الدمع المبتذل
وأنبأنا القاضي أبو الطيب، سمعت أبا جعفر الموسائي العلوي يقول: حدثني محمد بن أحمد بن الرصافي قال: قال لي عبد الملك بن محمد:إني خرجت من البصرة أريد الحج، فإذا أنا بفتىً نضوٍ قد نهكه السقام، يقف على محمل محمل، وهودج هودج، ويطلع فيه، فتعجبت منه ومن فعله، فقال:
أحُجّاجَ بَيتِ اللهِ في أيّ هَوْدَجٍ،
وَفي أيّ خِدْرٍ مِنْ خُدورِكُمُ قلبي ؟
أأبقَى أسِيرَ الحُبّ في دارِ غُرْبَةٍ،
وَحَادِيكُمُ يَحدُو بقَلبيَ في الركبِ ؟
فلم أزل أقف عليه، حتى جاء إلى المنزل، فاستند إلى جدار ثم قال:
خَلّ فَيضَ الدّمعِ يَنهَملُ،
بَانَ مَن تَهوَاهُ فارْتَحلوا
كُلُّ دَمعٍ صَانَهُ كَلِفٌ
فَهوَ يَوْمَ البَينِ مُبتَذَلُ
قال: ثم تنفس الصعداء، وشهق شهقةً، فحركته، فإذا هو ميت.