مصارع العشاق/زوجتان من الحور العين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

زوجتان من الحور العين

أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان قراءة عليه، غير مرة، في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي إملاء قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا الحسن بن عبد العزيز عن الحارث عن ابن وهب قال:حدثني بكر بن مضر أن عبد الكريم بن الحارث حدثه عن رجل أنهم كانوا مرابطين في حصن، فخرج رجلان إلى الجيش، فقال أحدهما لصاحبه: هل لك أن تغتسل لعل الله أن يعرضنا للشهادة ؟ فقال صاحبه: ما أريد أن أغتسل، فاغتسل صاحبه، فلما فرغ سقط حجر من الحصن فأصاب الرجل، فمررت بهم، وهم يجرونه إلى خيامهم، فسألتهم ما شأنه ؟ فأخبروني الخبر، فانصرفت إلى أصحابي، ثم رجعت إليهم، فأقمت عندهم، وهم يشكون هل مات أو عاد إليه الروح. فبينا هو كذلك إذ ضحك فقلنا: إنه حي، ث مكث ملياً، ثم ضحك، ثم مكث ملياً، ثم بكى، ففتح عينيه.فقلنا: ابشر يا فلان، فلا بأس عليك، لقد رأينا منك عجباً، كنا نظن أنك قد مت إذ ضحكت، ثم مكثت ملياً.قال: إني لما أصابني ما اثابني أتاني رجل فأخذ بيدي فمضى بي إلى قصر من ياقوتةٍ، فوقف بي على الباب، فخرج إلي غلمان مشمرين لم أر مثلهم، فقالوا: مرحباً بسيدنا ! فقلت: من أنتم، بارك الله فيكم ؟ قالوا: نحن خلقنا لك. ثم مضى بي حتى أتى بي قصراً آخر، وخرج إلي منه غلمان مشمرين هم أفضل من الأولين فقالوا: مرحباً وأهلاً بسيدنا ! فقلت: من أنتم، بارك الله فيكم ؟ فقالوا: محن خلقنا لك. ثم مضى بي إلى بيت لا أدري من ياقوت أو زبرجدٍ أو لؤلؤ، فخرج إلي غلمان مشمرين سوى الأولين فقالوا مثل ما قال الأولون، وقلت لهم مثل ذلك، فوقف بي على باب البيت، فإذا بيت مبسوط فيه فرش موضوعة بعضها فوق بعض ونمارق مبسوطة، فأدخلني البيت، وفيه بابان، فألقيت نفسي بين الوسادتين، فقال: أقسمت عليك إلا ألقيت نفسك فوق هذه الفرش، فإنك قد نصبت في يومك هذا.فقمت فاضطجعت على تلك الفرش على وطاء لم أضع جنبي على مثله قط. فبينا أنا كذلك إذ سمعت حساً من أحد البابين، فإذا أنا بامرأة لم أر مثل جمالها، وعليها حلي وثياب لم ار مثلها، وأقبلت حتى وقفت علي، ولم تتخط تلك النمارق، ولكن أقبلت بين السماطين حتى وقفت وسلمت، فرددت عليها السلام.فقلت: من أنت، بارك الله فيك ؟ فقالت: أنا زوجتك من الحور العين، فضحكت فرحاً بها، فأقامت تحدثني، وتذكرني أمر نساء أهل الدنيا، كأن ذلك معها في كتاب. فبينا أنا كذلك إذا سمعت حساً من الشق الآخر، فإذا أنا بامرأة لم أر مثلها ولا مثل حليها وجمالها، فأقبلت، حتى وقفت كنحو ما صنعت صاحبتها، ثم مكثت تحدثني، فأقصرت الأخرى، فأهويت بيدي إلى أحداهما، فقالت: تأن لم يأن لك، إن ذلك مع صلاة الظهر، فما أدري أقالت ذلك أم رمي بي إلى صحراء، فلم أر منهم أحداً، فبكيت عند ذلك. فقال الرجل: فما صليت الظهر أو عند الظهر، حتى قبضه الله، عز وجل.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي