مصارع العشاق/صاحب يساوي الخلافة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

صاحب يساوي الخلافة

أخبرنا أبو علي بن محمد الحسين الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا الفضل بن العباس أبو الفضل الربعي، حدثنا إبراهيم بن عيسى الهاشمي قال:قال علويه: أمرني المأمون وأصحابي أن نغدو إليه لنصطبح، فغدوت، فلقيني عبد الله بن إسماعيل صاحب المراكب.فقال: يا أيها الرجل الظالم المتعدي ! أما ترحم ولا ترق ولا تستحي من عريب ؟ هي هائمة بك. قال علويه: وكانت عريب أحسن الناس وجهاً، وأظرف الناس وأحسن غناء مني ومن صاحبي مخارق، فقلت له: مر حتى أجيء معك، فحين دخلنا قلت له: استوثق من الأبواب، فإني أعرف الناس بفضول الحجاب، فأمر بالأبواب فأغلقت ودخلت، فإذا عريب جالسة على كرسي، وبين يديها ثلاث قدور زجاج، فلما رأتني قامت إلي، فعانقتني، وقبلتني، وأخلت لسانها في فمي. قالت: ما تشتهي تأكل ؟ قلت: قدراً من هذه القدور، فأفرغت قدراً منها بيني وبينها، فأكلنا.ثم دعت بالنبيذ، فصبت رطلاً، فشربت نصفه، وسقتني نصفه، فما زلنا نشرب حتى سكرنا، ثم قالت: يا أبا الحسن ! أخرجت البارحة شعراً لأبي العتاهية فاخترت منه شيئاً.قلت: ما هو ؟ قالت:

وَإني لمُشتَاقٌ إلى ظِلّ صَاحِبٍ

يَرِقُّ ويَصفُو إنْ كَدُرْتُ عَلَيهِ

عذيرِي من الإنسانِ ! لا إنْ جَفَوتُه

صَفَا لي، وَلا إنْ كنتُ طَوْعَ يَدَيهِ

فصيرناه مجلسنا، فقالت: بقي فيه شيء، فأصلحه ! قلت: ما فيه شيء.قالت: بلى، في موضع كذا، فقلت: أنت أعلم، فصححناه جميعاً، ثم جاء الحجاب، وكسروا الباب، واستخرجت، فأدخلت على المأمون، فأقبلت أرقص من أقصى الصحن، وأصفق بيدي، وأغني الصوت، فسمع وسمعوا ما لم يعرفوه، فاستطرفوه، فقال المأمون: ادن يا علويه ! فدنوت، فقال: رد الصوت ! فرددته سبع مرات، فقال: أنت الذي تشتاق إلى ظل صاحب يروق ويصفو إن كدرت عليه ؟ فقلت: نعم ! فقال خذ مني الخلافة، وأعطني هذا الصاحب بدلها. وسألني عن خبري، فأخبرته، فقال: قاتلها الله، فهي أجل أبزار من أبازير الدنيا.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي