ما للحمول تحن للأطلال
أبيات قصيدة ما للحمول تحن للأطلال لـ ابن زمرك

ما للحُمول تحنُّ للأطلال
ويشوقُها ذكرُ الزمان الخالي
يثني أزمّة هِيمها شوق إلى
ظل الأراك وأزرق سَلْسالِ
ذكرت بها الحيّ الجميع كعهدها
والربعُ منها أخضر السِّرْبالِ
والدار حاليةٌ المعاطف والربا
ومَرَادها بالروضة المخضالِ
أيَّانَ ما لعبت بها أيدي النوى
وتراهنت في الحل والتَّرْحالِ
وجَرَتْ بسدتها الحداة كأنها
قطعُ السفائن خضن بحر ليالِ
دَعْني أطارحْها الحنين فإنني
لا أنثني لمقالة العُذَّالِ
وهي المنازل أشبهت سكانها
أعمارها تفضي إلى الآجالِ
بلِيَتْ محاسنها وخَفَّ أَنيسُها
والشوق والتذكار ليس ببالي
ولقد أقولُ وما يُعنَّف ذو الهوى
ذهب الغرام بحيلة المحتالِ
أَحَشّى تذوب صبابة ومدامعٌ
تغري جفون المزن باستهلالِ
ووراء مطَلع الخدور جآذر
تُجلى شموساً في غمام حجالِ
يا ساكني نجدٍ وما نَجْد سوى
نادي الهدى ومخيّم الآمالِ
ما للظباء الآنساتِ بربعكم
عُطُلاً وهنَّ من الجمال خوالي
أو للرياح تهبُّ وهي بليلةٌ
فتهيجُ من وجدي ونم بَلْبالي
هي شيمة عذرية عوّدتُها
قلباً شَعاعاً ما يُرى بالسالي
يا بنتَ من غَمَرَ العفاةَ نوالُهُ
هلاَّ سمحتِ ولو بطيفِ خَيَالِ
فلكم بعثتُ مع النسيم تحيَّتي
عوّدْتُ ساري البرق من أرسالي
بالله يا ريح النُّعامى جرِّري
فوق الخُزامى عاطر الأذيالِ
وإذا مررتَ على الكثيب برامةٍ
صافِحْ محيّا الروضة المخضالِ
فيها المعاهد قد طلعن بأفقها
زمناً ولم أَجنحْ لوقت زوالِ
أمذكري عهدَ الشبيبة جادَهُ
صوبُ العهاد بواكف هَطَالِ
عاطيتني عنه الحديثَ كأنّما
عاطيتَني منه ابنهَ الجريالِ
هذا على أني نزعتُ عن الصِّبا
وصرمتُ من حبِّ الحسان حِبالي
حسبي وقاراً في النديِّ إذا احتبى
وتجادلوا في الفخر كل مجالِ
أني ألوذ بدولة نصْريةٍ
حليَتْ محاسنها بكل كمالِ
حيث الوجوهُ صبيحة والمكرما
تُ صريحة والعزُّ غيرُ مُزالِ
حيث المكارم سنها أعلامُها
من كل فياض الندى مفضالِ
بيض الأيادي والوجوهِ أَعِزَّةٌ
قد شيّدوا العليا بسمر عوالي
هم آل نصر ناصرو دين الهدى
والمصطفَوْن لخيرة الأرسالِ
ما شئتَ من مجد قديم شاده
أبناءُ قيلةَ أشرف الأقيالِ
ما منهم إلا أغرُّ محجّلٌ
يلقى العظائم وهو غير مبالِ
مُتَبَسِّمٌ واليوم أكلحُ عابسٌ
والحربُ تدعو بالكُماةَ نَزَالِ
قد عُوَّدوا النصر العزيز وخوَّلوا
الفتح المبين بملتقى الأبطالِ
بذلوا لدى الهيجا كرائمَ أنفسٍ
قد أرخصت في الله خير منالِ
أصبحتَ وارث مجدهم وفخارهم
ومُشرّفَ الأمصار والأبطالِ
وطلعت في أفُقِ الخلافة نَيِّراً
تجلو ظلامَ الظلم والإضلالِ
فُقت الملوك جلالة وبسالة
وشأوْتَهُم في الحِلم والإجمالِ
أَعْدَتْ محاسنُك المحاسنَ كلَّها
فجمالُها يُزري بكل جمالِ
فالشمسُ تأخذ عن جبينك نورَها
والروض ينفح عن كريم خِلالِ
والريحُ تحمل عن ثنائك طيبها
في ملتقاها من ضباً وشَمَالِ
والغيثُ إلا من نداك مبُخَلٌ
فالغيثُ يُقلعُ والندى مُتَوَالِ
تعطي الذي لا فوقَهُ لمؤمِّلٍ
وتجود بالإحسان قبلَ سؤالِ
طاولتَ عُلويَّ النجوم بهمةٍ
لا فاقداً عزماً ولا مكسالِ
وبلغتَ من رُتب السعادة مبلغاً
أبعدتَ فيه مرتقاك العالي
وقياسُ سعدك في مرامك كلَّه
يقضي مُقَدَّمُهُ بصدق التالي
لمن الجيادُ الصافناتُ كأنها
في الوِرْدِ أسرابُ القطا الأرسالِ
من كل ملموم القُوى عبل الشَّوى
مُرخي العنان مُحَفَّز جَوَّالِ
لمن القباب الحمر تُشرَع للندى
فتفيض للعافين فيض سجالِ
لمن الخيام البيض تحسب أنها
زُهْرُ الكواكب أَطلِعَتْ بِحِلالِ
منداحةُ الأرجاء عاليةُ الذرى
فكأنها في الوهد شمُّ جبَالِ
هو مظهرُ الملك العلي ومطلع ال
نور الجلي بمرقب متعالِ
آثار مولانا الإمام محمّدٍ
بدر الهدى لا زال حِلفَ كمالِ
للهِ وجهتك التي نلنا بها
أَجرَ الجهاد وبغيةَ الآمالِ
ما شئت من حسن يفوق كمالُهُ
ويروق منظره الجميل الحالي
كم من عجائبَ جمةٍ أظهرْتَها
ما كان يخطرُ وصفهُنَّ ببالي
أَمَّتْ وفود الناس منك مملّكاً
قد خُصَّ بالتعظيم والإجلالِ
جاءُوا مواقيتَ اللقاء كأنهم
وفدُ الحجيج برامةٍ وألالِ
لله عينا من رأى ملك العُلا
حَفَّ الوقارُ جمالَه بجَلالِ
في موكبِ لبسوا الخلوصَ شعارهُ
وتميزوا منه بزِيِّ جمالِ
بلغوا به العددَ الكثيرَ وكلُّهم
أرضاهُمُ إحسانُك المتوالي
يهني المريَّةَ نعمة سوغتها
جادت بها الأيامُ بعد مِطالِ
قدست واديها وزرت خلالَها
فلها الفخار بها على الآصالِ
وكسوتَها بُرد الشباب مُفوّقاً
وشفيتَ ما تشكو من الأوجالِ
مولايَ لا أحصي ثناءك إنه
أربى على التفصيل والإجمالِ
أعليتَ في أفق العناية مَظهري
وخصصته بعوارف الإفضالِ
ظفرت يدايَ بكلّ ما أمّلتُه
في النفس أو في الجاه أو في المالِ
لم تُبق ليل أملاً وما بُلِّغتُهُ
بُلّغتَ ما ترجو من الآمالِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة ما للحمول تحن للأطلال
قصيدة ما للحمول تحن للأطلال لـ ابن زمرك وعدد أبياتها ثمانية و ستون.
عن ابن زمرك
هـ / 1333 - 1392 م محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله. المعروف ب وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين ابن الخطيب وغيره. وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدمه وبنيه، وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكرت الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد.[١]
تعريف ابن زمرك في ويكيبيديا
أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي (733 هـ - 793 هـ / 1333 - 1392 م) المعروف بابن زمرك من كبار الشعراء والكتّاب في الأندلس، وكان وزيرًا لبني الأحمر ،ولد بروض البيازين بغرناطة وتتلمذ على يد لسان الدين بن الخطيب.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن زمرك - ويكيبيديا