لا وسيلة للتدفئة .. سوى أن أحبك !!

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة لا وسيلة للتدفئة .. سوى أن أحبك !! لـ نزار قباني

1
يندف الثلج على شبابيكي في لندن .
يندف على كتبي .. وأوراقي .. وفناجين قهوتي ..
وأنا مبهور بهذا الكلام الحضاري
الذي لم أسمعه منذ تسعة أشهر .
مبهور بهذا الانقلاب الأبيض
الذي يعلنه الشتاء على رجعية الصيف ..
ورتابة اللون الأخضر ..

2
الثلج هو حداثة الأرض
عندما تخرج على النص ..
وتحاول أن تكتب بطريقة أخرى ،
وصياغة أخرى .
وتعبر عن عشقها بلغة أخرى ..

3
وأنا أيضاً .. أريد أن أكون في عشقي
شتائياً .. وانقلابياً .. وعاصفاً ..
فمع امرأة استثنائية مثلك ..
لا يمكنني إلا أن أكون استثنائياً ..
ومع عاشقة مجنونة مثلك ..
لا يمكنني أن أبقى محارباً على أرض منزوعة السلاح ..

4
لا يقلقني الثلج .
ولا يزعجني حصار الصقيع .
فأنا أقاومه .. حيناً بالشعر ..
وحيناً بالحب ..
فليس عندي وسيلة أخرى للتدفئة ..
سوى أن أحبك ..
أو أكتب لك قصيدة حب !! ..

5
بهاتين الطريقتين السحريتين
يمكنني أن أحل مشاكلي الجسدية ..
ومشاكلي العاطفية .. والشعرية ..
فلا تشغلي بالك بالطقس الخارجي ..
لأن الصيف الحقيقي
مخبوء في داخلنا !! ..

6
إنني قادر دائماً
على استخراج الجمر من ثلج يديك ..
وعلى استخراج النار من عقيق شفتيك ..
وعلى استخراج الشعر ..
من تحت أية رابية من روابي أنوثتك …
وأية منطقة حبلى بمياهها الجوفية …

7
يا سيدتي التي يشتعل حبها في دمي
كحفلة ألعاب نارية …
حين تكونين معي ..
فلا فائدة من مواقد الحطب ..
ولا مواقد الفحم ..
ولا مواقد الكهرباء ..
فمصادر الطاقة كلها
موجودة في أمواج بحارك ..
والكواكب كلها ..
تدور حول شمس نهديك !! …

8
يا ذات القبعة الحمراء التي ترتجف من شدة العشق :
يا التي يسقط صوتها على ( الأرض ) كليرة ذهبية …
لا تفتحي المظلة فوق رأسي
فأنا لا أريد الحماية من زغب الحمام ..
ونثارات القطن .. وأقمار الياسمين ..
لا أريد الهروب من هذا الحصار الأبيض ..
فأنت والثلج صديقاي على دروب الحرية !!

9
أيتها الشتائية التي أحبها :
لا تشيلي يدك من يدي ..
ولا تخافي على صوف الأنغورا من نزواتي الطفولية ..
فلطالما تمنيت أن أكتب قصيدة فوق الثلج ..
وأحب امرأة فوق الثلج ..
وأجرب كيف يمكن لعاشق
أن يحترق بنار الثلج !! …

10
يا سيدتي التي تقفز كسنجابة خائفة
على أشجار صدري ..
كل عشاق العالم أحبوا حبيباتهم
في شهر تموز ..
وكل ملاحم العشق كُتِبَت في شهر تموز ..
وكل الثورات من أجل الحرية ..
وقعت في شهر تموز ..
فاسمحي لي
أن أخرج على هذا التوقيت الصيفي
وأنام معك .. ليلة واحدة
على مخدة من خيطان الفضة ..
والثلج المندوف !! …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي