مصارع العشاق/المجنون وولي الصدقات

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المجنون وولي الصدقات

وأخبرنا أبو القاسم علي بن أبي علي، حدثنا محمد بن العباس، حدثنا محمد بن خلف، حدثني محمد بن إسحق، حدثني ابن عائشة عن أبيه قال:ولي نوفل بن مساحق صدقات كعب بن ربيعة، فنزل بمجمع من تلك المجامع، فرأى قيس بن معاذ المجنون، وهو يلعب بالتراب، فدنا منه، فكلمه وجعل يجيبه بخلاف ما يسأله عنه، فقال له رجل من أهله: إن أردت أن يكلمك كلاماً صحيحاً، فاذكر له ليلى، فقال له نوفل: أتحب ليلى ؟ قال: نعم ! قال: فحدثني حديثك معها ! قال: فجعل ينشده شعره فيها، ويقول:

وَشُغِلتُ عن فَهمِ الحَديثِ سوَى

ما كانَ فيكِ، وَأنتمُ شُغلي

وَأُدِيمُ نَحْوَ مُحَدِّثي لِيَرَى

أنْ قد فَهِمتُ، وَعِندكُم عَقلي

وأنشد أيضاً:

سَرَتْ في سَوَادِ القَلبِ حتى إذا انتهَى

بها السَّيرُ وَارْتادت حِمى القلبِ حلَّتِ

فلِلعَينِ تَهمالٌ إذا القَلبُ مَلَّهَا،

وَللقَلبِ وَسوَاسٌ إذا العَينُ مَلَّتِ

وَوَاللهِ ما في القلبِ شيءٌ من الهَوَى

لأخرَى سِواهَا أكثرَتْ أمْ أقَلَّتِ

وأنشد أيضاً:

ذكَرْتُ عَشِيَّةَ الصّدَفَيْنِ لَيلى،

وكلّ الدَّهرِ ذِكرَاهَا جَدِيدُ

عليَّ ألِيَّةٌ إنْ كُنتُ أدْرِي

أيَنقُصُ حبُّ لَيلى أمْ يَزيدُ

فلما رأى نوفل ذلك منه أدخله بيتاً، وقيده، وقال: أعالجه، فأكل لحم ذراعيه وكفيه، فحله، وأخرجه، فكان يأوي مع الوحوش، وكانت له داية ربته صغيراً فكان لا يألف غيرها، ولا يقرب منه أحد سواها، فكانت تخرج في طلبه في البادية وتحمل له الخبز والماء، فربما أكل بعضه، وربما لم يأكل، فلم يزل على ذلك حتى مات. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي