مصارع العشاق/الزاغ الشاعر العاشق

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الزاغ الشاعر العاشق

أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الجازري بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو علي محرز بن أحمد الكاتب. قال: حدثني محمد بن مسلم السعدي قال:وجه إلي يحيى بن أكثم يوماً، فصرت إليه، وإذا عن يمينه قمطرة مجلدة، فجلست، فقال: افتح هذه القمطرة، ففتحتها، فإذا شيء قد خرج منها، رأسه رأس إنسان، وهو من سرته إلى أسفله خلقة زاغ، وفي صدره وظهره سلعتان، فكبرت وهللت، وفزعت، ويحيى يضحك، فقال لي بلسان فصيح طلق ذلق:

أنا الزّاغُ أبو عَجْوَه

أنا ابنُ اللّيْثِ واللّبوَه.

أُحِبّ الرّاحَ والرَّيْحَا

نَ والنّشوَةَ وَالقَهوَه.

فلا عَدْوَ يدي يُخشى

ولا يُحذرُ لي سَطْوَه.

ولي أشيَاءُ تُستَط

رَفُ يَوْمَ العِرْسِ والدَّعوَه.

فَمِنها سِلْعَةٌ في الظَهْ

رِ لا تسترُها الفَرْوَه.

وَأمّا السِّلعَةُ الأخرَى

فلَوْ كانَتْ لهَا عُرْوَه.

لمَا شَكّ جَميعُ الناسِ في

هَا أنّهَا رَكْوَه.

ثم قال: يا كهل أنشدني شعراً غزلاً ! فقال لي يحيى: قد أنشدك الزاغ، فأنشده، فأنشدته:

أغَرّكَ أنْ أذنَبْتَ ثُمّ تَتابَعتْ

ذنوبٌ، فلَم أهجُرْكَ، ثُمّ ذنوبُ.

وأكثرْتَ حتى قلتَ ليسَ بصارمي

وقدْ يَصرِمُ الإنْسانُ وهوَ حبيبُ.

فصاح: زاغ زاغ زاغ، وطار، ثم سقط في القمطرة.فقلت ليحيى: أعز الله القاضي، وعاشق أيضاً ! فضحك.قلت: أيها القاضي ! ما هذا ؟ قال: هو ما تراه، وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد، وكتب كتاباً لم أفضضه، وأظن أنه ذكر في الكتاب شأنه وحاله.

الزاغ في رواية أخرى

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طاهر الدقاق قال: أخبرنا الأمير أبو الحسن أحمد بن محمد بن المكتفي بالله قال: حدثنا جحظة قال: أخبرني بعض بني الرضا قال:قال علي بن محمد: دخلت على أحمد بن أبي دؤاد، وعن يمينه قمطر مجلد، فقال لي: اكشف وانظر العجب ! فكشفت، فخرج علي رجل طوله شبر، من وسطه إلى أعلاه رجل، ومن وسطه إلى أسفل صورة الزاغ ذنباً ورجلاً، فقال لي: من أنت ؟ فانتسبت له، فسألته عن اسمه فقال:

أنا الزّاغُ أبو عَجوَه

حليفُ الخمرِ والقَهوَه.

ولي أشيَاءُ تُستَط

رَفُ يَوْمَ العِرْسِ والدّعْوَه.

فمِنها سِلعَةٌ في الظّهْ

رِ لا تَستُرُهَا الفَرْوَه.

ومِنها سِلعَةٌ في الصّدْ

رِ لَوْ كانَ لها عُرْوَه.

لمَا شكّ جميعُ الناسِ حَ

قّاً أنّها رَكْوَه.

ثم قال: أنشدني شيئاً في الغزل، فأنشدته:

وَلَيلٍ في جَوَانِبِهِ فُضُولٌ

مِنَ الإظلامِ أطلسَ غيهَباني.

كأنّ نجومَهُ دَمْعٌ حَبِيسٌ

ترَقرَقَ بينَ أجفانِ الغَوَاني.

فصاح: وا أبي، وا أمي ! ورجع إلى القمطر، وستر نفسه.فقال ابن أبي دؤاد: وعاشق أيضاً !^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي