مصارع العشاق/المطبوع على الكرم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المطبوع على الكرم

أخبرنا أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري، حدثنا أبو القاسم الصائغ، حدثني أسد بن خالد، حدثني قبيصة بن عمر بن حفص المهلبي عن أبي عبيدة النحوي قال:كنا نأتي رؤبة بن العجاج، فربما أعوزنا مطلبه فنطلبه في مظانه، وكان للحارث بن سليم الهجيمي، وهو أبو خالد بن الحارث، مجلس يؤلف، وكان رؤبة ربما أتاه، فطلبته يوماً، فأتيت مجلس الحارث، فتحدث القوم، وتحدث الحارث قال:شهدت مجلس أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك، فأتى سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، فقال يا أمير المؤمنين ! أتيتك مستعدياً.فقال: على من ؟ قال: موسى شهوات.قال: وما له ؟ قال: سمع بي، واستطال في عرضي، قال: يا غلام ! علي بموسى ! فأتي به، فقال أمير المؤمنين: سمعت به واستطلت في عرضه.قال: ما فعلت هذا يا أمير المؤمنين، ولكني مدحت ابن عمه، فغضب هو.قال: وما ذاك ؟ قال:يا أمير المؤمنين علقت جاريةً لم تبلغ ثمنها جدتي، فأتيته، وهو صديقي، فشكوت ذلك إليه، فلم أصب عنده في ذلك شيئاً، فأتيت ابن عمه سعيد بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فشكوت إليه ما شكوت إلى ذلك.قال: تعود إلي، فتركته ثلاثاً ثم أتيته، فسهل من أمري، فما استقر المجلس حتى قال: يا غلام ! قل لقيمي وديعتي ! ففتح باباً بين بابين، فإذا أنا بجارية، فقال لي: هذه بغيتك ؟ قلت: نعم ! فداؤك أبي وأمي ! قال: اجلس ! يا غلام قل لقيمي ظبية نفقتي.فأتي بظبية فنثرت بين يديه، فإذا فيها مائة دينار، وليس فيها غيرها، فردت في الظبية ثم قال: عتيدتي التي فيها طيبي ! فأتي بها، فقال: ملحفة فراشي ! فأتي بها، فصير ما في الظبية وما في العتيدة في حواشي الملحفة، وقال لي: شأنك بهواك، واستعن بهذا عليه. قال فقال أمير المؤمنين: فذاك حين تقول ماذا ؟ فقال:

أيا خالداً ! أعني سعيدَ بنَ خالدٍ

أخا العُرْفِ لا أعني ابنَ بنتِ سعيدِ

وَلكِنّني أعني ابنَ عائِشَةَ الّذي

أبُو أبَوَيْهِ خَالِدُ بنُ أَسيدِ

عقيدُ الندى ما عاشَ يَرْضَى به الندى

فإنْ ماتَ لم يرضَ النّدَى بعَقيدِ

دَعوهُ دَعُوهُ إنّكم قد رَقَدتُمُ،

وَما هوَ عن أحسابكمْ برَقُودِ

قال: فقال: يا غلام علي بسعيد بن خالد ! فأتي به، فقال: يا سعيد ! أحق ما وصفك به موسى ؟ قال: وما هو، يا أمير المؤمنين ؟ فأعاد عليه، فقال: قد كان ذلك، يا أمير المؤمنين.قال: فما طوقك ذاك ؟ قال: الكلف.قال: فما حملتك الكلف ؟ قال: دين، والله يا أمير المؤمنين، ثلاثين ألف دينار، قال: قد أمرت لك بها وبمثلها وبمثلها، وثلث مثلها. فلقيت سعيد بن خالد، بعد حين، فأخذت بعنان دابته، فقلت: بأبي وأمي ! ما فعل المال الذي أمر لك بن سليمان أمير المؤمنين.قال: ما علمك به ؟ قال: كنت حاضر المجلس يومئذ.قال: والله ما استطعت أن أملك منه ديناراً ولا درهماً، قال: فما اغتاله ؟ قال: خلةٌ من صديق أو فاقةٌ من ذي رحم.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي