مصارع العشاق/الجارية المجنونة والزرع

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الجارية المجنونة والزرع

أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي التوزي بهذا الإسناد عن زريق الصوفي عن عبد الواحد قال: قال عتبة الغلام:خرجت من البصرة والأبلة، فإذا أنا بخباء أعراب قد زرعوا، وغذا أنا بخيمة، وفي الخيمة جارية مجنونة عليها جبة صوف لا تباع ولا تشترى، فدنوت فسلمت، فلم ترد السلام، ثم وليت فسمعتها تقول:

زَهِدَ الزّاهِدونَ والعابِدونا،

إذ لَمْولاهم أجاعوا البطونا.

أسهرُوا الأعينَ القريحةَ فِيهِ،

فَمضى ليلُهم، وهُم ساهِرُونا.

حَيّرَتهُم مَحَبّةُ اللهِ حتى

علمَ الناسُ أنّ فِيهم جُنونا.

هم ألِبّا ذوو عقولٍ، ولكِن

قد شجاهُم جميعُ ما يَعرِفونا.

قال: فدنوت إليها فقلت: لمن الزرع ؟ فقالت: لنا إن سلم، فتركتها وأتيت بعض الأخبية، فأرخت السماء كأفواه القرب فقلت: والله لآتينها فأنظر قصتها في هذا المطر، فإذا أنا بالزرع قد غرق، وإذا هي قائمة نحوه وهي تقول: والذي أسكن قلبي من طرف سحر بصفي محبة اشتياقك، إن قلبي ليوقن منك بالرضا، ثم التفتت إلي فقالت: يا هذا ! إنه زرعه، فأنبته، وأقامه، فسنبله، وركبه، وأرسل عليه غيثاً فسقاه، واطلع عليه فحفظه، فلما دنا حصاده، أهلكه، ثم رفعت راسها نحو السماء فقالت: العباد عبادكن وأرزاقهم عليك، فاصنع ما شئت ! فقلت لها: كيف صبرك ؟ فقالت: اسكت يا عتبة.

إنّ إلهي لَغَنيُّ حَمِيد،

في كل يوْمٍ منه رِزْقٌ جديد.

الحمْدُ لله الذي لم يَزَلْ

يفعل بي أكثر مما أُريد.

قال عتبة: فوالله ما ذكرت كلامها إلا هيجني. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي