مصارع العشاق/أجمل الحائيات الغزلية

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أجمل الحائيات الغزلية

والخبر على لفظ أبي عبد الله قال: وحدثت عن ابن أبي عدي قال:سمعت ذا الرمة يقول: بلغت نصف عمر الهرم أربعين سنة، وقال ذو الرمة:

على حينَ رَاهَقتُ الثّلاثينَ، وَارْعَوَتْ

لِداتي، وكادَ الحِلمُ بالجَهلِ يَرْجَحُ

ذا خَطَرَتْ من ذِكرِ مَيّةَ خَطرَةٌ

على القَلبِ كادَت في فؤادِكَ تَجرَحُ

تَصَرَّفُ أهوَاءُ القُلُوبِ، وَلا أرَى

نَصِيبَكِ مِنْ قَلبي لِغَيرِكِ يُمنَحُ

فبعض الهَوَى بالهجرِ يُمحى، فينمحي،

وَحبّكِ عندي يَستَجِدّ وَيَرْبَحُ

وَلَمّا شَكَوْتُ الحُبّ كَيما تُثيبَني

بوَجديَ، قالَت: إنّمَا أنتَ تَمزَحُ

بعَاداً وَإدْلالاً عليّ، وَقَدْ رَأتْ

ضَميرَ الهَوَى بالجسْمِ كَادَ يُبَرِّحُ

لَئِنْ كانتِ الدّنيَا عليّ كَمَا أرَى

تَبَارِيحَ مِن ذِكرَاكِ، فالمَوْتُ أرْوَحُ

قال القاضي المعافى: وهذه من قصائد ذي الرمة الطوال المشهورة المستحسنة، وأولها:

أمَنزِلَتَيْ مَيٍّ سَلامٌ عَلَيكُمَا،

عَلى النأي، وَالنّائي يَودّ وَيَنصَحُ

ومنها:

ذكَرْتُكِ أنْ مَرّتْ بشنَا أُمُّ شَادِنٍ

أمَامَ المَطَايَا تَشرَئِبّ وَتَسنَحُ

مِنَ المُؤلِفاتِ الرّملِ أدْمَاءُ حُرّةٌ،

شُعَاعُ الضّحَى في مَتنِها يَتَوَضّحُ

رَأتنَا كَأنّا عَامِدُونَ لِصَيدِهَا،

ضُحىً، فَهيَ تَنبُو تَارَةً وَتَزَحزَحُ

هيَ الشبهُ أعطَافاً وَجِيداً وَمُقلَةً،

وَمَيّةُ أبْهَى بَعدُ مِنهَا وَأملَحُ

فهذه من أحسن الحائيات على هذا الروي، ونظيرها كلمة ابن مقيل التي أولها:

هلِ القَلبُ من دُهماءَ سالٍ فمُسمِحُ،

وَزَاجِرَة عَنهَا الخَيَالُ المُبَرّحُ

وقول جرير:

صحَا القَلبُ عن سَلمى، وقَد برّحت به،

وَما كانَ يلقَى من تُمَاضِرَ أبرَحُ

ومثله:

لَقَد كانَ لي في ضَرّتينِ عدمتَني،

وَمَا كُنتُ ألقَى مِنْ رَزِينَةَ أبرَحُ

وذكر في خبر ذي الرمة بهذا الإسناد، إخوة ذي الرمة، فقيل منهم: مسعود وهمام وخرواش، فأما مسعود فمن مشهوري إخوته، وإياه عنى ذو الرمة بقوله:

أقُولُ لمَسعودٍ بجَرْعَاءِ مَالِكٍ

وَقَد همّ دَمعي أنْ يَسُحَّ أوَائلُه

ومنهم هشام، وهو الذي استشهد سيبويه في الإضمار في ليس بقوله، فقال: قال هشام بن عقبة أخو ذي الرمة:

هيَ الشّفَاءُ لِدائي لَوْ ظَفِرْتُ بهَا،

وَلَيسَ مِنهَا شِفَاءُ الدّاءِ مَبذُولُ

ومنهم أوفى، وهو الذي عناه بعض إخوته في شعر رثى فيه ذا الرمة أخاهما:

تَعَزِيتُ عَن أوْفَى بغَيلانَ بعدَهُ،

عَزَاءً، وَجفنُ العَينِ ملآنُ مُترَعُ

وَلم يُنسِني أوْفَى المَصَائبَ بعدَهُ،

وَلكنّ نَكْءَ القَرْحِ بالقرْحِ أوْجعُ

وذكره ذو الرمة فقال:

أقُولُ لأوْفى حينَ أبصرَ باللِّوَى

صَحيفَةَ وَجهي قد تَغَيَّرَ حَالُهَا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي