ليالي الحمى ما كنت إلا لآليا
أبيات قصيدة ليالي الحمى ما كنت إلا لآليا لـ صفي الدين الحلي
لَيالي الحِمى ما كُنتِ إِلّا لَآلِيا
وَجيدُ سُروري بِاِنتِظامِكِ حالِيا
فَرَنَّقَ مِنكِ الدَهرُ ما كان رَيَّقاً
وَكَدَّرَ مِنكِ البُعدُ ما كان صافِيا
وَقَد كُنتُ أَخشى مِن تَجافي أَحِبَّتي
فَلَمّا فَقَدناهُم وَدَدتُ التَجافِيا
وَمَن لي بِصَدٍّ مِنهُمُ وَتَجَنُّبٍ
إِذا كانَ مِنّا مَنزِلُ القَومِ دانِيا
لَقَد أَرسَلَت نَحوي الغَوادي مِنَ الحِمى
رَوائِحَ أَرخَصنَ الكِبا وَالغَوالِيا
وَما أَذكَرَتني سالِفاتُ عُهودِهِم
تُذَكِّرُ بِالأَشياءِ مَن كانَ ناسِياً
وَأَغيَدَ رَخصِ الجِسمِ كَالماءِ رِقَّةً
أُكابِدُ قَلباً مِنهُ كَالصَخرِ قاسِيا
كَثيرِ التَجَنّي لَستُ أَلقاهُ شاكِراً
عَلى مَضَضٍ إِلّا وَأُلفيهِ شاكِيا
يَقولُ إِذا اِستَشفَيتُ مِنهُ بِنَظرَةٍ
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
وَيَعجَبُ مِنّي إِن تَمَنّيتُ عَتبَهُ
وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
فَوا عَجَبا يُدعى حَبيبي وَإِن غَدا
يُجاوِرُ في سوءِ الصَنيعِ الأَعادِيا
كَما قيلَ لِلخَرمِ المَخوفِ مَفازَةً
وَلُقِّبَ أَصنافُ العَبيدِ مَوالِيا
وَلَمّا اِعتَنَقنا لِلوَداعِ وَقَد وَهَت
عُقودُ لَآلي نَحرِهِ وَمَآقِيا
فَحَلَّت عُقودُ الدَمعِ ما كانَ عاطِلاً
وَعَطَّلَ عَقدُ الضَمِّ ما كانَ حالِيا
وَكَم سِرتُ إِثرَ الظاعِنينَ مُصَيِّراً
هَوايَ دَليلاً وَالتَذَكَّرَ حادِيا
أَسيرُ وَمَن فَوقي وَتَحتي وَوُجهَتي
وَخَلفي وَيُمنايَ الهَوى وَشِمالِيا
فَما لي إِذا يَمَّمتُ في الأَرضِ وُجهَةً
وَصَرَّفتُ في أَهلِ الزَمانِ لِحاظِيا
تَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ حَتّى كَأَنَّني
أُحاوِلُ فيها لِاِبنِ أُرتُقَ ثانِيا
مَليكٌ إِذا شَبَّهتُ بِالغَيثِ جودَه
هَجوتُ نَداهُ وَاِمتَدَحتُ الغَوادِيا
يُعيدُ شَبابَ الشَيبِ مَرآهُ في النَدى
وَفي الحَربِ مَرآهُ يُشيبُ النَواصِيا
يُرينا النَدى في البَأسِ وَالبَأسَ في النَدى
فَيُنعِمُ غَضباناً وَيَنقِمُ راضِيا
كَبيضِ الظُبى تُردي القَتيلَ ضَواحِكاً
وَسُحبِ الحَيا تَروي الغَليلَ بَواكِيا
وَما لِيَ لا أَسعى بِمالي وَمُهجَتي
إِلى مَن بِهِ اِستَدرَكتُ روحي وَمالِيا
إِلى مَلِكٍ يَستَخدِمُ الدهرَ بَأسُهُ
وَيُرجِعُ طَرفَ الخَطبِ بِالعَدلِ خاسِيا
إِلى مَلِكٍ يُخفي المُلوكَ إِذا بَدا
كَما أَخفَتِ الشَمسُ النُجومَ الدَرارِيا
إِلى مَلِكٍ يولي الإِرادَةَ وَالرَدى
وَتَحوي المَنايا كَفُّهُ وَالأَمانِيا
بِوَجهٍ غَدا لِلشَمسِ وَالبَدرِ ثالِثاً
وَقَلبٍ غَدا لِلجَوهَرِ الفَردِ ثانِيا
وَعَزمٍ يُزيلُ الخَطبَ عَن مُستَقَرِّهِ
رَأَينا بِهِ السَبعَ الطِباقَ ثَمانِيا
وَشِدَّةِ بَأسٍ تَترُكُ الماءَ جامِداً
وَرِقَّةِ خُلقٍ تَجعَلُ الصَخرَ جارِيا
وَكَفٍّ تَشيمُ السَيفَ غَضبانَ ضاحِكاً
وَتَثنيهِ بَعدَ الكَرِّ جَذلانَ باكِيا
هُوَ الصالِحُ السُلطانُ وَالمَلِكُ الَّذي
يَعُمُّ الأَقاصي جودُهُ وَالأَدانِيا
جَوادٌ أَبادَ المالَ إِلّا صِيانَةً
مَخافَةَ أَن يُمسي مِنَ البَذلِ خالِيا
لَهُ قَلَمٌ إِن خَرَّ في الطِرسِ ساجِداً
يَخُرُّ لَهُ ذو التاجِ في الأَرضِ حاكِيا
إِذا ما مَشى يَوماً عَلى الرَأسِ موحِياً
إِلى مَلِكٍ وافى عَلى الرَأسِ ماشِيا
إِذا أَعلَمَتهُ كَفُّهُ خِلتَ أَنَّهُ
يَسُنُّ سِناناً أَو يَسُلُّ مَواضِيا
لَقَد حَسَدَ الأَقوامُ لَفظي وَفَضلَهُ
وَقَد غَبَطوا إِحسانَهُ وَلِسانِيا
غَداةَ تَجارَينا إِلى السَبقِ فَاِغتَدى
يَشيدُ المَعالي أَو أُجيدُ المَعانِيا
وَقالوا أَجَدتَ النَظمَ فيهِ أَجَبتُهُم
يُرى الزَهرُ أَنّى أَصبَحَ الغَيثُ هامِيا
فَيا مُحسِناً إِلّا إِلى المالِ وَحدَهُ
وَفي ذاكَ إِحسانٌ لِمَن كانَ راجِيا
فَذَلِكَ قَومٌ لَو مَدَحتُ صَنيعَهُم
لَظَنَّ الوَرى أَنّي أَعُدُّ المَساوِيا
رَعيتُ أُمورَ المُسلِمينَ بِهِمَّةٍ
رَأَيتُ بِها مُستَقبَلَ الأَمرِ ماضِيا
لَقَد عَجِزوا عَن أَن يَرَوا لَكَ في النَدى
مَدى الدَهرِ أَو عَنهُ مِنَ الناسِ ثانِيا
وَيومٍ أَعَدتَ الصُبحَ كَاللَيلِ عِندَما
حَجَبتَ ذُكا لَمّا أَجَلتَ المَذاكِيا
وَأَجرَيتَها قُبَّ البُطونِ تَخالُها
إِذا ما سَعَت تَحتَ العَجاجِ سَعالِيا
يُمَزَّقُ تَكرارُ الصِدامِ جُلودَها
فَتُكسى دَماً ما أَصبَحَ السَيفُ عارِيا
سَقَيتَ بِها الأَعداءَ كَأساً مِنَ الرَدى
غَداةَ غَدا كُلٌّ مِنَ الكَرِّ ظامِيا
جَعَلتَ الرَدى راحاً وَخَيلَكَ راحَةً
وَبيضَ الظُبى كَأساً وَعَزمَكَ ساقِيا
وَكَم قَد كَسَيتَ العِزَّ مِن جاءَ آمِلاً
إِذا ما مَشى في رَبعِ قُدسِكَ حافِيا
بَسَطتَ مِنَ المَعروفِ أَرضاً مَديدَةً
وَأَنبَتَّ فيها لِلحُلومِ رَواسِيا
وَإِنّي وَإِن فارَقتُ مَغناكَ مُخطِئاً
لَأَعلَمُ أَنّي كُنتُ في ذاكَ خاطِيا
فَكيفَ بِعادي عَن مَغانٍ أَلِفتُها
وَأَفنَيتُ عُمري بَينَها وَشَبابِيا
وَقَضيتُ فيها الأَربَعينَ مُجاوِراً
مُلوكَ البَرايا وَالبُحورَ الطَوامِيا
أَصيفُ وَأَشتو بَينَهُم فَكَأَنَّني
نَزَلتُ عَلى آلِ المُهَلَّبِ شاتِيا
بَذَلتَ لَنا ياذا المَكارِمِ أَنعُماً
تَسُرُّ المَوالي إِذ تَسوءُ المُعادِيا
وَلَولاكَ لَم تُعنَ المُلوكُ بِمَنطِقي
وَلا خَطَبوا مَدحي لَهُم وَخِطابِيا
وَلَولاكَ لَم يُعرَف مُسَمّايَ بَينَهُم
وَلا أَصبَحَ اِسمي في المَمالِكِ سامِيا
وَلاسِيَّما لَمّا رَأَونِيَ راغِباً
عَنِ الرِفدِ لا أُبقي مِنَ المالِ باقِيا
أَحيدُ عَنِ السُحبِ الَّتي تُرسِلُ الحَيا
وَإِن كُنتُ حَرّانَ الجَوانِحِ صادِيا
فَسَوفَ أُجيدُ النَظمَ فيكَ وَأَنثَني
إِلى النَثرِ إِن أَفنى النِظامُ القَوافِيا
وَأَشكُرُكُم ما دُمتُ حَيّاً وَإِن أَمُت
وَلَم أوفِهِ أَوصَيتُ بِالشُكرِ آلِيا
شرح ومعاني كلمات قصيدة ليالي الحمى ما كنت إلا لآليا
قصيدة ليالي الحمى ما كنت إلا لآليا لـ صفي الدين الحلي وعدد أبياتها ستون.
عن صفي الدين الحلي
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي. شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق. انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد. له (ديوان شعر) ، و (العاطل الحالي) : رسالة في الزجل والموالي، و (الأغلاطي) ، معجم للأغلاط اللغوية و (درر النحور) ، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و (صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء) ، و (الخدمة الجليلة) ، رسالة في وصف الصيد بالبندق.[١]
تعريف صفي الدين الحلي في ويكيبيديا
صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي (677 - 752 هـ / 1277 - 1339 م) هو أبو المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن نصر الطائي السنبسي نسبة إلى سنبس، بطن من طيء.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي - ويكيبيديا