مصارع العشاق/أم البنين ووضاح اليمن

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أم البنين ووضاح اليمن

أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري بقراءتي عليه، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثني أبي، محمد أبو أحمد الختلي، حدثنا أبو حفص يعني النسائي، حدثنا محمد بن حيان بن صدقة عن محمد بن أبي السري عن هشام بن محمد بن السائب قال:كانت عند يزيد بن عبد الملك بن مروان أم البنين بنت فلان، وكان لها من قلبه موضع، فقدم عليه من ناحية مصر بجوهر له قدر وقيمة، فدعا خصياً له، فقال: اذهب بهذا إلى أم البنين وقل لها: أتيت به الساعة، فلبعثت به إليك.فأتاها الخادم، فوجد عندها وضاح اليمن، وكان من أجمل العرب، وأحسنه وجهاً، فعشقته أم البنين، فأدخلته عليها، فكان يكون عندها، فإذا أحست بدخول يزيد بن عبد الملك عليها أدخلته في صندوق من صناديقها، فلما رأت الغلام قد أقبل أدخلته الصندوق، فرآه الغلام، ورأى الصندوق الذي دخل فيه، فوضع الجوهر بين يديها، وأبلغها رسالة يزيد، ثم قال: يا سيدتي هبي لي منه لؤلؤةً ! قالت: لا ولا كرامة، فغضب وجاء إلى مولاه، فقال: يا أمير المؤمنين إني دخلت عليها وعندها رجل، فلما رأتني أدخلته صندوقاً، وهو في الصندوق الذي من صفته كذا وكذا، وهو الثالث أو الرابع، فقال له يزيد: كذبت، يا عدو الله ! جئوا عنقه، فوجئ في عنقه، ونحّوه عنه. قال: فأمهل قليلاً، ثم قام، فلبس نعله، ودخل على أم البنين، وهي تمتشط في خزانتها، فجاء حتى جلس على الصندوق الذي وصف له الخادم فقال لها: يا أم البنين ! ما أحب إليك هذا البيت ؟ قالت: يا أمير المؤمنين ادخله لحاجتي وفيه خزانتي فما أردت من شيء أخذته من قرب.قال: فما في هذه الصناديق التي أراها ؟ قالت: حليي، وأثاثي.قال: فهبي لي منها صندوقاً.قالت: كلها لك يا أمير المؤمنين لك.قال: لا أريد إلا واحداً، ولك علي أن أعطيك زنته وزنة ما فيه ذهباً.قالت: فخذ ما شئت.قال: هذا الذي تحتي.قالت: يا أمير المؤمنين عد عن هذا، وخذ غيره، فإن لي فيه شيئاً يقع بمحبتي.قال: ما أريد غيره.قالت: هو لك. قال: فأخذه ودعا الفراشين فحملوا الصندوق، فمضى به إلى مجلسه، فجلس، ولم يفتحه، ولم ينظر ما فيه، فلما جنه الليل دعا غلاماً له أعجمياً فقال له: استأجر أجراء غرباء ليسو من أهل المصر. قال: فجاءه بهم وأمرهم، فحفروا له حفيرة في مجلسه، حتى بلغوا الماء، ثم قال: قدموا لي الصندوق.فألقي في الحفيرة.فألقي في الحفيرة، ثم وضع فمه على شفيره، فقال: يا هذا ! قد بلغنا عنك خبر، فإن يك حقاً، فقد قطعنا أثره، وإن يك باطلاً، فإنما دفنا خشباً. ثم أهالوا عليه التراب حتى استوى، قال: فلم ير وضاح اليمن حتى الساعة.قال: فلا، والله، ما بان لها في وجهه ولا في خلائقه شيء حتى فرق الموت بينهما.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي