لمن أنا في تاليك يا ليل أسمع

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة لمن أنا في تاليك يا ليل أسمع لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة لمن أنا في تاليك يا ليل أسمع لـ جميل صدقي الزهاوي

لمن أَنا في تاليك يا لَيل أَسمَعُ

نَشيجاً له صوت يهب وَيَهجَعُ

وَقَد يَتَمادى ساعة ثم يَنتَهي

كأَنَّ الَّذي يرخيه قَلب مفجع

يصعّده من داخِل كله أَسىً

فيبسطه في الليل وَالليل يجمع

وَيَعلو إلى أَن يحسب المرء أنه

مناجٍ لأبواب السموات يقرع

إذا أَنتَ لم تأخذ بضبعيه موصلاً

إلى الملأ الأعلى فَما أَنتَ تنفع

إذا النجم هَذا لَيسَ يسمع من بكى

فقل لي لماذا فيك يا لَيل يطلع

أرى القَلب مني يَرتَضيه كأَنَّما

صديق له هَذا النَشيج المرجع

فأبكي كَما يَبكي لأنيَ مثله

كَئيبٌ لأني مثله متوجع

سأَلتك مَن هَذا الَّذي أَنا سامع

له فيك إِرناناً أَتى يتقطع

فَيا لَيل أنبئني أَتِلك حمامة

تنوح عَلى إلف نأى لَيسَ يرجع

فجاوبني أن الَّذي قد سمعته

لذو نبأ شاجٍ له القلب يهلع

وربك لم تسجع حمامة أيكة

وَلكن فتاة الحيّ أسماء تسجع

لَقَد روّعوها ثم نامَت عيونهم

وَلَيسَ سواءً نائم وَمروع

وَقَد زوجوها وَهي غير مريدة

بشيخ كَبير جاء بالمال يُطمع

وَفي الدار أزواج له غير هذه

ثلاثٌ فَوَدَّ الشيخُ لوْ هُنَّ أربع

ومن بعد أيام تزف لبيته

فتعنو لحكم الشيخ فيه وَتخضع

تضاجعه في اللَيل وهو كأَنه

أبوها فقل في أَمرها كيف تصنع

هناك ستشقى أَو تَموت كئيبة

عَلى أَن مَوت المَرء في الهمِّ أَنفع

هناك سَيَبدو اليأس وَالبؤس والأسى

لها وَتلقّاها المصائب أجمع

أللشيخ تهدى وَهيَ ترغب في فَتى

يُسمَّى نعيماً نور خديه يسطع

فَتى هُوَ يَهواها وَينزع نحوها

كَما هي تَهواه كَما هي تنزع

وَقَد أَخبروه الأمر فهو من الأسى

سَقيمٌ وَما فيه المداواة تنجع

له صرخة في اللَيل إن نام أَهله

تكاد لها صم الجبال تصدَّع

جلوها عروساً بعد سبعٍ فزمروا

وَفي مَرح الأفراح خبوا وأوضعوا

جلوها عروساً ما بها من غميزة

سوى صفرة فوق الأسيلين تلمع

وَذاكَ لحزن بات يلسع قلبها

كما أن أذناب العقارب تلسع

عيون كَما شاء المصوّر فتنة

وَجيد كَما أطرى أخو الشعر أتلع

فزفت إلى الشيخ الَّذي لشقائها

أتى طالِباً كيما بها يتمتع

فَقالَت له لا تدن يا شيخ راغباً

فأنت أبي بل أنت في السن أرفع

تصابيتَ جهلاً بعد ستين حجةً

وَتسعٍ مضتْ هَذا وَربِّك يشنع

فإن كان منك الشيب لَيسَ برادِع

لجهلك يا هَذا فإنيَ أَردع

وَلَكِنَّ ما بالشيخ من شهوة غلت

أبى أَن يعاف الشيخ ما هو مزمع

فقطب منه الوجه ينفخ غاضباً

وَمد يديه جاذِباً وَهي تدفع

يَقول لها أَسماء أَنت حَليلَتي

وَلا بد من أنَّ الحَليلة تخضع

أَحلك لي رب السَموات إنه

حَكيمٌ وإن الحق ما هو يشرع

فَلَمّا رأت أن لا مناص يصونها

من الشيخ لما أَوشك الشيخ يصرع

أحالَت عَلى كأس هناك معدة

من السم واِهتشَّت لها تتجرع

الانَ استرحنا واِستراحَت من السرى

ركابٌ لنا تحت الحمولة تظلع

الان انتهينا من مسافرة لنا

ببيداء قفر لِلَّذي جاب تفزع

الان فرغنا من نزاع دوامه

يضر بحاجات الضَعيف وَيوقع

وَخَرَّت بفعل السم فيها صَريعة

فَيا لَك من سمٍّ هنالك يصرع

وَيا لك من سم هنالك ناقع

تكاد به أَحشاؤُها تتمزع

وَألفت نعيماً وَالخَيال مصور

لَها واقفاً من حيث لا تَتَوقَّع

فمدت يداً منها إليه مشيرة

وَقالَت بصوت راجف يتقطع

أَتى وَحياض المَوت بيني وَبينه

وَجادَ بوصل منه إذ لَيسَ ينفع

نَعيمُ إلى أسماء سارعْ وَضُمَّها

فإن الرَدى يَدعو وأسماء تزمع

لَقَد جئت في وقت به الموت جاءَني

وَقَد كنت أَرجو فيه أنك أَسرَع

وَددت لَو اَنَّ الموت يبطئُ ساعةً

لعليَ من مرأى محياك أَشبع

وَلست بإنسان من الموت جازع

فإن طَريق الموت للناس مهيع

عَلى أَيّ إحسان الحَياة وبرها

أَطيب فؤاداً بالحَياة وأَطمع

كأَنَّ حَياتي حين أَبصر لونها

سراب بِبَيداءٍ بدا يتلعلع

وَلكن قبل الموت حيناً إذا أَتى

تهب عَلى الإنسان نكباء زعزع

أَما قلت خذني حيث شئت فإنني

إليك وَرَبِّي من بنانك أَطوع

حثثتُك مراتٍ عَلى أَن تفرَّ بي

وَلكن لسوء الحظ ما كنت تسمع

يَقولون إن القبر داج فناؤُهُ

يضارع لَيلاً فجره لَيسَ يطلع

أما في دجاه من كواكِب لُمَّعٍ

فإن الدجى فيه الكواكِب تلمع

غَداً يقف الأهلون حول جَنازَتي

فتصعد أَنفاس وَتنزل أَدمع

غداة غدٍ يا لهف نَفسي عَلى غدٍ

يقام على الأكتاف نعشي ويرفع

يسار به كيما يعيث به البلى

إلى حفرة كانَت أُعدَّت وَيوضَع

غداً أَنا تحت الأرض أبلى وفوقها

تَرى الناس وجه الناس منهم وَتسمع

رويدك يا حاثي عليَّ من الثَرى

فإني إلى دنياي بعد لأنزع

تمنين يا أسماء شعباً وَلعلعاً

وأين فموتي منك شعبٌ ولعلع

سَلام عَلى الدينا سَلام عَلى المنى

سلام عَلى العيش الَّذي كان يخدع

سلام عَلى الشمس الَّتي هيَ في غد

عَلى فَتيات الحيِّ دونيَ تطلع

سلام عَلى زهر الرَبيع وَحسنه

سلام عَلى روح به يتضوع

كذلك قد كانَت لدى غمرةِ الردى

تكلِّم شخص الطيف وَالشيخ يخشع

كَذلك قد كانَت تلهَّفُ وَالهَوى

عَجيب إلى أن جاءَها الموت يهرع

فَلَمّا بدا صبح وَشاعَت فجيعة

وَصاحَ بها الناعون وَالناس أَسرَعوا

أتت أمها تجثو إلى جنب رأسها

وَتلطم حر الوجه وَالوجه أَسفع

تَقول لَها وَالعَين تهمى وَقلبها

يكاد بأظفار الأسى يتقطع

أَريحانتي قَد طالَ رقدك فاِيقظي

أريحانتي من أَكثر النوم يصدع

أَريحانتي ما بال خدك ذابِلاً

وَعَهدي به بالأمس ريان ينصع

أَريحانَتي إنا قتلناك ليتَني

هلكت وَما أَبصرت غصنك يهزع

وَعض أَبوها للندامة كفه

وَما إن له هذي الندامة تنفع

به غلة يَبكي لها ملء جفنه

لعل البكا منه لما فيه ينقع

رآها عَلى وجه الفراش كأنها

عروس هوت كسلانة فَهي تهجع

وَجاؤا بأزهار الرَبيع وَنوره

يزينون نعشاً فيه أسماء تهجع

يزينون بالريحان ظاهر هودج

عليه عروس الحي أسماء ترفع

وَطافَت بذاكَ النعش من كل جانب

عيون رجال للرزية تهمع

مشى عالياً ما أوقر النعش إذ مشى

وَقَد رفعته للمقابر أذرع

يَقول نَعيم وَهوَ إذ ذاكَ قابض

مؤخرَ سامي النعش وَالنعش مسرع

لَقَد ظعن اليوم الرفاق وإننا

لنمشي عَلى الآثار منهم نشيع

نشيع ناساً راحلين هم المنى

إلى بلد فيه البلى وَنُودّع

حَبيبة قَلبي كَيفَ أدفن في الثرى

شبابك هَذا وَهو غيدان أفرع

حَبيبة قَلبي إن قَلبي يخاف أن

يعيث الثرى يوماً بمن فيه يودع

فيفسد ماءً في محياك جائلاً

وَيطفىء نوراً في جَبينك يلمع

حَبيبة قَلبي قد رحلت لغير ما

لقاء وإني عَن قَريب سأتبع

فَلَمّا أَحلوها فواروا عروسهم

بملحودة ضاقَت بمن هيَ تجمع

أكبَّ نَعيم باكياً فوق قبرها

وَقالَ فأبكَى كل من كانَ يَسمَع

وَعادوا به ذا رجفة يسندونه

بهم لَيسَ فيه للسَلامة موضع

فَعاشَ سَقيم الجسم خمسة أَشهر

وَماتَ كَذاك الحب بالناس يصنع

فواروه في قبر يجاور قبرها

عَلى ربوة إنا إِلى اللَه نَرجع

شرح ومعاني كلمات قصيدة لمن أنا في تاليك يا ليل أسمع

قصيدة لمن أنا في تاليك يا ليل أسمع لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها اثنان و تسعون.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي