مصارع العشاق/الفتى والشيخ العاشق

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الفتى والشيخ العاشق

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي إن لم يكن سماعاً فإجازة، أخبرنا عبد الغفار بن عبد الواحد بن نصر الأرموي، حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد القاضي، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد الميموني، حدثني محمد بن عمر، حدثني أبو عبد الله الروذباري قال:دخلت درب الزعفراني، فرأيت فتىً قد صرع شيخاً، وهو يكلمه ويعض حلقه، فقلت له: يا فتى أتفعل هذا بأبيك ؟ أباه، فقال: دعني حتى أفرغ منه ثم أحدثك بقصتي، فلما فرغ قلت: يا فتى ما ذنبه ؟ قال: إن هذا يزعم أنه يهواني، وله ثلاث ما رآني.

زينة الله

أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سويد المعدل، حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، اخبرنا عسل، أخبرنا التوزي قال:نظر رجل من قريش إلى رجل ينظر إلا غلام وضيء الوجه، فزجره، فرآه محيريز الزاهد فقال له: هل رأيت غير النظر ؟ قال: لا ! قال: أتريد أان تبطل زينة الله في بلاده، وحليته في عباده ؟

ينشد في ظل خيمة

أخبرنا أبو عبد الله الأندلسي الحافظ من لفظه، حدثني الفقيه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي، حدثنا القاضي أبو بكر عبد الله بن الربيع، حدثنا القالي أبو علي، حدثنا أبو بكر بن دريد، حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال:بينا أنا سائر بناحية بلاد بني عامر، إذا برجل ينشد في ظل خيمة له، وهو يقول:

أحَقّاً، عِبادَ اللهِ، أن لَستُ ناظِراً

إلى قَرْقَرَى يَوْماً وَأعلامِهَا الغُبرِ ؟

كأنّ فُؤادِي، كُلّمَا مَرّ رَاكِبٌ،

جَنَاحُ غُرَابٍ رَامَ نَهْضاً إلى وكرِ.

إذا ارْتَحَلَتْ نحوَ اليَمَامَةِ رِفْقَةٌ،

دَعَاكَ الهَوَى، وَاهتَاجَ قَلبُك للذكرِ.

فَيَا رَاكِبَ الوَجنَاءِ ! أبتَ مُسَلَّماً،

وَلا زِلتَ من رَيبِ الحَوَادثِ في سترِ.

إذا ما أتَيتَ العُرْضَ، فاهتِفْ بجَوّه:

سُقيتَ على شحطِ النوَى سَبَلَ القطرِ.

فإنّكَ مِنْ وَادٍ إليّ مُرَحَّبٍ،

وَإن كنتَ لا تُزْدارُ إلاّ على عَفْرِ.

قال: فأذنت، وكان ندي الصوت، فلما رآني أومأ إلى فأتيته، فقال: أأعجبك ما سمعت ؟ فقلت: إي والله ! فقال: أمن أهل الحضارة أنت ؟ قلت: نعم ! قال: فمن تكوت ؟ قلت: لا حاجة لك في السؤوال عن ذلك.قال: أو ما حل الإسلام الضغائن، وأطفأ الأحقاد ؟ قلت: بلى ! قال: فما يمنعك إذا قلت: أنا امرؤ من قيس ؟ قلت: الحبيب القريب.قال: فمن أيهم ؟ قلت: أحد بني سعد بن قيس، ثم أحد أعصر بن سعد.قال: زادك الله قرباً. ثم وثب فأنزلني عن حماري، وألقى عنه إكافه، وقيده بقراب خيمته، وقام إلى زند فاقتدح وأوقد ناراً، وجاء بصيدانو، فألقى فيها تمراً، وأفرغ عليه سمناً، ثم لته حتى التبك، ثم ذر عليه دقيقاً، وقربه إلي، فقلت: إني إلى غير هذا أحوج.قال: وما هو ؟ قلت: تنشدني.قال: أصبت فإني فاعل، فلقمت لقيمات وقلت: الوعد ! قال: نعمى عين وأنشدني:

لَقَدْ طَرَقَتْ أُمُّ الخُشَيفِ، وَإنّها

إذا صَرَعَ القَوْمَ الكَرَى لَطَرُوقُ.

فَيَا كَبِداً يُحمَى عليها، وَإنّها،

مخافَةَ هَيضَاتِ النَّوَى، لخفُوقُ.

أقَامَ فَرِيقٌ مِنْ أُنَاسٍ يَوَدّهُمْ،

بذاتِ الغَضَا، قَلبي، وَبَانَ فَرِيقُ.

بحَاجَةِ مَحْزُونٍ يَظَلّ وَقَلْبُهُ

رَهِينٌ بِبَيضَاتِ الحِجَالِ صَدِيقُ.

تَحَمّلْنَ أنْ هَبّتْ لَهُنّ عَشِيّةً

جَنوبٌ، وَأنْ لاحَتْ لَهُنّ بُرُوقُ.

كَأنّ فُضُولَ الرَّقْمِ حِينَ جَعَلنَها

ضُحَيّاً على أُدْمِ الجِمَالِ عُذُوقُ.

وَفِيهِنّ مِن تَحتِ السّتَارِ تَحِلَّةٌ،

تَكَادُ على غُرّ السّحَابِ تَرُوقُ.

هَجين، فأما الدعص عن أخرياتها

فوعث، وأما خصرها فدقيق.

التفريق بين مؤتلفين

أنبانا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي الله بن سلامة القضاعي عن أبي الحسن بن نصر بن الصياح، حدثنا أبو عمر عبيد بن أحمد السمسار. أن أبا بكر بن داود الأصبهاني كان يدخل الجامع من باب الوراقين. فلما كان بعد مدة عدل عنه وجعل دخوله من غيره، وكنت مجترئاً عليه، فسألته عن ذلك، فقال: يا بين ! السبب فيه أني في الجمعة الماضية أردت الدخول منه فصادفت عند الباب حدثين يتحدثان، وكل واحد منهما مسرور بصاحبه، فلما رأياني قالا: أبو بكر قد جاء، فتفرقا، فجعلت علي نفسي أن لا أدخل من باب فرقت فيه بين مؤتلفين.

لا كلمته أبداً

أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة المصري، حدثنا ابن نصر، حدثنا أبو عمر عبيد الله بن أحمد بن السمسارأن حدثاً كان يعرف بابن سمنون الصوفي، نشأ مع أبي بكر في كتاب واحد، وكانا لا يفترقان، فإذا عمل أبو بكر كتاباً في الأدب ناقضه، وعمل في معناه، وإن أبا بكر نقش على فص خاتمه سطرين، الأول منهما: وما وجدنا لأكثرهم من عهد ؛ والآخر: فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، وكان إذا رأى إنساناً ينظر إلى حدث رمى إليه بخاتمه، وقال: اقرأ ما عليه فينتهي عن ذلك، فقال لابن سمنون: أتقدر أن تناقضني في هذا ؟ قال: نعم ! فلما كان الغد جاءه بخاتم على فصه سطران، الأول منهما: وجعلنا بعضكم لبعض فتنةً أتصبرون ؛ والثاني: ولنصبرن على ما آذيتمونا.فاستحسن ذلك.وعلى هذا الطريق قال أبو نواس:

كَتَبَتْ عَلى فَصٍّ لخاتَمِهَا:

مَنْ نَامَ لم يَشعُرْ بمَن سَهِدا

وَكَتَبْتُ في فَصّي أُنَاقِضُهَا:

لا كانَ مَنْ يَهْوَى إذا رَقَدَا

قَالَتْ: يُنَاقِضُني بخَاتَمِهِ،

وَاللّهِ، لا كَلّمْتُهُ أبَداَ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي