مصارع العشاق/أبو عيشونة الشاعر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبو عيشونة الشاعر

أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الوراق، رحمه الله تعالى، بقراءتي عليه، حدثنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم إملاء، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن محمد بن عجلان بسر من رأى قال:خرجت مرة من المرار إلى مدينة السلام، فدعاني صديق لي ينزل الدور، فأقمت عنده، ثم انصرفت إلى منزلي في ليلة مقمرة، فبينما أنا أنزل شارع دار الرقيق، رأيت شيخاً قصيراً أصلع متشحاً بإزار أحمر، وبيده سكين خوصية، وهو يقول:

عِشرُونَ ألفَ فَتَىً مَا مِنهُمُ رَجُلٌ

إلاّ كألفِ فَتىً مِقدامَةٍ بَطَلِ

أضْحَتْ مَزَاوِدهُم مَملُوءةً أمَلاً

فَفَرَّغُوها، وَأوْكَوْهَا على الأجل

فقلت لهم: أحسنت، فقصد إلي، وقال لي: لبيك، أتريد رقيقةً ؟ قلت: نعم ! فقال:

إنّمَا هَيَّجَ البَلا،

حِينَ عَض السفَرْجَلا

وَلَقَدْ قَامَ لحظُهُ

لي على القَلْبِ بالغَلا

فقلت له: أبو من شيخنا ؟ فقال: أبو عيشونة الخياط من أهل مربعة حرب، قد خرجت الفتيان الكبار، وصغا من يدي كل شاطر كان في هذا الصقع، وشهدت حروب محمد كلها وعمرت تلك الدار منذ عشرين سنة ؛ وأشار بيده إلى سجن الشام، وأنا الذي أقول:

لي فُؤادٌ مُستَهَامُ،

وَجُفُونٌ مَا تَنَامُ

وَدُمُوعٌ أبَدَ الدَّهْ

رِ عَلى خَدِّي سِجَامُ

وَحَبيبٌ كُلّمَا خا

طَبْتُهُ قَالَ: سَلامُ

فإذا ما قُلتُ: زُرْني !

قَالَ لي: ذاكَ حَرَامُ

ثم انثنى عني ناحيةً، وهو يقول:

مُؤرَّقٌ في سُهْدِهِ،

مُسَهَّدٌ في كَمَدِهْ

خَلا بِهِ السُّقْمُ، فَمَا

أسرَعَهُ في جَسَدِهْ

يَرْحَمُهُ مِمّا بِهِ

مَنْ ضَرِّهِ ذُو حَسَدِهْ

كَأنَّ أطرَافَ المِدَى

يَجرَحْنَ أعلى كَبِدِهْ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي