مصارع العشاق/أبو ريحانة والجارية السوداء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبو ريحانة والجارية السوداء

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي الشروطي بالشام، أخبرنا رضوان بن عمرو الدينوري قال: حدثنا الحسين بن جعفر العبدي قال: حدثنا أبو قتيبة سالم بن الفضل الأدمي، حدثني محمد بن موسى الشامي، سمعت الأصمعي يقول:مررت بالبصرة بدار الزبير بن العوام، فإذا أنا بشيخ أبو ولد الزبير، يكنى أبا ريحانة، على باب الزبير، ما عليه إلا شملة تستره، فسلمت عليه، وجلست إليه أحدثه، فبينا أنا كذلك إذ طلعت علينا جارية سوداء تحمل قربة، فلما نظر إليها لم يتمالك أن قام إليها ثم قال: يا ستي جمعة، غني لي صوتاً ! فقالت: إن مواليّ أعجلوني.قال: لا بد من ذلك.قالت: أما والقربة على كتفي فلا.قال: فأنا أحملها.فأخذ القربة فحملها على عنقه واندفعت، فغنت:

فُؤادي أسيرٌ لا يُفكّ، ومُهجَتي

تَقَضّى، وَأحزَاني عَلَيكَ تَطولُ

وَلي مهجَةٌ قَرْحى لطولِ اشتياقها

إلَيكَ، وَأجفاني عَلَيكَ هُمُولُ

كَفَى حَزَناً أني أمُوتُ صَبَابَةً،

بدائي، وَانصَارِي عَلَيكَ قَليلُ

وكُنتُ إذا ما جِئتُ جِئتُ بِعِلّةٍ،

فأفنَيتُ عِلاّتي، فَكَيفَ أقُولُ ؟

قال: فطرب الشيخ، وصرخ صرخة، وضرب بالقربة الأرض فشقها، فقامت الجارية تبكي وقالت: ما هذا جزائي منك يا أبا ريحانة، أسعفتك بحاجتك وعرضتني لما أكره من مواليّ ؟ قال: لا تغتمي، فإن المصيبة علي دخلت دونك. وأخذ بيدها واتبعته إلى السوق، فنزع الشملة، ووضع يداً من قدام ويداً من خلف، وباع الشملة، وابتاع بثمنها قربةً، وقعد على تلك الحال.ورجعت، فجلست عنده، فاجتاز به رجل من الطالبية، فلما نظر إليه وإلى حالته عرف قصته، فقال: يا أبا ريحانة ! أحسبك من الذين قال الله عز وجل: 'فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين'.فقال: لا يا ابن رسول الله، ولكني من الذين قال الله تعالى فيهم: 'فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه' فضحك منه العلوي، وأمر له بألف درهم وخلعة.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي