مختارات شعراء العرب/قصيدة لطرفة بن العبد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

قصيدة لطرفة بن العبد

قصيدة لطرفة بن العبد - مختارات شعراء العرب

وقال طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك ابن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي ابن بكر بن وائل:

أصحوتَ اليومَ أم شاقتكَ هر

ومن الحبِّ جنونٌ مستعرْ

شاقتك: أخذك لها شوق.ومستعر: ملتهب.

أرقَ العينَ خيالٌ لم يقر

طافَ والركبُ بصحراءِ يسرْ

يروى: بصحراءِ أسر، عن أبي عبيدة.لم يقر: لم يتدع ويستقر.

لا يكنْ حبكِ داءً داخلاً

ليس هذا منكِ ماويَّ بحرْ

بِحُرّ: بحسنٍ جميل.شبهه بالحر في عتقه وحسنه.يقول: هذا منك أمر هجين.

كيفَ أرجو حبها من بعدِ ما

علقَ القلبُ بنصب مستسر

نصب: عناء مستسرّ: مكتتم داخل القلب.

تقطعُ القومَ إلى أرحلنا

آخرَ الليلِ بيعفورٍ خدرْ

خدر: فاتر العظام والبدن ؛ أي تقطع إلينا بمثل ظبي في ملاحته وحسنه.وإنما عناها نفسها.واليعفور من الظباء: الذي في عنقه قصر.وصيره في آخر الليلِ ؛ لأن التعريس يكون آخر الليل. قال الأصمعي: قيل لرجل أسرع في سيره: كيف كان سيرك ؟ قال: كنت آكل الوجبة، وأنجو الوقعة، وأعرس إذا نجرت، وارتحل إذا أسفرت، وأسير الوضع، وأجتنب الملع، فجئتكم لمسي سبع. الوجبة: أكلة في اليوم.والوقعة: قضاء الحاجة.مرة في اليوم والليلة: ضرب من السير دون الجهد.والملع: السير الشديد.

ثم زارتني وصحبي هجعٌ

في خليطينِ لبردٍ ونمرْ

في خليطين: في قومين مختلطين.الأصمعي: برد: قبيلة من إياد.والنمر بن قاسط.أبو عبيدة: في خليط بين برد ونمر، أي هي في ثوبين.

أينما قاظوا بحجرٍ وشتوا

حول ذاتِ الشاءِ من ثنىْ وقرْ

ذات الشاءِ: موضع.وقر: موضع.وثنياه: ناحيتاه.

ظلَّ في عسكرة من حبها

ونأى شحط مزار المدكر

عسكرة: دوار.يقال عساكر الموتِ تغشاه: إذا دير به.

بادنٌ تجلو إذا ما ابتسمتْ

عن شتيتٍ كأقاحي الرملِ غرّ

بدلته الشمسُ في منبتهِ

برداً أبيض مصقولَ الأشرْ

ويروى: رفافَ الأشر.عن أبي عبيدة: العرب تزعم أن الغلام إذا سقطت له سن وأخذها بسبابته وإبهامه، ثم استقبل بها الشمس عند طلوعها فزجها في عين الشمس وقال: أبدليني منها أحسن منها ولتحر إياتك فيها، أمنَ على أسنانه أن تعود عوجاً أو ثعلاً أو قابلةً للفلج.وهذا من خرافاتهم.

إنْ تنو لهُ فقد تمنعهُ

وتريه النجم يجري بالظهرْ

أي يظلم عليه النهار لم تفعل به حتى يرى الكواكب ظهراً.وهذا مثل للشيء إذا اشتد على الرجل.

وإذا تضحكُ تبدي حبباً

كرضابِ المسكِ بالماءِ الخصر

كرضاب المسك: كقطع المسك.

صادفته حرجفٌ في تلعةٍ

فسجا وسطَ بلاط مسبطر

حرجف: ريح شديدة.ويروى: في صخرة. تلعة: مكان مشرف له مسيل.وسجا: سكن.وبلاط: أرض مستوية في صفاة.

تحسبُ الطرف عليها نجدةً

يا لقومي للشباب المسبكر

المسبكر: الممتد.يقول: تحسب رفع طرفها للنظر نجدةً ؛ أي شدة عليها لنعمتها ورقتها.أنشد الأصمعي للهذلي:

لو أن عندي من قريمٍ رجلاً

لمنعوني نجدةً أو رسلا

أي لمنعوني بأمر شديد أو بأمر هين.

تطرد القر بحر ساخنٍ

وعكيكَ القيظِ، إنْ جاءَ بقر

هذا مثل قوله:

سخنة في الشتاءِ باردة الصي

فِ سراجٌ في الليلة الظلماءِ

تسرقُ الطرفَ بعيني جؤذر

وبخديْ رشأ أبيض غر

تسرق الطرف: تخالسه.غر: فيه غفلة الحداثة.

وعلى المتنين منها واردٌ

حسن النبتِ أثيثٌ مسبطر

لا تلمني إنها من نسوةٍ

رقدِ الصيفِ مقاليتَ نزر

الواحدة نزور.نزر: قليلات الأولاد.

كبنات المخرِ يمأدنَ إذا

أنبتَ الصيفُ عساليجَ الخصِر

بنات المخر: سحائب بيض يجئن في الصيف.ويمأدن: يتحركن.والعسلوج: شيء أبيض الأصل يخرج في الصيف ثم ينقاد كما ينقاد الخيزران.والخضر: نبت أخضر.

فجعوني يومَ زموا عيرهمْ

برخيمِ الصوتِ ملثوم عطرْ

رخيم الصوت: لين الصوت، رخم رخامة.عطر: مطلي بالعطر.

جأبةِ المدرَى ضئيلٍ صوتها

تنفض المردَ وأفنانَ السمرْ

جأبة: يهمز ولا يهمز، يصف الظبية.ومدراها: قرنها.والجأب: الغليظ.يقول: نبات قرنا غليظ لم يدق بعد ؛ يريد حداثته.وضئيل صوتها: تبغم بغاماً رخيماً ذا حسن.

وإذا تلسنني ألسنها

إنني لستُ بموهون غمرْ

لا كبيرٌ دالفٌ من هرم

أرهبُ الليلَ، ولا كلُّ الظفرْ

يقول: من ظفرت فيه لم يفلتْ مني.وهذا مثل.قال أبو عبيدة: الظفر هاهنا السلاح.

ولي الأصلُ الذي في مثلهِ

يصلحُ الآبرُ زرعَ المؤتبرْ

طيبُ الباءةِ سهلٌ ولهمْ

سبلٌ إنْ شئتَ في وحشٍ وعرْ

وهم ما همْ إذا ما لبسوا

نسجَ داودَ لباسَ المحتضرْ

وتساقى القومُ سماً ناقعاً

وعلاَ الخيلَ دماءٌ كالشقرْ

لا تعزُّ الخمرُ إنْ طافوا بها

بسباءِ الشولِ والكومِ البكرْ

أسدُ غيلٍ فإذا ما شربوا

وهبوا كلَّ أمون وطمرْ

ثم راحوا عبقُ المسكِ بهمْ

يلحفون الأرضَ هدابَ الأزرْ

وندامَى حسنٌ أوجههم

غيرُ أنكاسٍ ولا هوج هذرْ

ثم زادوا أنهم في قومهم

غفرٌ ذنبهمُ غيرُ فخر

يروى: في حيهم يغفرون الظلمَ ليسوا بفخر

غشمٌ كالأسدِ في غاباتها

ولدى البأس حماةٌ ما تفرْ

فاضلٌ أحلامهمْ في قومهم

رحبُ الأذرعِ بالخيرِ أمرْ

وتشكى النفسُ ما صابَ بها

فاصبري إنكِ من قومٍ صبرْ

إنْ ننلْ منفساً لا تلقنا

نزقَ الخيرِ، ولا نكبو لضُر

نحنُ في المشتاةِ ندعو الجفلى

لا ترى الآدبَ فينا ينتقرْ

بجفانٍ تعتري مجلسنا

وسديفٍ حين هاجَ الصنبرْ

كالجوابي ماتني مترعةً

لقرى الأضيافِ يوماً تحتضرْ

ثم لا يخزنُ فينا لحمها

إنما يخزنُ لحم المدخرْ

نمسكُ الخيلَ على مكروهها

حينَ لا يمسكها إلا الصبرْ

فترى الخيلَ إذا ما فزعوا

ودعا الداعي وقد لجَّ الذعرْ

أيهَ الفتيانُ في مجلسنا

بجيادٍ منْ ورادِ وشقرْ

أيه به: إذا دعاه.

أعوجيات تراها تنتحي

مسلحباتٍ إذا جد الحضر

من عناجيج ذكورٍ وقحٍ

وهضباتٍ طوالاتِ العذر

يروى: وقح.ووجد بخط أبي سعيد: وقح: جمع وقاح.ووقح قياس واحدها واقح.ولا يستعمل واقح.

جافلات فوقَ عوجٍ عجلٍ

ركبتْ فيها ملاطيسُ سمرْ

وأنافتْ بهوادٍ تلعٍ

كجذوع شذبتْ عنها القشرْ

علتِ الأيديَ أجوازٌ لها

رحبُ الأجوافِ ما إنْ تنبهر

فهيَ تردِي فإذا ما ألهبتْ

طارَ منْ إحمائِها شدُّ الأزرْ

دلقٌ في غارةٍ مسفوحةٍ

كرعال الطيرِ أسراباً تمر

تذرُ الأبطالَ صرعى بينها

ما يني منهمْ كميٌّ منعفرْ

فلقدْ تعلمُ بكرٌ أننا

واضحو الأوجهِ في المحفل غرّ

ولقد تعلمُ بكرٌ أننا

صادقو البأس لدى الروعِ وقرُّ

ومكان زعلٍ ظلمانُه

كالمخاضِ الجربِ في اليوم الخضرْ

قد تبطنتُ وتحتي سرحٌ

تتقي الأرضَ بملثومٍ معرْ

فترى المروَ، إذا ما هجرتْ

عنْ يديها كالفراشِ المشفتر

ذاك عصرٌ، وعداني أنني

نابني العامَ خطوبٌ غيرُ سرْ

ففداءٌ لبني قيسٍ على

ما أصابَ الناسَ من سرٍّ وضرْ

ما أقلتْ قدمِي إنهمُ

نعمَ الساعونَ في القومِ الشطرْ

ويروى: في الأمر المبرُّ.

وهمُ أيسارُ لقمانَ إذا

أغلتِ الشتوةُ أبداءَ الجزرْ

وتنادى القومُ في ناديهمُ

أدخانٌ ذاكَ أم ريحٌ قطرْ

لا يلحونَ على غارمهمْ

وعلى الأيسارِ تيسيرُ العسرْ

يكشفونَ الضرَّ عن ذِي ضرهم

ويكرونَ على الآبي المبر

كنتُ فيهم كالمغطِّي رأسه

فانجلى اليومَ قناعي وخمرْ

سادراً أحسبُ غيِّي رشداً

فتناهيتُ وقد صابتْ بقرْ

ولطرفة أيضاً

وقال طرفة، أثبتها المفضل وأبو عبيدة، ولم يعرفها الأصمعي

سائلوا عنا الذي يعرفنا

بقوانا يومَ تحلاقِ اللممْ

يوم تبدِي البيضُ عنْ أسوقِها

وتلفُّ الخيلُ أعراجَ النعمْ

أجدرُ الناسِ برأسٍ صلْدم

حازمِ الأمرِ ضروبٍ للبهم

كاملٍ يجمع آلاءَ الفتى

نبهِ سيدِ ساداتِ خضمْ

خيرِ حيٍّ منْ معدٍّ علموا

لكفيٍّ ولجارٍ وابنِ عمْ

نجبر المحروبَ فينا مالهُ

بقبابٍ وجفان وخدمْ

نقلٌ للحمْ في مشتاتنا

عقرٌ للنيبِ طرادو القرمْ

نزعُ الجاهلَ في مجلسنا

فترى المجلس فينا كالحرمْ

وتفرعنا من ابنيْ وائلٍ

هامةَ العزِّ وخرطومَ الكرمْ

حينَ يحمَى البأسُ يحمي سربنَا

واضحوُ الأوجهِ معروفو العلمْ

بحساماتٍ تراها رسباً

في الضريباتِ متراتِ العصمْ

وفحول هيكلاتٍ وقح

أعوجياتٍ على الشأوِ أزُمْ

بزنا للحربِ إما كشفتْ

مقرباتُ الخيلِ يعلكنَ اللجمْ

تتقِي الأرضَ بِرُحٍّ وقح

ورقٍ يقعرنَ أنباكَ الأكم

خلجُ الشدِّ ملحاتٌ إذا

شالت الأيدي عليها بالجذمْ

قدماً تنضو إلى الداعي إذا

خللَ الداعي بدعوى ثم عم

بشباب وكهولٍ نهدٍ

كليوثٍ بينَ عريسِ الأجم

ونكرُّ الخيلَ في مكروهِها

حينَ لا يعطفُ إلا ذو كرمْ

نذرُ الأبطالَ صرعَى بينها

تعكفُ العقبانُ فيها والرخمْ

^

القسم الثاني

وفيه خمس وعشرون قصيدة لثلاثة من فحول الجاهلية: زهير، وبشر بن أبي خازم، وعبيد بن الأبرص.

بسم الله الرحمن الرحيم

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي