مصارع العشاق/عمر وابن الشيخ الأنصاري

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عمر وابن الشيخ الأنصاري

أخبرنا أبو طاهر بن السواق قال: حدثنا محمد بن فارس قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الزبيبي قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال:قال عمر بن الخطاب: لا أهدر دم أحد من المسلمين.وإنه أتي يوماً بفتىً أمرد قد وجد قتيلاً ملقىً على وجه الطريق.فسأل عمر عن أمره واجتهد فلم يقف له على خبر، ولم يعرف له قاتل.فشق ذلك عليه، وقال: اللهم أظفرني بقاتله، حتى إذا كان رأس الحول أو قريباً من ذلك وجد صبي مولود ملقىً بموضع القتيل، فأتي به عمر، رحمة الله عليه، فقال: ظفرت بدم المقتول، إن شاء الله، فدفع الصبي إلى امرأة وقال لها: قومي بشأنه، وخذي منا نفقته، وانظري من يأخذه منك، فإذا وجدت امرأة تقبله وتضمه إلى صدرها، فأعلميني بمكانها. فلما شبّ الصبي، وطاب، جاءت جارية فقالت للمرأة: إن سيدتي بعثتني إليك، لتبعثي بالصبي لتراه، والمرأة معها، حتى دخلت على سيدتها، فلما رأته أخذته فقبلته وضمته إليها، وإذا هي بنت شيخ من الأنصار من أصحاب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبرت عمر خبر المرأة، فاشتمل عمر على سيفه، ثم أقبل إلى منزلها، فوجد أباها متكئاً على باب داره فقال: يا أبا فلان ! ما فعلت ابنتك فلانة ؟ قال: يا أمير المؤمنين جزاها الله خيراً، هي من أعرف الناس بحق الله تعالى، وحق أبيها، مع حسن صلاتها وصيامها، والقيام بدينها.فقال عمر: قد أحببت أن أدخل عليها فأزيدها رغبةً في الخير وأحثها على ذلك.فقال الشيخ: جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين ! فقال له: امكث مكانك حتى أرجع إليك. فاستأذن عمر عليها، فلما دخل أمر عمر كل من كان عندها بالخروج، فخرجوا عنها، وبقيت هي وعمر في البيت ليس معهما أحد، فكشف عمر عن السيف فقال: لتصدقني، وكان عمر لا يكذب، فقالت: على رسلك يا أمير المؤمنين، على الخبير وقعت، فوالله لأصدقن: إن عجوزاً كانت تدخل علي، فاتخذتها أماً، وكانت تقوم من أمري بما تقوم به الوالدة، وكنت لها بمنزلة البنت، فأمضت بذلك حيناً، ثم إنها قالت: يا بينة إنه قد عرض لي سفر، ولي بنت في موضع أتخوف عليها فيه أن تضيع، وقد أحببت أن أضمها إليك، حتى أرجع من سفري، فعمدت إلى ابن، كان لها، شاب أمرد فهيأته كهيأة الجارية، وأتتني به، وأنا لا أشك أنه جارية، فكان يرى مني ما ترى الجارية من الجارية، حتى اغتفلني يوماً وأنا نائمة، فما شعرت حتى علاني وخالطني، فمددت يدي إلى شفرة كانت إلى جنبي فقتلته، ثم أمرت به فألقي حيث رأيت، فاشتملت منه على هذا الصبي، فلما وضعته ألقيته في موضع أبيه، فهذا والله خبرهما على ما أعلمتك. فقال لها عمر، رحمة الله عليه: صدقت بارك الله فيك ! ثم أوصاها ووعظها، ودعا لها، وخرج من عندها، وقال لأبيها: بارك الله في ابنتك، فنعم الابنة ابنتك، وقد وعظتها وأمرتها.فقال له الشيخ: وصلك الله يا أمير المؤمنين، وجزاك خيراً عن رعيتك !.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي