مصارع العشاق/المملوك المالك

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المملوك المالك

أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي قراءة عليه، في سنة ست وثلاثين وأربع مائة، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني، حدثنا محمد بن يحيى الصولي، حدثنا الحسين بن يحيى الكاتب، أخبرني عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع قال:حلف الرشيد لا يدخل إلى جارية له أياماً، وكان لها مكان من قلبه، فمضت الأيام، ولم تسترضه، فأحضر جعفر بن يحيى، وعرفه الخبر، وأنشده شعراً عمله، وقال: أجزه لي، والشعر:

صَدّ عَنّي إذْ رَآني مُفتَتَنْ،

وَأَطَالَ الصّدَّ لمّا أنْ فَطَنْ

كانَ مَملُوكي، فأضحَى مالكي،

إنّ هذا مِنْ أعَاجِيبِ الزّمَنْ

فقال له جعفر بن يحيى: إن أبا العتاهية محبوس، بلا جرم، وهو أقدر الناس على أن يأتي بشيء مليح، قال: وجه البيتين إليه، وقل له أجزهما بما يشابههما، فلما قرأهما أبو العتاهية كتب تحتهما:

ضَعُفَ المِسكينُ عن تِلكَ المِحَنْ

بهَلاكِ الرّوحِ مِنهُ وَالبَدنْ

وَلَقَدْ كُلّفَ شَيئاً عَجَباً

زَادَ في النَكبةِ وَاستَوْفَى المِحَنْ

قِيلَ: فَرّحنَا، وَيَأبى فَرَحٌ

أنْ يُؤاتِينيَ مِنْ بَيتِ الحَزَنْ

فلما قرأ الأبيات استحسنها الرشيد، وأمر بإطلاقه وصلته، وقال: صدق، والله، احضروه، فحضر، فقال: أجز بيتيّ ! فقال: الآن طاب القول، وأطاع الفكر، وأنشد:

عِزّةُ الحُبّ أرَتْهُ ذِلّتي،

في هَوَاهُ، وَلهُ وَجهٌ حَسَنْ

فَلِهَذا صِرْتُ مَملُوكاً لَهُ،

وَلِهَذا شَاعَ أمرِي وَعَلَنْ

فقال الرشيد: جئت، والله، بما في نفسي، وأطلقه وزاد في صلته.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي