لا تقل لي ذاك نجم قد خبا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة لا تقل لي ذاك نجم قد خبا لـ ابراهيم ناجي

اقتباس من قصيدة لا تقل لي ذاك نجم قد خبا لـ ابراهيم ناجي

لا تقل لي ذاك نجمٌ قد خبا

يا فؤادي كلُّ شيءٍ ذهبا

ذلك الكوكبُ قد كان لعيني

السماوات وكان الشُّهُبا

هذه الأنوارُ ما أضيَعَهَا

صِرنَ في جَنبي جراحاً وظُبى

كلما أهدَت شعاعاً خَلَّفَت

بعده سجناً ومَدَّت قُضُبا

قلتُ أسلوك وكم من طعنةٍ

بالمُداراةِ وبالوقتِ تهون

فإذا حُبُّكِ يَطغَى مُزبداً

كَدفُوقِ السَّيلِ طُغيانَ الجنون

وكذا تمضي حياتي كلُّهَا

بين يأسٍ ورجاءٍ وظنون

ما على الهجر معينٌ أبداً

وعلى النّسيانِ لا شيءَ يُعين

ذلك الحبُّ الذي فُزتُ به

لا أُبالي فيه ألوان الملامه

ذلك الشطُّ الذي ذُقتُ به

بعد لُجِّ البحر أمناً وسلامه

إنّه مزَّق قلبي قسوةً

وسقاني المُرَّ من كاسِ الندامه

صارَ ناراً ودماراً في دمي

وصراعاً بين قلبٍ وكرامه

ذلك الحبُّ الذي عَلَّمَني

أن أُحِبَّ الناسَ والدنيا جميعا

ذلك الحبُّ الذي صوَّر من

مُجدِب القَفرِ لعينَيَّ ربيعا

إنه بصّرني كيفَ الورى

هدموا من قُدسِه الحِصنَ المنيعا

وجلا لي الكون في أعماقه

أعيُناً تبكي دماءً لا دموعا

لَم تُعينيني على صَرفِ النَّوى

آهِ لو كنتِ على الدهرِ أعَنتِ

قَدَرٌ نكَّسَ منّي هامتي

آذن الدهرُ بِبَينٍ وأذِنتِ

وعجيبٌ أمرُ حبٍّ لم يَهُن

هو لَو هانَ على نفسي لَهُنتِ

لهفَ قلبي لهفةً لا تنقضي

كنتِ دنياي جميعاً كيفَ كُنتِ

كنتِ في برجٍ من النورِ على

قِمةٍ شاهقةٍ تَغزو السحابا

وأنا منك فَراشٌ ذائبٌ

في لُجَينٍ من رقيقِ الضوء ذابا

فَرِحٌ بالنّورِ والنارِ معاً

طارَ للقمَّةِ محموماً وآبا

آبي من رحلتهِ مُحترقاً

وهو لا يَألُوكِ حُبّاً وعتابا

بَرِئَت نفسي من الحقدِ ولم

أُخف ضِغناً لكِ بين العَبَرات

إن يوماً واحداً أسعدَني

جمعَ الأفراحَ طُرّاً من شَتات

وهو عمرٌ كاملٌ عشتُ به

كلَّ أعمارِ الورَى مُجتمعات

لستُ أنساكِ وقد علَّمتِنِنى

كيف يحيا رجلٌ فوق الحياة

افرحي ما شِئتِ يا روحي افرحي

أنشدِي ما نَقَلتهُ الطيرُ عَنّي

واغنمي نَفح الصَّبا وانتقلي

في الصِّبا المِمراحِ من غُصنٍ لغصن

وعلى أيكِكِ نَاغي كلَّ من

مرَّ بالأيكِ ونادِي كلَّ خِدن

لن يُحِبُّوك كحبي لن تَرَي

ضاحكاً مثلي ولا حُزناً كحزني

يا كتابَ الحُسن جَلَّت آيةً

من جمالٍ وكمالٍ وشباب

زعموا أنِّيَ قد خَلَّدتُها

بأغانيَّ وألحاني العِذاب

ما أنا شادٍ ولكن قارئٌ

سُوَراً من ذلك الحسنِ العُجاب

لم أزَل أقرأُ حتى سجدوا

وَجَعَلتُ الخُلدَ عُنوان الكتاب

يا ابنةَ الأصدافِ والبحرُ أبي

قبلَ أن يُلقِي بي الموجُ هُنا

سائلي الأعماقَ عن غَوَّاصها

أنا صَيَّاد لآليها أنا

إن هَجَرنا القاعَ والليلَ إِلى

قِمَمٍ شُمٍّ وعِشنا في السَّنا

فَبِنا الأمواجُ والصخرُ وما

بَرِحَ العاصفُ في أعماقنا

عاصفٌ عاتٍ تمنّيت له

هَدأةً أينَ له ما تطلبين

اسألي عن مقلةٍ مخلصةٍ

خَبأَت رسمَكِ في جَفنٍ أمين

سَهرت تَرعاك مهما لقيت

في سبيل العهدِ والودِّ المكين

أقسمت لا تسألُ النَّومَ ولا

تطلبُ الرحمة منه بعض حين

بعدَ ما غَوَّر نجمي ودليلي

ما مسيري دون تِربٍ وخليل

في طريق الشَّوكِ والصخر وفي

شُعَب الإرهاق والكَدِّ الوبيل

الغريبانِ عليها التَقَيَا

يستعينان على الدَّربِ الطويل

ما انتفاعي بحياتي بعد ما

سَاقَكِ التيَّارُ في غير سبيلي

يا لجَهلِ اثنين أقدارَهما

آه يا ليتهما قد عَرَفَا

ما الذي نصنعُ بالعيشِ إذا

ما صَحَا القلبُ غريباً وغَفَا

ما الذي نصنعُ بالعيشِ إذا

ما السبيلان عليه اختلفا

ما الذي نصنعُ بالعيشِ إِذا

صارَ تَذكاراً فأَمسَى أسفا

عندما تُقفِرُ دارٌ من رِفاق

وتُحِسُّ السمَّ في كاسٍ وساقِ

عندما يكشِفُ بؤسٌ وجهَه

سافرَ اللّعنةِ مفقودَ الخلاق

عندما تُمسِي بِظِلٍّ عالقاً

وبخيطِ الوهم مشدودَ الوثاق

يا فؤادي انظر وفكر وأفِق

أيُّ قَيدٍ لك بالأحبابِ باق

كل جِدٍّ عَبَثٌ والدهرُ ساخر

وخبيء السرِّ للعينين ظاهر

أدَّعِي أني مقيمٌ وَغَداً

رَكبيَ المُضنَى إلى الصحراءِ سائر

عندما صافحتُ خانَتني يدي

وَوَشَى خاف من الأشجانِ سافر

كَذَبَت كفٌّ على أطرافها

رِعشَةُ البُعدِ وإحساسُ المسافر

يا دياراً يومُها من سُحُبٍ

وغيومٍ وضبابٌ أُفقُ غَد

كلّ نَبتٍ عبقريٍّ أطلَعت

جعلت منه طعاماً للحسَد

أخلَفَ الميثاقَ من كان بها

كلّ آمالي فلم يَبقَ أحد

ضاعَ عمرٌ وحصادٌ وغَدَا

من هشيم كلُّ ما كنتُ أعِدّ

قُم بنا والكونُ جَهمٌ كالدجى

نَتَلَمَّس من جحيمٍ مَخرَجا

وانج منه ببقايا رَمَقٍ

أو حُطامٍ وقليلٌ مَن نجا

لا تُدر راياً به أضيَعُ مَن

في لظاه مستعينٌ بالحِجا

واسألِ الرحمنَ أن يُصلِحَ عَه

داً كسيحاً وزماناً أعرَجا

عشتُ وامتدَّت حياتي لأرَى

في الثرى مَن كان قَبلاً في القمم

انهيار المُثُلِ العليا وإن

كار آلاءٍ وكُفرٍ بالقِيَم

مَن يَكُن عَضَّ بناناً نادماً

فأنا قَطَّعتُ إِبهامَ النّدَم

وإذا انحَطَّ زمانٌ لم تَجِد

عالياً ذا رفعَةٍ إلا الألم

ضِحكةٌ ساخرةٌ هازلةٌ

وخيالٌ تافِهٌ هذي الحياه

هذهِ الأكذوبةُ الكُبرى التي

خُدعَ الناسُ بها واأسفاه

ذلَّ فيها المالُ والجاهُ إلى

أن غدا أحقَرَها مالٌ وجاه

نَحمَدُ الله على أنَّا بها

لم نَصُن من ذِلَّةٍ إلا الجباه

عَبَثاً أهرُبُ من نفسي ومن

ذلك الساكنِ روحي والبَدَن

من لقلبٍ مُستطارِ اللُّبِّ مَن

كلما عاوده التَّذكارُ جُنّ

أينما أمضي فحولي ذِكرٌ

وحبيبٌ ومكانٌ وزمن

وربيعٌ دائمُ الخضرةِ في

روضة النفس وطَيرٌ وفَنَن

قصةٌ خالدةٌ لا تنتهي

وهي ما كان لها يومُ ابتداءِ

أنا لا أدري متى كان ولا

أين عند الله أسرارُ اللقاءِ

حينما لاحَ شِهابٌ في سمائي

أسمرُ النور رفيعُ الخُيلاءِ

عبقريٌّ مُوحشٌ منفردٌ

متعالٍ قَلِقُ الأضواءِ ناءِ

هو في الأفق بعيدٌ وهو دانِ

هو لي نفسي وروحي وكِياني

مخطئٌ من ظَنَّ أنَّا مُهجتان

مخطئٌ من ظَنَّ أنّا توأمان

هو شطرُ النَّفسِ لا توأمُها

هو منها هو فيها كلَّ آن

نحنُ نبضٌ واحدٌ نحن دمٌ

واحدٌ حتى الردى متّحدان

شرح ومعاني كلمات قصيدة لا تقل لي ذاك نجم قد خبا

قصيدة لا تقل لي ذاك نجم قد خبا لـ ابراهيم ناجي وعدد أبياتها ثمانية و ثمانون.

عن ابراهيم ناجي

ابراهيم ناجي

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي