مصارع العشاق/العاقلة الصابئة لدينها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

العاقلة الصابئة لدينها

أخبرنا أحمد بن علي السواق، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس عن عبد الله بن إبراهيم الزبيبي، حدثنا محمد بن خلف القاضي، حدثنا إسحق بن منصور، حدثني أبي، حدثني أبو العباس التيمي المؤدب، حدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثتني أمي، وكانت من عذرة، عن أبيها أنها سمعته يحدث إخواناً له قال:أحببت جاريةً من العرب، وكانت ذات عقل وأدب، فما زلت أحتال في أمرها حتى اجتمعت معها في ليلة مظلمة شديدة السواد، في موضع خال، فحادثتها ساعةً.ثم دعتني نفسي إليها، فقلت: يا هذه ! قد طال شوقي إليك، فقالت: وأنا كذلك، فقلت لها: وقد عسر اللقاء.قالت: نحن كذلك.قلت: هذا الليل قد ذهب، والصبح قد قرب.قالت: وهكذا تفنى الشهوات وتنقطع اللذات.قلت لها: لو أدنيتني منك ؟ فقالت: هيهات هيهات إني أخاف العقوبة من الله تعالى.قلت لها: فما الذي دعاك إلى الحضور معي في هذا المكان ؟ قالت: شقوتي وبلائي، قلت: فمتى أراك ؟ قالت: ما أراني أنساك، وأما الاجتماع معك فما أراه يكون. قال: ثم تولت من بين يدي، فاستحييت مما سمعت منها، فرجعت، وقد خرج من قلبي ما كنت أجد من حبها، ثم أنشات أقول:

تَوَقّتْ عَذاباً لا يُطاقُ انتَقامُهُ،

وَلم تَأتِ ما تَخشَى بهِ أن تُعَذَّبَا

وَقالت مقالاً كِدتُ من شدّةِ الحيا

أهِيمُ على وَجهي حَياً وَتَعَجّبَا

ألا أُفِّ للحُبّ الذي يُورِثُ العَمى

وَيُورِدُ ناراً لا تَمَلّ التّوَثّبَا

فأقبَلُ عَوْدي فَوْقَ بَدءٍ مُفكّراً،

وَقد زَالَ عن قَلبي العَمى فتسرّبَا

قال: فلم أر امرأةً كانت أصوَن منها لدينها ولا أعقل.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي