لا تاريخ قبل عينيك

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة لا تاريخ قبل عينيك لـ نزار قباني

1
عندما كنت أسكن في جنيف
لم تكن تبهرني الساعات السويسرية
المطعمة بالحجارة الكريمة .
ولم أكن معجباً باللافتات التي تقول :
(( نحن نصنع الزمن )) .
متى يعرف صانعو الساعات ، يا حبيبتي
أن عينيك وحدهما
هما اللتان تصنعان الوقت
وترسمان خرائط الزمن ؟ ..

2
عندما كنت أذهب إلى موعدك
في لندن ،
أو في باريس ،
أو في البندقية ،
أو على شواطئ البحر الكاريبي .
لم يكن للوقت شكل ..
ولا للأيام أسماء ..
ولا للتاريخ تاريخ ..
كان التاريخ مجرد ورقة بيضاء
تكتبين فيها أي كلام تشائين ..
في الوقت الذي تشائين …

3
عندما كنت ألبس معطف المطر
وألبسك تحت معطف المطر ..
كان الوقت يتشكل على مقاييس أنوثتك .
فمرة ، يأخذ شكل قدميك الصغيرتين ..
ومرة ، شكل أصابعك المشغولة بالدانتيلا ..
ومرة ، شكل خواتمك ..
ومرة ، شكل حلقك الإسباني ..
ومرة ، يأخذ شكل دهشتي
وحجم جنوني …

4
قبل أن تصبحي حبيبتي
كان هناك أكثر من تقويم
لحساب الزمن ..
كان للهنود تقويمهم .
وللصينيين تقويمهم .
وللفرس تقويمهم .
وللمصريين تقويمهم .

5
بعد أن صرت حبيبتي ..
صار الناس يقولون :
السنة الألف ( قبل ) عينيها ..
والقرن العاشر
( بعد ) عينيها !!.

6
لا يهمني
أن أعرف ما هي الساعة في نيويورك
ولا ما هي الساعة في طوكيو
أو في تايلاند .
أو في طاشقند .
أو في جزر الكناري .
فعندما أكون معك ..
ينعجن الزمن ببعضه
وينعجن صلصالي
بحرارة مناطقك الاستوائية …

7
لا أريد
أن أعرف شيئاً عن تاريخ ولادتك ،
ولا عن مكان ولادتك ،
ولا عن تفاصيل طفولتك ..
ومراهقتك ..
فأنت امرأة من فصيلة الورود
و أنا لا أسمح لنفسي
بالتدخل في تاريخ حياة وردة …

8
علمتني شتاءات لندن
أن أحب مشتقات اللون الأصفر
وأن أتحمس لشحوبك الجميل
وهدوئك الجميل ..
ودشداشتك المغربية السوداء ..
وعينيك المسكونتين
بأسئلة الشعر …

9
في شتاءات لندن
يصير صوتك رمادياً ..
وكلامي رمادياً ..
وبريد الحب رمادياً …

10
لماذا ؟
إذا التصقت يداي بيديك
يوم الأحد .
تقرع على الفور
أجراس جميع الكنائس في العالم ؟؟

11
لا يمكن توقيتك ..
أو تعريفك ..
أو تصنيفك ..
أو تصويرك كباقي النساء
أنت فراشة خرافية
تطير خارج الأزمنة …

12
كل الساعات الثمينة
التي اقتنيتها قبل أن أحبك
توقفت عن العمل
ولم يبق في يدي
إلا ساعة حبك !! .

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي