مصارع العشاق/دواء المحبين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

دواء المحبين

أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين البزاز، حدثنا محمد بن عبد الله القطيعي، حدثنا الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثني إبراهيم بن عبد الملك قال:قدمت شعوانة وزوجها مكة، فجعلا يطوفان ويصليان، فإذا كل الرجل وأعيا، جلس، وجلست خلفه، فيقول هو في جلوسه: أنا العطشان من حبك لا أروى، وتقول هي بالفارسية: أنبت لكل داء دواء في الجبال، و في الجبال لم ينبت.

يستحي من الله

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت إن لم يكن سماعاً فإجازة، أخبرنا علي بن أيوب،حدثنا محمد بن عمران قال:حكي عن أبي مسلم الخشوعي أنه نظر إلى غلام جميل، فأطال ثم قرأ: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، سبحان الله، ما أهجم طرفي على مكروه نفسه، وأدمنه على سخط سيده، وأغراه بما قد نهى عنه، وألهجه بالأمر الذي قد حذر منه، لقد نظرت إلى هذا نظراً لا أحسب إلا أنه سيفضحني عند جميع من قد عرفني في عرصة القيامة، ولقد تركتني نظري هذا، وأنا أستحيي من الله، سبحانه، وغن غفر لي.ثم صعق.

محبو الله أحياء وإن قبروا

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن شكر الخياط، حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن بمكة، حدثنا علي بن إبراهيم النقاش، سمعت أبا القاسم بن مردان، سمعت أحمد بن عيسى الحراز يقول:دعتني امرأة غسل ولدها، ذكرت أنه أوصى بذلك، فلما كشفت عن الثوب قبض على يدي، فقلت: يا سبحان الله ! حياة بعد موت ؟ فقال: يا أبا سعيد إن المحبين لله تعالى أحياء وإن قبروا.

العباد على ثلاث منازل

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي الخياط الشيخ الصالح، رحمه الله، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد الهمذاني بمكة في المسجد الحرام، حدثنا الخالدي، سمعت ابن مسروق يقول:بلغنا عن حيان القيسي أنه قال: العباد مع الله تعالى ثلاث منازل:قوم يضن بهم عن البلاء لئلا يسترق الجزع سرهم، فتكون هذه حكمة، أو يكون في صدورهم حرج من قضائه، وقوم يضن بهم عن مساكنة أهل المعاصي لئلا تغنم قلوبهم، فمن أجل ذلك سلمت صدورهم للعالم، وقم صب عليهم البلاء صباً، فما ازدادوا له إلا حباً.

تاه تفي حب الله

أخبرنا عبد العزيز بن علي، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا الحسنبن يحيى بن حميوه، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثني إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن الحسن البلخي عن إبراهيم بن أدهم قال:وجدت يوماً راحة، وطاب قلبي لحسن صنع الله بي واختياره لي، فقلت: اللهم إن كنت أعطيت أحداً من المحبين لك ما أسكنت به قلوبهم قبل لقائك، فأعطني ذلك، فلقد أضر بي القلق.قال: فرأيت الله، تبارك وتعالى، في النوم، فوقفني بين يديه، وقال: يا إبراهيم ! ما استحييت مني، تسألين أن أعطيك ما يسكن به قلبك قبل لقائي، وهل يسكن قلب المشتاق إلى غير حبيبه أم هل يستريح المحب إلى غير من اشتاق إليه ؟ فقلت: يا رب ! تهب في حبك، فلم أدر ما أقول.

عمر والزاني القتيل

أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا أبو بكر محمد بن خلف المحولي، حدثنا أبو الفضل أحمد بن ملاعب، أخبرني محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا علي بن مسهر عن أبي عاصم الثقفي عن الشعبي قال:كان أخوان من الأنصار، فخرج أحدهما في بعث، وتخلف الآخر عند امرأة أخيه.فقالت امرأة المقيم له: أشعرت أن امرأة أخيك يختلف إليها رجل.قال لها: فإذا جاء فأعلميني، فلما جاء أخبرته، وبينها وبينه حائط، فوضعت له سلماً، فصعد، فأشرف، فإذا هو بامرأة أخيه توقد له ناراً، وتشوي له دجاجة، وهو يقول:

وَأشعَثَ غَرّةٌ الإسلامُ مني،

خَلَوْتُ بعِرْسِهِ لَيلَ التَّمامِ.

أبِيتُ على تَرَائِبها، وَيُمسي

على جَرْداءَ لاحِقَةِ الحزَامِ.

كأنّ مجَامعَ الرَّبلاتِ مِنها،

نِيَامٌ يَنهَضُونَ إلى قِيَامِ.

فنزل فضربه بالسيف حتى قتله، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فلما أصبح قام خطيباً فقال: أنشد الله والإسلام رجلاً عند علم من هذا المقتول إلا أنبأ به.فقام إليه رجل فقص عليه القصة وأخبره بقوله.فقال عمر: أبعده الله وأسحقه.

نصر بن حجاج وامرأة السلمي

وجدت بخط أحمد بن محمد بن علي الأبنوسي، حدثنا أبو محمد علي بن عبد الله بن المغيرة، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن أحمد الواسطي، حدثني إبراهيم بن الربيع، حدثني سماك بن عطية قال:لما قدم نصر بن حجاج البصرة نزل على مجاشع بن مسعود السلمي، فبينما هو ليلةً يتحدث هو وامرأته كتب على رمل هم عليه قعود: أنا أحبك.قال: فكتبت هي: وأنا كذلك، فدعا بإجانة، ووضعها على الكتابة، فلما أصبح دعا غلامه، فقال: أي شيء هذا ؟ قال: أنا أحبك، وأنا كذلك، فدعاها ودعاه، وقال لها: ضميه إلى صدرك يذهب عنكما ما أنتما فيه.

ضحيتا الهوى

وجدت بخط أبي عمر بن حيويه ونقلته منه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان،أخبرني صالح بن يوسف المحاربي قال: أخبرني أبو عثمان المازني، أخبرنا العتبي عن شبابة بن الوليد العذريأن فتىً من بني عذرة، يقال له أبو مالك بن النضر، كان عاشقاً لابنة عم له عشقاً شديداً، فلم يزل على ذلك مدة، ثم إنه فقد بضع عشرة سنة، ولم يحس له خبر. قال شبابة بن الوليد: فضلت إبل لي، فخرجت في طلبها، فبينا أنا سير في الرمال إذا بهاتف يهتف بصوت ضعيف، وهو يقول:

يا ابنَ الوَليدِ ألا تحمونَ جارَكمُ،

وَتَحفَظُونَ لَهُ حَقّ القَرَابَاتِ.

عَهدي إذا جارُ قَوْمٍ نابَهُ حَدَثٌ

وَقَوْهُ مِنْ كلّ أضرَارِ المُلِمّاتِ.

هذا أبو مَالك المُمْسَى بِبَلْقَعَةٍ،

مَعَ الضّبَاعِ وَآسَادٍ بِغَابَاتِ.

طَلِيحُ شَوْقٍ بِنَارِ الحُبّ محترِقٌ

تَعْتَادُهُ زَفَرَاتٌ إثْرَ لَوْعَاتِ.

أمّا النّهَارُ فَيُضْنِيهِ تَذَكّرُهُ،

وَاللّيلُ مرْتَقِبٌ للصّبحِ هل يأتي ؟

يهذي بجارِيةٍ من عُذْرَةَ اختَلَسَتْ

فُؤادَهُ، فَهْوَ مِنْهَا في بَلِيّاتِ.

فقلت: دلني عليه، رحمك الله، فقال: نعم، اقصد الصوت، فلما قصدت غير بعيد سمعت أنيناً من خباء فأصغيت إليه، فإذا قائل يقول:

يَا رَسِيسَ الهَوَى أذَبتَ فُؤادِي،

وَحَشَوْتَ الحَشَا عَذاباً ألِيمَا.

فدنوت منه، فقلت: أبو مالك ؟ قال: نعم ! قلت: ما بلغ بك ما أرى ؟ قال: حبي سعاد ابنة أبي الهيذم العذري، فشكوت يوماً إلى ابن عم لنا من الحي ما أجد من بها، فاحتملني إلى هذا الوادي، منذ بضع عشرة سنة، ويأتيني كل يومٍ بخبرها، ويقوتني، حفظه الله، من عنده.فقلت له: إني أصير إلى أهلاه، فأخبرهم بما رأيت، قال: أنت وذاك. فانصرفت، وصرت إلى أهل الجارية، فخبرتهم بحال الفتى، وما رأيت منه، وحدثتهم حديثه، فرقوا له فزوجوه بحضرتي، ورجعت إليه عامداً لأفرج عنه لما رأيت منه، فلما أخبرته الخبر، حدد النظر إلي، ثم تأوه تأوهاً شديداً بلغ من قلبي، ثم انشأ يقول:

الآنَ إذ حَشْرَجتْ نَفسِي وَحاصرَها

فِرَاقُ دُنْيا، وَنَادَاهَا مُنَاديها.

ثم زفر زفرةً، فمات، فدفنته في موضعه ثم انصرفت فأعلمتهم الخبر، فأقامت الجارية ثلاثاً لا تطعم طعاماً ثم ماتت.

غصص الموت

أخبرنا أبو محمد الحسن علي الجوهري، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري:أنشدني أبي عن بعض أصحابه لأبي نواس:

إنّ في وَصْلِ مَنْ أُحبّ دَوَائي،

وَبِكَفَّيْهِ، إنْ أحَبَّ، شِفَائي.

إنْ أمُتْ ضَيْعَةً، فَلَم أجنِ ذَنباً،

من حَبِيب أمَاتَ حُسنَ عَزَائي.

كُلَّ يَوْمٍ يُذِيقُني غُصَصَ المَوْ

ت بِصَدٍّ يُرِيشُهُ بِالجَفَاءِ.

الدماء المطلولة

ولي من أثناء قصيدة كتبتها إلى بعض الأدباء:

كم دَمٍ للعُشّاقِ أُهرِيقَ بالهَج

رِ إلى رُكْنِ كَعْبَةٍ غَرّاءِ.

وَدِمَاءُ العُشّاقِ مَطْلُوَلةٌ لَيْ

سَ لَهَا، فَاعلمُوهُ، من أوْلِيَاءِ.

سَلْ بِمَجْنُونِ عَامِرٍ وَأخي عُذْ

رَةَ، مَا كانَ مِنهُ مَع عفرَاءِ.

وَجَمِيلٍ وَقَيْسِ لُبْنى، وَغَيْلا

نَ، وَخَلْقٍ يَفُوتُهُمْ إحْصَائي.

ولي أيضاً من أثناء قصيدة مدحت بها بعض الرؤساء بالإسكندرية:

فلله ما أبقى الهوى من حشاشةٍ

بها للنوى داء يعز دواه.

قلبٍ رماه البين يوم فراقهم

بسهم وما أخطاه حين رماه.

ولي من اثناء قصيدة:

وَكَمْ مِنْ لَيْلَةٍ بِالرّمْلِ بِتْنَا

كَأنّا إلْدةٌ فَوْقَ الحَشَايَا.

إذا ابتَسَمَتْ، وَسِتَرُ اللّيلِ مُرْخىً،

أضَاءَ لَنَا الدّجَى بَرْقُ الثّنَايَا.

نُدِيرُ حَدِيثَ مَنْ قَتَلَتهُ خَوْدٌ،

وَمَنْ في الحُبّ نَالَتْهُ الرَزَايَا.

كَمجنُونٍ وَقَيسٍ قَيسِ لُبْنى،

وَمَن أبْدَى لَهُ الحُبُّ الخَبَايَا.

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي