لم يبق بين الخافقين أديب
أبيات قصيدة لم يبق بين الخافقين أديب لـ ابن نباتة السعدي
لم يبقَ بينَ الخَافِقَينِ أَديبُ
اِلاَّ لهُ بأَوابدي تَهذِيْبُ
أَخفيتُ عن فَطِنِ العقولِ فضيلةً
نَمّتْ عليَّ كما يَنِمُّ الطِيْبُ
يَعدو عليها السّارقونَ كأَنَّها
شَرخُ الشبابِ عدا عليهِ مَشِيْبُ
والدهرُ فيه عِبرةٌ لمجربٍ
لو كانَ ينفعُ عندهُ التَّجرِيْبُ
يا دارُ بينَ الرقْمتينِ وبابلٍ
شُقتْ عليكِ من السَّحَابِ جُيْوبُ
وأَجاد تربك وابلٌ متعهِدٌ
من أَنْ تَروِّعه صباً وجنَوبُ
وصلتْ بلا رَمقٍ اليكَ لواغبٌ
لهبوبهنَ على الرسومِ دَبْيبُ
باتت تلومُ على النَّزاهَةِ والغِنى
عن كلِّ حبسٍ ما لهُ مَحسُوْبُ
انْ كانَ مُعطى النَّبلِ ممدوحاً به
فالمستنيلُ بأخذهِ مَسبُوْبُ
واهاً لطيبِ العَيْشِ في ظلِّ الغِنى
والعِزِّ لولا أَنَّهُ موهوْبُ
لاِريَّ أَو تَروَى الصوارم والقنا
فكم المطيُ من الحياضِ تَلُوْبُ
يا حبذا ماءُ الفراتِ لو انَّه
يَشفي غليلَ الشاربِ المشروْبُ
في الموتِ من أَلمِ المذلَّةِ راحَةٌ
انَّ الشَّقِيَّ حياتُه تَعذيْبُ
ولقد طعنتُ دُجى الظلامِ بِمَرجَمٍ
يُغنيهِ عن اِدلاجهِ التَّأْويْبُ
ومغردٍ كالأُفعوانِ تَخَاله
نشوانَ يَخفِقُ حولَه الأُركوْبُ
قد نالَ بالطلبِ العُلا وكأَنَّه
يَخشى عليها الفوتَ فهو طَلوْبُ
واذا انتضاهُ السيرُ قالَ لعينِهِ
يا عينُ مالكِ في الرقادِ نَصيْبُ
طلبُ السلامةِ بالرجال مُقَصِّرٌ
ومَن السَّليمُ ويومُهُ مكتوْبُ
بَرَدَتْ على عضِّ الهَوانِ جلودُهم
وأَخوكَ اِنْ لانَ الحديدُ صَليْبُ
حازَ الشجاعةَ والقناعةَ فاستَوى
في عينهِ المكروهُ والمَحْبُوْبُ
وَعَصَى الملوكَ فَطاوَعته نَجيبةٌ
غابَ الصَّديقُ وما تكادُ تَغِيْبُ
لبِسَتْ من الجَوزاءِ كل ودِيْقَةٍ
ما يُستطاعُ شِهَابُها المَشْبُوْبُ
واذا تنبهَتِ الرياحُ تَنَفَّسَتْ
فيها كما ينتفسُ المكْرُوْبُ
انَّ العِراقَ ولا أغشكَ ثَلَّةٌ
قد نامَ راعيها فأينَ الذّيْبُ
بنيانها نهبُ الخرابِ وأَهلُها
سوطُ العذابِ عليهم مَصبوْبُ
ملكوا وسامَهُمُ الدنيةَ معشرٌ
لا العقلُ راضَهُم ولا التأديبُ
كل الفضائلِ عندهم مَرْذولةٌ
والحرُّ فيهم كالسماحِ غَرِيْبُ
أَفلا فتىً يسمو الى حاجاتِه
صُعداً كما يَترفَّعُ الالهُوْبُ
يدعو الى ظلِّ اللواءِ عصابةً
كالنحلِ فارقَ بينَها اليَعْسُوْبُ
من كل أدبٍ فارسٌ متلبِبٌ
يَعدو به متمطرٌ يَعبُوْبُ
قَرعوا ظَنابيبَ الركابِ وانما
لبناتِ أَعوج يُقرعُ الظُنْبُوْبُ
واستودعوا كبدَ السماءِ عَجَاجَةً
فوقَ المجرةِ ذَيلها مَسْحُوْبُ
أَينَ المنوهُ في الحقائقِ باسْمِهِ
كافي الكفاةِ الواهبُ المرَهُوبُ
أَمْ ليسَ بعدَ أَبي شُجاعٍ طَالبٌ
في هذهِ الدنيا ولا مَطْلُوْبُ
وَيُلمهَا فرصاً على أَمثالِها
يَقوى الضَّعيفُ ويغلِبُ المَغْلُوْبُ
يا راكباً بلّغْ مجاورَ سَاوَةٍ
أَنَّ الطريقَ مُدَيَّثٌ دعبُوبُ
وانفخْ لاسماعيلَ انْ لاقيتَه
كلماتِ مَوجدةٍ لهنَّ نُدُوبُ
أَدعوكَ يا كافي الكفاةِ لِعِلَّةٍ
أَعيتْ وليسَ لها سواكَ طَبِيبُ
ومعودةِ العوادِ مَجَّ سِبارَها
جُرحٌ على أَيدي الأُساةِ رَحيبُ
يُجرى الربيعُ عِنانَ كلِّ مُغَاوِرٍ
فيقولُ طاعَنَ بالاناةِ أَرِيبُ
فاذا أَناخَ القُرُّ قلنا حازمٌ
بالغزوِ ينتظر الثلوجَ تذوبُ
كم تظلم الآمالَ وهي فسيحةٌ
فيكم ويحمِلُ ظِلَعهُ المنكوبُ
قد طالما وأَبيكَ علَّلنا المُنى
زمناً بقربكَ والرجاءُ حَبيبُ
فمتى أَراكَ من الحزونةِ ناصِلاً
يَنجابُ عنك ضبابُها الغِرْبيبُ
تَهدي الجحافلَ حاسراً عن سُنَّةٍ
تُغني عن البيضاءِ حينَ تغيبُ
لم يبقَ غيرُكَ في الزمانِ مُؤَمَّلٌ
يُدعى لكشفِ مُلِمَّةٍ فَيجيبُ
نوهتَ باللقبِ الذي لقبتَه
وسِواكَ نوه باسمِهِ التَّلقِيبُ
لا يكبرونَ عليكَ كثرةَ جمعِهم
انَّ الجسورَ يخونُه المَرغُوبُ
سَوِّمْ جيادَكَ وارمهِ بنَظيرهِ
تطمحْ اليكَ نواظرٌ وقُلُوبُ
ولقد بلوتَ الناسَ فيما رُمتَهُ
فعلمتَ ما تُجزى به وتُثيبُ
هيهاتَ أَنْ يَخفى عليك مُواربٌ
منهم وأَنتَ على القُلُوبِ رقيبُ
خلِّ الهُوينا للضعيفِ مطيةً
انَّ الهُوينا ظهرُها مركوبُ
واعزمْ عزيمةَ فاتكٍ لم ينهَه
عن همهِ التصعيدُ والتصويبُ
لا يبلغُ الغَايَاتِ الا نافِذٌ
ماضٍ كعاليةِ القَناةِ نجيبُ
ملانُ من بُغضِ الحياةِ وحبِّها
ينبي عليهِ الطبعُ والتركيبُ
وموزعٌ بينَ الفوارسِ رمحَهُ
في كلِّ زورٍ منهم أُنبوبُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة لم يبق بين الخافقين أديب
قصيدة لم يبق بين الخافقين أديب لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها ستة و خمسون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا