ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا لـ شرف الدين الحلي

اقتباس من قصيدة ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا لـ شرف الدين الحلي

ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا

كم ناظر بدموعه قد أشرقا

رشأ يُفَوِّق عن قسيِّ حواجب

نبلاً بغير مقاتلي لا يتقى

ثمل المعاطف لم يَزُرَّ قِباءه

إلا على مثل القضيب أو ارشقا

أنا من تمادى هجره في مأتم

فاعجب لخدي بالدموع مُخَلَّقا

كالبدر يسري في نجوم قلائد

متبلجاً من فوق غصن في نقا

لم يكف ضعف الخصر في أردافه

حتى اغتدى بعيوننا متمنطقا

أجرى على عاداته دمعي ولو

كشف الظلامة ردَّ ذاك المطلقا

ورأى دليل جنون قلبي أنه

بسلاسل الأصداغ أضحى موثقا

جعل الغرام قِرى ملاحته فكم

ناراً أثار وكم دماء أهرقا

غنيت ثناياه بخمر رضابه

حتى صفا في كأس فيه وروقا

ما زال يغرب طرفه في فعله

حتى أصاب وسهمه ما فوقا

وبدت له آيات حسن لم يقم

برهانها إلا وكنت مصدقا

فبلحظه وبوجنتيه وثغره

راحٌ سكرت بنشرها مستنشقا

فانظر إلى عنقود صدغ خصه

من غير عصر بالرحيق معتقا

كتب العذار على صحيفة خدِّه

بالمسك في الكافور سطراً مُلحقا

فزها بنفسجه الجنيّ وقد غدا

بالورد في روض الملاحة محدقا

إني لأظمأ ما أكون إذا جرى

ماء الحياء بوجهه وترقرقا

قمر سقيم الطرف عقرب صدغه

يُثْنِي عزائمنا ويهزأ بالرٌّقَى

يا مثنياً من حسنه عَطفاً على

قلب يبيت من التصبر مُمْلقا

ها قد رأيت خضوع سائل أدمعي

أفكان عاراً أن تُرَى متصدِّقا

سل عن سوى جلدي فإن لم أدع

تعليله حتى قضى فلك البقا

ما بات قلبي للصبابة ممسكاً

حتى غدا جفني لدمعي منفقا

سكن الضنا جسمي سكون مقيد

ومشى الغرام إلى فؤادي مطلقا

ففداك قلب قد ملكت قياده

لم يرج من رِقِّ الصبابة معتقا

لو كان قلبك مثل عِطفك ليناً

لرثى ورق لفيض دمع ما رقا

ماذا تعد لمن تعاديه إذا

ما طرفك اغتال المحب المشفقا

ولربّ داعية جعلت ضميرها

عزمي وحزمي والمنى والأينقا

وتنوفة مرهوبة أقبلتها

أملاً إذا دجت النوائب أشرقا

بمشمرين إذا استماتت بينهم

سنة الكرى اتخذوا الوساد المرفقا

أَلِفُوا منادمة السُّهاد كأنما

ضنوا بفضلة كأسه أن يهرقا

تطفو وترسب عيسهم من جوبها

وَعْثَ السهولة واليفاع الأخلقا

وإلى المقر الظاهريِّ طووا بها

بيداء طامسة المعالم سَمْلَقا

وشدوا لها بمدائحي فيه وقد

شكت الكلال فما أَغَذَّ وأَعْنقا

حتى إذا وردت حياض سماحه

لم تلق إلا طافحاً متدفقا

فتفيؤوا الظل الغِيَاثِيَّ الذي

أَمِنوا به لفح الهجير المحرقا

فهناك لم يجدوا المعالي نبتها

ذاو ولم يردوا السماح مرنَّقا

واستنشقوا من قرب مغناه الغنى

إيهاً فما أذكى سناه وأعبقا

فوحقهم ما صادفت آمالهم

من دون غمر نداه باباً مغلقا

وندى يد الغازي بن يوسف كم يد

أولى وكم أمل لراج حققا

ملك ببيض ظُباته وهباته

يجدي ويردي منعماً أو مصعقا

بأنامل وَكَفَتْ ندىً وكَفَتْ ردىً

فالجود يرجى والبسالة تتقى

يهب الردينيات سمراً والظُّبا

قُضُباً وقَبَّ الأعوجية سبقا

والطعن قد سلب الأسنة لونها

بدم يُعَتِّقُه تَعَصْفَرَ أزرقا

والبيض في حلق الدِّلاص كأنها

صبح جرى ما بين نَوْرٍ فُتِّقَا

والسمر تعجم خطّ كلِّ مهند

تثنيه في صحف الوجوه معلقا

وإذا الجياد مسحن ثوب عجاجه

شقته مرهفة الظبا فتمزقا

ذو عزمة كالسهم خالط ثغره

أو كالحسام العضب صادف مفرقا

ثَانَى أبيه لنصرة التوحيد كم

من أمة التثليث أردى فيلقا

يا ابن الأولى حاطوا العلا مذ جمعوا

من شملها ما كان قبل مفرقا

أحرزت غاية كل مجد باذخ

أعيا الملوك ونلته متفرقا

وقرعت ذروة مفخر لو أنهم

هموا به لرأوه صعب المرتقى

وتناولت أيدي مساعيك العلا

مذ بات عنها كل باع ضيقا

إنَّ الرماح وقد بنت لك سمرها

شرفاً أناف على النجوم محلقا

حطمتها بالطعن في ثُغَر العدا

فلأجلها رعد الحسام وأبرقا

فإذا بعثت من السهام مسدّداً

في إثرها فسبيله أن يمرقا

لله منك يدٌ إذا ضنّ الحيا

في أزمة شمنا حياها المغدِقا

لولا توقد نار بأسك في الوغى

لأخضرّ منها السمهريّ وأورقا

عَثَّرْت سمعي في صفاتك فاكتسى

عِيّاً وما زال البليغ المُفْلِقا

إنْ قلت غيثاً كنت أنت منجِّياً

غرقى النفوس وكان ذاك المغرقا

أو قلت أنت الليث في بأس فكم

غادرت بالأقْدام من ليث لقا

وإذا ظلمت الغيث في تشبيهه

بنداك ألزم برقه أن يخفقا

فلطالما جُنَّ الغمام ووجهه

جهم وجُدْتَ مع الندى متألقا

والطود لو شاء احتزامك نسفه

قسراً لكلف نفسه أن يصعقا

فليعترف بالعجز مثلي شاعر

يرجو لوصفك أن يكون محققا

فلأنتَ سرُّ الله في الدنيا وإن

ساءت مقالتِيَ الحسود الأحمقا

لم يبد صنع الحلم فيك تصنعاً

كلاّ ولا خلق السماح تَخَلُّقا

فافخر ففخر علاك من جرثومة

سمقت وأيسر فضلها أن تَسْمُقا

يا ابن الذي أخلى السواحل عنوة

من كل ماضي البأس مرهوب اللِّقا

هو أنقذ البيت المقدس عنوة

والظلم قد عمَّ البلاد وطبقا

لم يبق غيرَ كنائس مهجورة

ألقى بساكنهنّ خطباً موبقا

حمد الفرار هزيمهم وأسيرهم

في قيده يبكي القتيل تَحَرُّقا

فتح به قرت جوانب مكة

وليثرب وضريح ساكنها وقى

وحنا على مصرٍ فأنقذ بالظبا

عضب الخلافة بعد إخفاء التقى

وأعاد برد المصطفى وقضيبه

متجددَيْن وأوشكا أن يَخْلُقا

والأرض مغرمة بحبك لم تزل

تبدي إليك صبابة وتشوقا

فلسوف تملأها بأحسن سيرة

عدلاً تمهد غربها والمشرقا

أنا ذلك العبد الذي أوليته

نعماً غدا بجسامها متطوقا

رُفِضَتْ بمصر فضائلي فهجرتها

هجر القلى وتركت خلفي جِلَّقا

وعلقت منك بماجد مهما أقل

فيه كفاني أن أقول مصدّقا

وصرفت مدحي عن ملوك لم يكن

إلا رياء فيهم وتملقا

وأنفت إذ غدت الحمام بجهلها

مني إلى طرق الهداية أسبقا

فالوُرق تختار الغصون لسجعها

فتعاف ذاويها وتَهْوَى المورقا

أضحى جنابك لا الأثيل مَظِنَّةً

لِلْخَمْسِ لذتُ به فكنتُ مُوَفَّقا

أملى على جوديِّ جودك مستو

فعلام في طوفانه قد أغرقا

يممت بابك بائساً مسترزقاً

فأقمت مرجوَّ الندى مسترزقَا

وشقيت عند معاشر فارقتهم

فاعتضت عندك بالنعيم عن الشقا

ووجدت غصن الجود حين هززته

فينان أخضر والندى متعبقا

أتخير الألفاظ فيك ولم أقم

يوماً بوحشي الكلام مُشَقْشِقا

فاستجلها زُهر الجفون كأنها

عُتْب تولد من نتيجته لقا

مسكية النفحات يعضد بعضها

بعضاً إذا كثر المقال ولفقا

مثل الحديقة بهجة ما جادها

نوء سوى جدوى يديك ولا سقى

زفت إلى ملك المعالي زفها

ملك المعاني رقة وتألقا

فورثت طول بقائها متمتعاً

فالدهر يفنى وهي دائمة البقا

شرح ومعاني كلمات قصيدة ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا

قصيدة ماء الجفون بوجهه مذ أشرقا لـ شرف الدين الحلي وعدد أبياتها ثلاثة و تسعون.

عن شرف الدين الحلي

أبو الوفاء راجح بن أبي القاسم إسماعيل الأسدي الحلي أبو الهيثم شرف الدين. شاعر من بني أسد ولد في مدينة الحلة في العراق. وقد رحل الشاعر إلى بغداد في خلافة الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد المستضيء بنور الله ولكنه لم يستقر كثيراً فرحل إلى الشام ومصر. وقد قضى جل حياته في ربوع الشام، ويظهر من شعره أنه شيعي وهذا ظاهر إذ أن كل أهل الحلة متشيعين. وشعر الحلي يشمل المدح في معظمه وله (ديوان كبير - خ) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي