لا نهر يرجع للوراء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة لا نهر يرجع للوراء لـ نزار قباني

1
ما عاد يمكن أن أكون كما أنا .
أو أن تكوني أنت ..
واحدة النساء …
هذا غباء .
ما عاد يمكن أن أكرر دهشتي ..
وحماستي ..
وتوتري العصبي في وقت اللقاء .
أرأيتِ نهراً عاد يوماً للوراء ؟؟ …

2
لا تغضبي مني ..
إذا حاولت أن أضع النقاط على السطور
أنا واقعي في مخاطبة النساء ..
ولست أخلط بين صوت العقل ، أو صوت الشعور .
كل الظروف تغيرت .
وتغيرت أصواتنا .
وتغيرت كلماتنا .
وتغيرت عاداتنا .
وتغيرت ..
حتى الوسائد ، والمقاعد ، والستور ..
ومكان أحواض الزهور …

3
إبريل لا يأتي إلينا مرتين ..
والبرق ليس يضيء للعشاق يوماً مرتين ..
والشعر لا يُتلى على سمع الحبيبة مرتين ..
هذي هي الدنيا .. وليس بوسعنا صنع المطر …
في الحلم .. أو تغيير هندسة القمر ..

4
أنا كنت أسكن من زمان
عند خط الاستواء ..
كانت عناويني مطرزة
على شفتيك ، سيدتي ، وأعناق الظباء ..
واليوم .. لا عنوان لي إلا العراء …

5
هي حالة مجنونة مرت بنا ..
ببروقها ، ورعودها .
ورياحها ، وثلوجها .
هل يا ترى في وسعنا
بعد اعتدال الطقس في أعماقنا
تفجير ألغام الجنون ؟ …

6
أنا مدرك أني جرحتك بالحوار .
وجرحت نفسي ..
حين ألقيت الزجاج على حقول الجلنار .
أنا مدرك أني انتحرت بخنجري
وكسرت مصباح النهار .
فإذا ارتكبت حماقتي
فلأنني لا أتقن التمثيل من خلف الستار ..

7
أنا خائف من آلة التسجيل ،
من صوتي .. ومن لغتي ..
ومن شعري .. ومن نثري ..
فما جدوى كلامي ؟
وأنا أضعت الذاكرة .
إني أحدق في الوجوه ، وفي العيون ،
فلا أرى أحداً أمامي .
وأنا أحدق في يديك ..
فلا أرى قطناً .. ولا عسلاً ..
ولا ما قيل عن ريش النعام .
وأنا أحدق في ملايات السرير …
فلا أرى إلا حطامي !! ..

8
هذا هو التاريخ يذبحنا ..
فكيف نفر من سيف العصور ؟
إسبانيا سقطت ..
فلا ورد ، ولا آس ،
ولا ماء يغني في نوافير القصور .
ما عاد يمكن أن أعيد قصائدي الأولى
وأرقص فوق موسيقى البحور ..
ما عاد يمكن أن أعيد لنهدك المسحوق ..
أيام الشجاعة ، والتمرد ، والغرور …
فعقارب الأيام ، يا سيدتي ، تدور ..
ومواقفي ..
وعواطفي أيضاً تدور !! .

9
هذا زمان ضيق .
صارت به الكلمات تبحث عن فضاء .
صارت به حرية الإنسان تبحث عن هواء .
صار اقتراف الحب فيه جريمة ..
وتكسرت فيه النساء على النساء !! …

10
رحل القطار ،
ونحن ما زلنا على مقهى المحطة جالسين ..
ضاعت تذاكرنا ..
ولا زلنا على أرض المحطة تائهين .
لصقت معاطفنا على أجسادنا ..
وتبعثرت مدن الحنين .
هل نحن حقاً راحلون مع الضحى ..
أم نحن غير مسافرين ؟؟ ..

11
رحل القطار ،
ولا مكان لنا على هذي الخريطة .
لا في الشمال ، ولا الجنوب .
لا في الصباح ، ولا الغروب .
رحل القطار ،
وليس يمكننا الذهاب إلى الطفولة
وإلى بياض الياسمين …

12
ما عاد لي بيت أعود إليه
في وطن النساء …
أرأيتِ نهراً عاد يوماً للوراء ؟؟ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي