مصارع العشاق/العاشق البكّاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

العاشق البكّاء

قال: وحدثني حاتم بن محمد، أخبرني عبد الرحمن بن صالح قال:قيل للنضر بن زياد المهلبي: هل كان عندكم بالبصرة أحد شهر بالعشق، كما شهر من نسمع به من سائر الأمصار ؟ قال: نعم ! كان عندنا فتىً من النساك، له فضل وعلم وأدب، فجعل يذوب ويتغير ويصفر، لا يعرف له خبر، فعاتبه أهله وإخوانه في أمره، وقالوا: لو تداويت وشربت الدواء، فإن العلاج مبارك، وما أنزل الله تعالى داءً إلا وله دواء، فلما أكثروا عليه قال:

وَقالَ أُناسٌ لوْ تعالجتَ بالدّوَا،

فقلتُ: الذي يَخشَى عليّ رَقيبُ

تُعالَجُ أدوَاءٌ وَللحبّ لَوْعَةٌ،

تكادُ لها نَفسُ اللّبيبِ تَذُوبُ

وَلَوْ كانَ شُرْبي للهَلِيلَجِ نافِعاً

من الحُبّ لم تُعكَفْ عليّ كُروبُ

بلى ! في عِلاجِ الحُبّ أنّ ذنوبَهُ

حِسانٌ وَإحساني عَليّ ذُنُوبُ

وَإن رُمتُ صَبراً أوْ تَسلّيتُ ساعةً

فَصَبرِي لمَنْ أهوَى عليّ رَقيبُ

قال: ثم سكت، فعوتب، فلم يجب بشيء، وكان، بعدما بدا هذا القول منه، لا يكلمه أحد ممن يعرفه في شيء من الأشياء إلا بكى، ولا يستفيق من البكى، فلم يزل على ذلك حتى مات كمداً. قال: فأنا أدركت بعض من كان ينسب إليه من ولده أو ولد ولده ينسبون إلى البكّاء.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي