مصارع العشاق/بشار يصف مجلس غناء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

بشار يصف مجلس غناء

أخبرنا الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا العباس بن الفضل الربعي، حدثنا إسحق بن إبراهيم الموصلي قال:كان بالبصرة لرجل من آل سليمان بن علي جارية، وكانت حسناء بارعة الظرف والجمال، وكان بشار بن برد صديقاً لمولاها ومداحاً له، فحضر مجلسه، والجارية تغنيهم، فشرب مولاها وسكر ونام، ونهض للانصراف من كان بالحضرة، فقالت الجارية لبشار: أحب أن تذكر مجلسنا هذا في قصيدة وترسلها إلي على أن لا تذكر فيها اسمي ولا اسم سيدي، فقال بشار، وبعث بها مع رسوله إليها:

وَذاتِ دَلٍّ كَأنّ الشمسَ صُورَتُها،

بَاتَتْ تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سكرَانَا

إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ

قَتَلْنَنَا ثمّ لا يُحيِينَ قَتلانَا

فقلتُ: أحسَنتِ يا سؤلي ويَا أمَلي،

فَأسمِعِيني، جَزَاكِ اللهُ إحسَانَا

يا حَبّذا جَبَلُ الريّانِ من جَبَلٍ ؛

وَحَبّذا سَاكِنُ الريّانِ مَن كانَا

قالت: فهلاّ، فدَتكِ النفسُ، أحسن من

هذا لمَن كان صبّ القَلبِ حَيرَانَا

يا قَوْمُ أُذني لبَعضِ الحيّ عاشِقَةٌ

وَالأذنُ تَعشَقُ قبلَ العَينِ أحيانَا

فقلتُ: أحسَنتِ ! أنتِ الشمسُ طالعةً،

أضرَمتِ في القَلبِ وَالأحشَاءِ نِيرَانَا

فَأسمِعينا غِنَاءً مُطْرِباً هَزَجاً،

يزِيدُ صَبّاً مُحِبّاً فِيكِ أشجَانَا

يا لَيتني كُنتُ تُفّاحاً مُفَلَّجَةً،

أو كُنتُ من قُضُبِ الرّيحانِِ رَيحَانَا

حَتى إذا وَجَدَتْ رِيحي فأعجَبَها،

وَنحنُ في خَلوةٍ مُثّلتُ إنسَانَا

فحَرّكتْ عودَها، ثمّ انثَنَتْ طَرَباً،

تَشدُو بهِ ثمّ لا تُخفِيهِ كِتمانَا

أصبَحتُ أطوَعَ خَلقِ اللهِ كُلّهِمِ

لأكثرِ الخَلقِ لي في الحُبّ عِصْيَانَا

فقلتُ: أطرَبتَنا يا زَينَ مَجلِسِنَا،

فَغَنِّنَا أنتِ بالإحسَانِ أوْلانَا

فَغَنّتِ الشَّرْبَ صَوْتاً مُونَقاً رَمَلاً

يُذكي السّرُورَ وَيُبكي العَينَ ألوَانَا

لا يَقتُلُ اللهُ مَنْ دامَتْ مَوَدّتُهُ،

وَاللهُ يَقتُلُ أهلَ الغَدرِ أحيَانَا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي