مصارع العشاق/عاشق جارية أخته

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عاشق جارية أخته

أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، حدثنا أبو بكر بن المرزبان إجازة، حدثني محمد بن علي عن أبيه علي بن ابن دأب قال:عشق جاريةً لأخته، وكان سبب عشقه إياها أنه رآها في منامه فأصبح مستطاراً عقله ساهياً قلبه، فلم يزل كذلك حيناً لا يزداد إلا حباً ووجداً، حتى أنكر ذلك أهله وأعلموا عمه عما كان له، فسأله عن حاله، فلم يقر له بشيء، وقال: علة أجدها في جسمي، فدعا له أطباء الروم، فعالجوه بضروب من العلاج، فلم يزده علاجهم له إلا شراً، وامتنع من الطعام والكلام، فلما رأوا ذلك منه اجتمعوا على أن يوكلوا به امرأةً، فتسقيه الخمر حتى يبلغ منه دون السكر، فإن ذلك يدعوه إلى الكلام والبوح بما في نفسه، فعزم رأيهم على ذلك وأعلموا عمه ما اتفقوا عليه، فبعث إليه بقينة يقال لها حمامة، ووكل به حاضنةً كانت له، فلما أن شرب الفتى غنت الجارية قدامه، فأنشأ يقول:

دَعوني لما بي وَانهَضوا في كَلاءةٍ

من اللهِ، قد أيقَنتُ أن لَستُ باقِيَا

وَأن قد دَنا مَوتي وحانَت منيّتي،

وَقد جَلَبت عَيني عليّ الدوَاهِيا

أمُوتُ بشَوْقٍ في فُؤادي مُبرِّحٍ

فَيَا وَيْحَ نَفسِي مَن به مثلُ ما بيَا

قال: فصارت الحاضنة والقينة إلى عمه، فأخبرتاه الخبر، فاشتدت له رحمته، فتلطف في دس جارية من جواريه إليه، وكانت ذات أدب وعقل، فلم تزل تستخرج ما في قلبه حتى باح لها بالذي في نفسه، فصارت السفيرة فيما بينه وبين الجارية، وكثرت بينهما الكتب، وعلمت أخته بذلك فانتشر الخبر، فوهبتها له فبرأ من علته، وأقام على أحسن حال.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي