نَخوَه

يَزدَهِي بِالسُّجُودِ أومَأ نَحوَه

بِحُلىً مِنهُ الإنسُ والجِنُّ نَوَّه

وَاقتَفَى إِثرَهُ سُرَقَةُ فاستَه

وَتهُ فِي الأرضِ صَافِنٌ جَردَاءُ

غَرِقَت فِي الثّرى سَبُوحُهُ لولاَ السِّرُّ

مِمَّن قَفَاهُ لَم تَكُ تُحبَس

كَونُهُ رَحمَةً بِهَا الأمنُ يُؤنَس

ثُمَّ نَادَاهُ بَعدَمَا سِيمَتِ الخَس

فَ وقَد يُنجِدُ الغَرِيقَ النِّدَاءُ

هِجرةٌ قَد جَلَت لَهُ مَا السَّمَاوَا

تُ جَلَتهُ فَسِرُّهُنَّ تَسَاوَى

إِذ سَرَى بِهِ جَبرَئِيلُ وَآوَى

فَطَوَى الأرضَ سَائِراً وَالسَّمَاوَا

تِ العُلاَ فَوقَهَا لَهُ إسرَاءُ

خَدَمَتهُ الأملاَكُ أمَّ بِمَن أخلَصَ

مِمَّن بِهِ الأمَاجِدُ تَصرُخ

لَيلَةٌ كُلُّ المَجدِ مِنهَا تَأرَّخ

فَصِفِ اللَّيلَةَ التي كَان للمُخ

تارِ فيهَا عَلَى البُرَاقِ استِوَاءُ

مُسرَجاً مُلجَماً أتَوهُ بِهِ كَي

يُصطَفَى وَالمِعرَاجُ لَم يَرَهُ حَي

ثُمَّ جَاءُوا بِرَفرَفٍ بَاهِرِ الزِّي

وَتَرَقَّى بِهِ إِلَى قَابِ قَوسَي

نِ وَتِلكَ السِّيَادَةُ القَعسَاءُ

كَشَفَ اللهُ عَن عُيُونِهِ سِتراً

فَرَآهُ بِعَينِ رَأسِهِ جَهرَا

سَامِعاً وَحياً لَيسَ يُدرَك سِرَّا

رُتَبٌ تَسقُطُ الأمَانِي حَسرَى

دُونَهَا مَا وَرَاءَ هُنَّ وَرَاءُ

عَادَ مِن ذَلِكَ الحِمَى جَلَّ قَدرَا

وَعَينُ شَمسٍ واللَّيلُ لَم يُبدِ فَجرَا

وَشَذَى القُدسِ نَاشِرٌ مِنهُ عِطرَا

ثُمَّ وافَى يُحَدِّثُ الناسَ شُكرَا

إِذ أتَتهُ مِن ربّهِ النَّعمَاءُ

أيُّ شَمسٍ لَيسَت بِذَاتِ ضَرِيبِ

تَتَجَلَّى مِنهُ بِذِهنِ أرِيبِ

إذ بَدا مُتحِفاً لِكُلِّ قَرِيبِ

وَتَحَدَّى فَارتَابَ كُلُّ مُرِيبِ

أوَ يَبقَى مَعَ السُّيُول الغُثاءُ

أيُّ عِطرٍ مِن ذَلِكَ الرَّوضِ يَعبَق

بِهِ عِطرُ النِّسرِينِ والوَردِ يَعلَق

بِشَذّى خُلقِهِ النَّسِيمُ تَخَلَّق

وهوَ يَدعُو إِلى الإِلاَهِ وإِن شَق

قَ عَلًَيهِ كُفرٌ بِهِ وَازدرَاءُ

وَرَمَوهُ بِالسِّحرِ حِينَ تَرَوَّوا

مَا تَوَلَّى عَن رُشدِهِم إِذ تَوَلَّوا

وَيُهَدِّي لِلذِّكرِ لَولاَهُ أصغَوا

ويَدُلُّ الوَرَى عَلَى اللهِ بِالتَّو

حِيدِ وهوَ المحجَّةُ البَيضَاءُ

لَهُ فِي كُلِّ الخَافِقَينِ استَبَانَت

بَيِّنَاتٌ بِهَا القُساةُ استَلاَنَت

وَتَوَالَت مِن بَعدِ مَا قَد تَوَالَت

فَبِمَا رَحمَةٍ مِنَ اللهِ لاَنَت

صَخرَةٌ مِن إِبَائهِم صَمَّاءُ

أشرَقَت مِنهُم نَيِّرَاتٌ بِنُجحِ

مِن دُجى الكُفرِ فَاستَحَالَت لِرَوحِ

جَنَحَت مِن بَعدِ اعتِزَازٍ لِصُلحِ

واستَجَابَت لَهُ بِنَصرٍ وَفَتحِ

بَعدَ ذَاكَ الخَضرَاءُ والغَبرَاءُ

وَأتَتهُ الوُفُودُ تهرَعُ مِن شَر

قٍ وغَربٍ كُلٌّ لَهُ السَّيفُ أنذَر

بَعدَ عُسرٍ أتَاهُ يُسرٌ وَأزَّر

وأطَاعَت لأمرِهِ العَرَبُ العَر

بَاءُ والجَاهِلِيَّةُ الجَهلاَءُ

لَم تَزَل شَمسُ آيِهِ فِيهِمُ تُبدِي عُجَاباً

لَهُم وَلَم تَكُ تَغرُب

وَقَنَاهُ فِي صَدرِ مَن حَادَ تُعرِب

وَتَوَالَت للمُصطفَى الآيةُ الكُب

رَى عَلَيهِم والغَارَةُ الشَّعوَاءُ

فَلَكُم آيةٍ عَلَيهِمُ تُتلَى

مُدنِياتٍ مَن قَد نَأى وَتَوَلَّى

وَلَكَم رَايَةٍ لَدَيهِمُ تُجلى

فَإِذَا مَا تَلاَ كِتَاباً مِنَ الل

هِ تَلَتهُ كَتِيبَةٌ خَضرَاءُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة كنت نورا وكان ثم عماء

قصيدة كنت نورا وكان ثم عماء لـ حمدون بن الحاج السلمي وعدد أبياتها مئتان و سبعة و خمسون.

عن حمدون بن الحاج السلمي

حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون السلمي المرداسي، أبو الفيض، المعروف بابن الحاج. أديب فقيه مالكيّ، من أهل فاس، عرَّفه السلاوي بالأديب البالغ، صاحب التآليف الحسنة والخطب النافعة. له كتب منها (حاشية على تفسير أبي السعود) ، و (تفسير سورة الفرقان) ، و (منظومة في السيرة) على نهج البردة، في أربعة آلاف بيت، وشرحها في خمس مجلدات، وغير ذلك. ولابنه محمد الطالب (كتاب) في ترجمته.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي