مصارع العشاق/فتاة مراد وخطيبها البكري

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

فتاة مراد وخطيبها البكري

أخبرنا أبو الحسن علي نب صالح بن علي الروذباري بقراءتي عليه بمصر قال: أخبرنا أبو مسلم الكاتب في ما اجاز لنا قال: حدثنا ابن دريد قال: حدثنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال:خطب رجل من بكر بن وائل إلى رجل من مراد ابنته فهم أن يزوجه، فبينا الجارية يوماً تلعب مع الجواري، إذ جاء الخاطب فقلن لها: هذا خاطبك ؟ فقالت: ما رجل هو أحب إلي أن أكون قد رأيته منه.فلما رأته رأت رجلاً كبير السن قبيح الوجه، فقالت: أوقد رضي أبي به ؟ قلن: نعم ! فدخلت البيت، فاشتملت على السيف وشدت عليه، فسبقها عدواً، ونالته بضربةٍ، فقال همام السلولي، وهو يشبب بامرأة:

أخافُ بِأنْ تجزي المُحِبَّ كمَا جَزَتْ

فتاةُ مُرادٍ شَيخَ بَكرِ بنِ وائِلِ.

فَلَوْ لم يَرُغْ رَوْغَ الحَيارَى تَفَتّحَتْ

ذَوَائِبُه مِنْهَا بِأبْيَضَ قَاصِلِ.

ولا ذَنبَ للحَسنَاءِ لمّا بدا لها

ضعيفٌ كخيطِ الصّوفِ رِخوَ المفاصِلِ.

التبسم النمام

أخبرني أبو عبد الله بن أبي نصر الأندلسي بدمشق قال:أنشد بحضرة بعض ملوك الأندلس قطعةٌ لبعض أهل المشرق وهي:

وَمَاذا عَلَيهِم لوْ أثَابُوا فَسَلّمُوا،

وقَد عَلِموا أني المشوقُ المُتَيَّمُ.

سرَوا ونجُومُ الليْلِ زُهْرٌ طَوَالِعٌ

عَلى أنّهُم بالليْلِ للنّاسِ أنجُمُ.

وأخفَوا عَلى تِلْكَ المَطايا مَسيرَهُمْ،

فَنَمّ عَلَيهِم في الظلامِ التبَسّمُ.

فافرط بعض الحاضرين في استحسانها، وقال: هذا ما لا يقدر أندلسي على مثله، وبالحضرة أبو بكر يحيى بن هذيل فقال بديهاً:

عَرَفتُ بِعَرْفِ الرّيحِ أين تَيَمّموا،

وأينَ استقلّ الظاعِنونَ وخَيّموا.

خَلِيلَيّ ردّاني إلى جانِبِ الحمى،

فَلَستُ إلى غَيرِ الحِمى أتَيَمّمُ.

أبيت سَميرَ الفَرْقَدَينِ كَأنّمَا

وسادي قَتادٌ، أو ضجيعي أرْقَمُ.

وأحوَرَ وسنَانِ الجفونِ كأنّه

قضيبٌ مِنَ الرَّيحانِ لدنٌ مُنَعَّمُ.

نَظَرْتُ إلى أجْفَانِهِ أوّلَ الهَوَى

فَأيْقَنْتُ أني لَستُ مِنُهنّ أسْلَمُ.

كما أنّ إبرَاهِيمَ أوّلَ مَرّةٍ

رَأى في الدّرَاري أنّه سوفَ يَسقَمُ.

مي الغادرة

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بم محمد الجوهري في ما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا عمر بن حيويه محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن خلف قال: أخبرني أحمد بن شداد قال: حدثنا عبد الله بن أبي كريم قال: أخبرنا ميسرة بن عبد الله بن الحارث قال: أخبرني أبي قال:كان رجل من بني سليم يقال له عمرو بن مسلم، وكانت له امراة يقال لها مي، وكانت تبغضه، ولم يكن يعلم ذلكن وكان من أشد الناس حباً لها، فدخل عليها ذات يوم، وهي تقرأ في المصحف.فقال: يا مي أسالك بما أنزل الله تعالى في هذا المصحف أتحبينني أو تبغضينني ؟ فقال: لا والله لا أخبرتك إلا أن تعطيني سؤلةً أسألكها.فقال: وأي شيءٍ سؤلتك ؟ قالت: تجعل أمري في يدي.قال: نعم، وظن أنها مازحة، قالت: فلا والله وما أنزل فيه ما أحببتك ساعةً قط.فلما جعل أمرها بيدها اختارت نفسها، فكاد يموت أسفاً عليها، وانشأ يقول:

هَيا ربِّ أدعُوكَ العَشِيّةَ مُخْلِصاً،

دُعاءَ امرِئٍ عمّتْ بلابلُه الصّدرا.

فإنّكَ إن تجمَعْ بِمَيٍّ لُبَانَتي

معَ الناسِ قبل الموت أُحدِثْ لكَ الشُّكْرَا.

فتَجمعْ بها شملَ امرئٍ لم تَدَعْ له

فؤاداً، ولم يُرزَقْ على نأيِها صَبرا.

إلى اللهِ أشكو أنّ مَيّاً تَحَكّمَتْ

بعَقلِيَ مَظلُوماً وَوَلّيتُهَا الأمْرَا.

خطاءٌ مِنَ الرّأيِ الضَعيفِ، ولم يخفْ

لمَيّةَ غدراً، واسْتَخارَتْ بيَ الغَدرا.

وبَاتَتْ تَجُذّ الحَبْلَ بَيَني وَبَيْنَهَا،

هَنيئاً لها إذ حَمّلَتْ نَفسَها الإصرَا.

وَخَانَتْ خَلِيلاً لم يَخُنهَا ولمْ يُرِدْ

بهَا بَدَلاً في الناسِ شَفعاً ولا وِترَا.

عَشِيّةَ ألوي بالرِّداءِ على الحَشَا

كَأنّ قَمِيصي مُشعِلٌ تحتَه جَمْرَا.

عَشِيّةَ أبْكي، والبكى هَوْنُ ما أرَى،

وداعي الفتى عَمراً، وهَيهاتَ لا عَمرا.

فَرِحتُ بِها لَوْلا كِتابٌ وَمُدّةٌ

مؤجَّلَةٌ ما عْشَتُ خَمساً ولا عَشرَا.

تحَسّنَتِ الدنْيَا بِمَيٍّ لَيالِياً

قَلائِلَ ثمّ استبدلَتْ جُرَعاً كُدرَا.

مَرَارَاتُ صابٍ حينَ وَلّتْ وَعَلقَمٌ،

تحَسّيتُ من غُصّاتِها جُرَعاً وحُمْرَا.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي